ليمانيات / د. إدريس ليمان

إنه القَدَر ..!!

فى مثل هذه الأيام منذ نصف قرنٍ من الزمان أو ينقص قليلاً إستيقظ العالم الإسلامى على أمرٍ مـزلزل حيث إنبعث أشقى القوم ( جُهيمَان العُتيبى ) وهو بادى الثقة فى نفسه مع عددٍ من أتباعه يُقدَّر عددهم بنحو مئتى رجل ودفع بإمام الحرم المكي بعد الفراغ من صلاة الفجر وأمسك بالمايكرفون مُعلناّ ظهور المهدى المنتظر الذى سيحكم الأرض بالعدل والإنصاف بعد أن مُلأت جوراً وظلماً حسب قوله ، وإستخدم الغدر والخديعة بنقله الأسلحة إلى داخل الحرم فى نعوشٍ وكأنها جنائز للصلاة عليها عقب أداء الفريضة بعد أن خطط لأدق التفاصيل لغدره ، وكان أتباعه من حوله مأخوذين به وبمهديه المنتظر كما المليشيا اليوم مع إلههم ودقلوهم الذى يعبدون .. ومن ثم أعمل فى الآمنين العابدين الطائفين الركع السجود تنكيلاً وتقتيلاً إلى أن أمكنهم الله منه ومن أتباعه ، وعندما سَأله أمير منطقة مكة المكرمة قبل تنفيذ حـكمُ الله فيه لماذا يا جـهيمان ..!!؟ أجاب إنه القَدَر..!! .. تماماً كما فعل جُهيلان السودان الهالك الذى غدر بأهل السودان وأعمل فيهم ذات التقتيل والتنكيل بزعم جلب الديمقراطية والقضاء على دولة ٥٦ الظالمة الجائرة حسبما زَيَّنَ له شياطين الإنس الذين فاقوا الشيطان فى التدبير والإجرام .. وإنه ذات القَدَر الذى وضع رقبة هالك أرض الحرمين تحت سيف العدل الإلهى قد وضع هالك أرض النيلين ذات موضع الهلاك .. فهاهى المليشيا تنهار وتتساقط كأحجار الدومينو ، وهاهى المدن التى خرج منها أهلها مكرهين بفعل آلة القتل خائفين لا يأمنون على أنفسهم وأعراضهم ( وما أقساه من خروجٍ وما أشُدَّه ..!! ) تعود إلى حُضن الوطن ويعودُ إليها أهلها فَرِحينَ ومُكبِّرين مهللين .. وكأنى بأهل سنجة وما حولها من القرى عندما تلوح لهم معالم مدينتهم وقُراهم التى يُحِبُّون ، كأنى بهم يُوضِعون دوابهم ويسرعون بها من فرط حُبهم ولهفتهم على بلوغها ..!! وكيف لا يفعلون وهى ذاكرتهم ومراتع صباهم . .فيها الأهل والأحباب والأصحاب والأصهار ، فحب الديار غريزة متأصلة فى النفوس تجعل الإنسان لا يستريح إلاَّ بالبقاء فيها ويَحِنُّ إليها إذا غاب عنها ، فالخروج منها قسراً أمرٌ شاقٌّ على النفس ويبعث على الحزن والألم ..
إنَّ الذى حَدَثَ خلال العامين الماضيين أمرٌ فيه عِظةٌ للناس أجمعين بأن سقوط العروش جميعها أمرٌ يُمكن تعويضه وإسترداده إلاَّ عرش الوطن إذا سقط لاقَدَّر الله .. وهاهى الأيام تمضى وتَبقَى العِبَر .. ويبقى فى الوجدان أولئك الذين الذين قدموا أرواحهم فِداءًا للوطن .. وسيظل الجُهيلان الذى لم يَزَلْ أثَرَ الأثداء فى فمه من بين فَرْثِ الذَهَبْ والسـلطَة يبكى الحليب الذى إختَمَرَ عليه وفَسَدْ ، وعلى دويلته التى ظنَّت نفسها كإرم ذات العِماد والتى سيأتيها ماتستحق من العذاب .. أمَّا من كـنَّا نظنهم إخوةٌ لنا فى العروبة والإسلام وأبكى خزلانهم سفيرنا على الهواء مباشرة نتساءل مع عبدالرزاق عبدالواحد : ( هل فى العُربِ مِنْ رَحِمٍ أم أنًَنَا أُمَّةٌ صِيغَتْ بُلا رَحِمِ ..!!؟ )
حفظ الله بلادنا وأهلها من كل سوء .

  • الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤م

اترك رد

error: Content is protected !!