ليمانيات / د. إدريس ليمان

بل السودان يُمثلنى


كان يا ما كان فى حديث الزمان أن منسوبى الشرطة عند إستيقاظهم من النوم وقبل ذكرهم لدعاء الإستيقاظ يتساءلون ويبحثون عن الإجابة فى مواقع التواصل الإجتماعى هل صدر كشفاً للتنقلات ..!!؟ من الذى تحرك ..!!؟ ومن الذى بقى فى موقعه ..!!؟ حتى يستطيعوا ترتيب دولاب ملابسهم ..!! فقد كان الواحد منهم يبيت ( *مُخرطِماً *) ويُصبح ( *مُنيِّلاً *) .. ويمسى ( مكردِفاً ) ويُصبح ( *مُقضرِفاً *) ..!!
و يغنى مع زيدان رائعة العقَّاد :
( كادَ يمضى العام يا حلو التثنِّى أو تولَّى ..
ما اقتربنا منك إلاَّ بالتمنى ليس إلاَّ )
ودارت دورة الأيام وألقت بالكاشف فى بلادٍ تموت من البرد حيتانها أو تكاد أن تفعل ..!!ورغم ذلك ظَلَّت دِرعَاً متيناً وحصناً حصيناً رغم ما أصابها ، وسيظَّل أبناؤها يزودون عنها ويقدمون أنفسهم فداء ..فهذه الحرب التى فُرِضَت علي أهل السودان قدَراً مقدوراً قد أخرجت لنا كل الخبَث والغِلَّ والغبينة وأبانت لنا كم كنا حمقى لإيواءنا الحَيَّات فى حجورنا بعد أن أخرجناها من جحورها إنخداعاً بملمسها .. وأبانت لنا أن الخيانة تُستَنسخ ولم تنتهى بموت ابن العلقمي الذى كان سبباً فى دمار بغداد عاصمة الخلافة العباسية على أيدى التتار .. كما أخرجت لنا أيضاً كنوزاً من محبة ، فكانت تلك السماحة والأصالة والقِيم والمُثُل الأصيلة التى تشبه أهل السودان فقد فتحوا قلوبهم قبل دورهم لأحبتهم وأهليهم وإقتسموا معهم اللقمة ، فقد كان ما حدث إختباراً حقيقياً لمكارم الأخلاق رغم شُحَّ البعض وطمعهم ، وإمتحاناً قاسياً لإرادة قواتنا المسلحة وعزيمتها التى لا تلين .. أزاحت الغشاوة عن عيون الناس فأدركوا بالتجربة و البرهان أن الإستثمار فى تنمية الوعى صمّامَّاً لأمان بلادنا وتواثقوا فى غير ما تدوينٍ بعدم السماح مستقبلاً لأيةِ جهة بالإيقاع والتفرقة بين مكونات المجتمع بما من شأنه إحداث تصدعات وتشققات فى جدار الوحدة الوطنية بعد أن رأوا بأم أعينهم المآلات المجهولة التى تنتظر البلاد والغرق المؤكد فى دوامتها وفى أوحال الفوضى الأمنية التى أحدثها أولئك التتار لولا لطف الله وعنايته بنا ، ورغماً عن كل ذلك نرى صراعاً وتراشقاً إسفيراً عبثياً تتسع به الشُقَّة وتزداد به الهُوَّة بين شباب بلادى ويزداد الغُبن ويضيع سوداننا من بين أيدينا .. فإن لم يتدخل العقلاء بنُضجهم ورشدهم وفكرهم المتأنى وبصيرتهم النافذة بعيداً عن الهوى وعمّا يدفع به الشيطان لغواية أهله فسندفع جميعنا ثمناً غالياً وليس لنا بعد ذلك إلاَّ أن لانكون ..!! فلكُلٌّ منَّا تبعة لايُسقطها عنه عذرٌ ، ولا يَعذُره فى أداء حقها شئ .. فحتى لا تجرى سفينتها على اليابسة ، ولاينهار بنا جدار الوطن ونُدفنُ تحته أحياء فلنهتف جميعاً ( وليحيا الوطن ) .. حفظ الله بلادنا وأهلها من كُلِّ سوء .

اترك رد

error: Content is protected !!