ليمانيات / د. إدريس ليمان

من وحى الكرامة ..!!

تعيش بلادنا هذه الأيام لحظاتٍ عجيبة هى مزيج من الفرح والحُزن ، والنصر والفقد ، والإحتفال والوجع ، وتعيشُ وعياً بالحرية وبتضحيات أبنائها من أجل أن تُخَلِّد ذاكرة الوجود كرامة الأمة السودانية التى أراد آل دقلو العبث بها وإنتهاكها وإمتهانها .. ولكن هذا الشعب الكريم الأصيل المسلم المسالم الذى يصبر على شظف العيش والمبيت على الطُوَى ، والذى يتحمل معاناة الحياة بشتى صنوفها ومرارتها ، والذى والذى والذى ..!! فإن صَبَر على كل ذلك فإنّه لم ولن يصبر فَوَاق ناقة حين يتعلق الأمر بكرامته .. تلك القيمة الأصيلة التى يُعَدُّ حضورها حضور إنسانية الإنسان ، وغيابها يعنى غياب إنسانيته .!! ومن أجل ذلك قَالَتْ قواتنا المسلحة الباسلة وأجهزتنا الأمنية ومن يقاتلون معهما كلمتها بأفصح لسان وأبلغ بيان بأنه لا مكان بيننا لمن أراد أن يقهر الأبرياء البسطاء ويُهدِر إنسانيتهم ويُخضعهم لحياة الذُّل .. !! ولا وجود بيننا لأنصاف الرجال الذين كانوا مصدر كل تشويه للحقائق فى كل الوسائط موالاةً لتلك الكائنات المتعطشة للدماء ..!!
ولقد سَطَّر أبطال القوات المسلحة والقوات المشتركة والأجهزة الأمنية خلال سنوات الحرب ملحمة أسطورية ستغدوا نموذجاً للتضحية والصبر والصمود .. فلم يختاروا موتاً سهلاً أو رحيلاً صامتاً ..!! بل كان إستشهادهم مُذهلاً ومُكَّلِفَاً للمليشيا لثباتهم وشجاعتهم الأسطورية ومهاراتهم القتالية التى حرمتها السيطرة والإنتصار .. ومزلزلاً لأركان الدويلة التى كانت تُدير المعركة إعلامياً وعملياتياً عبر الأقمار الصناعية .. فهذه المعركة وكرامتها التى سيُخلِّدها التأريخ الإنسانى والعقل الجمعى السودانى شعراً ونثراً وأحاجى تُعدُّ من أقسى المعارك وأشَدُّها على الإطلاق ..!! ومخاضاً شديد الإيلام لولادة الدولة السودانية الجديدة المعافاة من المفاهيم القبيحة والقيم الفاسدة التى تَرَبَّت عليها بعض النفوس المريضة والعقول المشوهة .. فللعواصف أمطارها وبركتها ، وللرياح خيرها .. وكانت سبباً لإخراج كابوس آل دقلو من عقل ووجدان الإنسان السودانى ومن قاموا بتدمير بنيتنا التحتية وتشويه القيم الجمالية المتأصلة فى مجتمعنا السودانى بريشة القُبح وتلوينها بألوان البؤس والإنحطاط الأخلاقى .
لقد أرادت المليشيا وحاضنتها السياسية ( الساقطة أخلاقياً ) ترسيخ أفعالها الأكثر إنحداراً ووحشية ودناءةً وجعلها سلوكاً معتاداً فى حياة الناس فإنقسم الناس فى ظل وجودها إلى أكثرية مقاومة مدافعة عن الأرض والعرض والمثل والقيم العليا ومنكرة لوجودها كأضعف الإيمان .. وأقلية حاملة لجينات التشوه الأخلاقى والعلل النفسية ظَلَّتْ جاثية أمام كومة حصيدها كأن لم تَغنَ بالأمس .. !! فمن نعم الله علينا وكرامات معركة الكرامة إزدياد الوعى المجتمعى الذى كان يِسبح بحمد الثورات ويُقَدِّسُ لها مدحَاً وثناءًا وأهازيجاً وغناءًا ويضعها فى مرتبة أعلى وأعظم من الوطن .. فأضحى الجميع من بعد الكرامة سودانيون فقط يميزون بين الباطل والخبيث .. ولم تبقى من ذكرى أكتوبر سوى ( الملحمة ) ومن إبريل سوى ( الحدائق ) ومن ديسمبر سوى ( السور ) .. أمَّا مكتشفى ( الأكواس والجِسَس ) فمكانهم مزبلة التأريخ الطبيعى .

  • رحم الله شهداء الواجب الوطنى .
  • حفظ الله قواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية وزادهم الله ثباتاً وتوفيقاً .
  • وحفظ الله بلادنا وأهلها من كل سوء .

    الأحد ٢٦ يناير ٢٠٢٥م

اترك رد

error: Content is protected !!