قناة الزرقاء

قناة الزرقاء
ليمانيات / د. إدريس ليمان

وصَارَ الأزرق قانياً ..!!

د . إدريس ليمان
  • كم هو عاثرٌ حظ هذا السودان الذى يتنافس أهله حول الحضيض ويفتقرُ لمن يجنبه الفوضى التى تنتقل بين ولاياته المختلفة .. تارةً فى أقصى الشرق ، وأخرى فى أقصى الغرب ، واليوم فى النيل الأزرق ، ولاندرى على من سيرسوا مزاد الفتنة فى الغد طالما أنّ هنالك من ينقع سُمُّه فى جسد المجتمع ويقتاتُ على زرع بذور الفتنة والفرقة والتنافر ، ويبحثُ عن بواعث الإقتتال لينفُذُوا منه إلى مبتغاهم الخبيث .. فما حدث فى النيل الأزرق يوم أمس وقبله فى الوريفة وثغرنا الباسم ودار أندوكا لأحداث متشابهة فى الأفعال لحد التطابق ماهو إلاَّ تدبيرٌ وتفصيلٌ وحِياكة لوقائع تبدوا عارضة فى ظاهرها ولكنَّها مُقدِّمة لفتنةٍ عظيمة سَيُدوِّنها التاريخ فى سجل الزمن إن لم تتداركنا رحمة الله .. فما نراه الآن من
    تدابُرٍ وتنافُرٍ وشِقاق أمرٌ لم يألفه أهل السودان من قبل رغم الصراعات التقليدية بين بعض مكوناته القَبَليِّة ، ويبدوا أنَّ أخلاقنا لم يبقى من وسمِها إلاَّ ما يَظُنُّه الظمآنُ ماءً وإدِّعاءٌ كاذب ( نحن جِلدَ النَمِلْ سالخِنّوا ) ، وأنَّ نَخوتَنا لم يبقى من رسمِها إلاَّ خيالات مآته يهابها الطير ويَحذَرها ، فإن إقترب منها حطَّ عليها وأكل منها وشرب ..!!
    إنّ مجتمعنا السودانى بتركيبته المعقدة وهشاشة بنيته المجتمعية التى يسود فيها منطق العوام ، وتتوارى فيها الحكمة ومنطق العقلاء والحكماء لايجدى معه نفعاً إلاَّ وضع الجميع تحت سلطان القانون وأن يكون السودان وحده فوق الجميع .. فهيبة الدولة التى ننشدها جميعاً لاتقوم وترسخ إلاَّ فى ظل فاعلية القانون المطلقة ، والحازِمة التى تَضرب بقوة كل من يتجاوز قواعدها المُنَظِّمة والمُسيِّرة لشئونهم ، فهيبة الدولة مستمدة من قوة القانون .. فإن لم نفعل فسنظل نبحثُ عن الأمن الذى سيكون أغلى مفقود ونحن الذين كُنَّا نراه أرخصَ موجود بيننا بَطَراً مِنَّا وجهالة ..
    ( المقال أدناه كتبته قبل أكثر من عام وأُعيد نَشرُه سائلاً المولى عزَّ وجَلَّ السلامة والعافية )
  • د . إدريس ليمان *
  • السبت ١٦ يوليو ٢٠٢٢م *
    ————————————————-
  • الحَطَبْ المُبَّلل * عندما تُصبِح الأوطان مهددة بالفتن والأخطار يظَّل شبح الخوفِ يُطارِدها ، وتفقِدُ قيمتها ومعناها فى نفس الإنسان ، ولا يُقتصر إنقاذها حينئذٍ على نُخبها وقادتها وزعمائها بل يكون لغمار الناس ومن نكراتهم .. فعندما كان الخطر مُحدِقاً والكارثة وشيكة بمملكة النمل قالت ( نملة ) … !! هكذا جائت بالتنكير ، وكان لقولها على ضعفها وهوانها وقلة حيلتها دوراً إيجابياً فى إنقاذ جنسها ، ولم ينعقد حينها إجتماعاً طارئاً ولا إستثنائياً لمناقشة كيفية مواجهة الكارثة المحدقة فالمقام مقام فعلٍ لا قول فصدر القرار ( النَّملى ) الحكيم والشجاع بالدخول إلى المساكن مخافة الهلاك تحت أقدام جيش سيدنا سليمان .. ولو لم تكن تلك النملة تعلم أن لمملكتها خططاً أمنية متكاملة ، وأنظمةً للحماية وغُرفاً لإدارة الأزمة لما قامت بواجبها وإتخذت قرارها نيابة عن مجتمعها ( النملى ) فكتبت على صفحة الواقع بل وفى صفحات التأريخ ما خُلِّدَتْ به .. فكيف لعقلاء بلادى أن يتغيبوا عن الكتابة الصادقة على الصفحات البائسة لواقعنا القبلى والمجتمعى المأزوم ..!!؟ فكلمةٌ واحدة يكتبونها على أرض ( الواقع ) كما فعلت تلك النملة خيرٌ من مئات الكلمات التى يخُطونها على صفحات ( المواقع ) . فما يحدث الآن فى غرب دارفور ومن قبل فى أماكن كثيرةٍ نقطة سوداء فى جبين المجتمع السودانى .. فهذا ( الڤيتو ) الذى يستخدمه البعض تجاه البعض الآخر هو الذى يقتل ويدَّمِر المروءة والقيم السودانية الموروثة ، وهو الذى يقتل ويدمر كل المشاريع الوطنية الجادة والمسؤولة الآنية والمستقبلية ويحل محلها أحكاماً فاسدة وديكتاتوريات قبلية ظالمة وصراعاتٍ عبثية مدمرة .. فلئن فشل بعض أهل السودان فى ترجمة خلافاتهم وإختلافهم حول الرؤى والمشاريع السياسية والفكرية إلى ممارسات ناضجة وسليمة .. ولئن عجز معظم أهل السودان التعايش فى الفضاء الإفتراضى .. فلم هذه ( المَحَقة ) من عقلاء بلادى وعجزهم على سياسة الناس ..!! فحتى الراعى الحاذق يُتقن لغة الحِداء ويحفظ أنعامه من السير فى طريق الهلاك ..!! فهذه الأحداث المتتالية وتلك الأحاديث التى تُرسى دعائم العنصرية يجب أن يتنبه إليها الناس جميعاً فمصلحة الوطن فى إستتباب الأمن والإستقرار .. وأن هيبة الدولة التى نُنشدها جميعاً لايمكن أن تقوم وترسخ إلاَّ فى ظل فاعلية القانون القادرة على توفير العدالة بوثوق وجرأة .. فلا بد لدولة القانون أن تكون حازمة فى مواجهة كُل من يتجاوز قواعدها المُنظِمة لعملها ، وكل من يتجاوز الخطوط الحمراء المتعلقة بأمان وإستقرار وحياة الناس .. وإلاَّ سيكون حريقاً فى حطبٍ لا يزال مُبَّللاً لكنه قابل للإشتعال .
    • د . إدريس ليمان *
  • الثلاثاء ٦ أبريل ٢٠٢١ م *

اترك رد

error: Content is protected !!