ليمانيات / د. إدريس ليمان

رأيتُ .. سمِعتُ .. قرأتْ ..!!


عندما كانت بلادنا الغالية تَرفِلُ فى حُلَلِ العافية كُنَّا نتدافعُ ونتزاحم على على أبواب المكتبات كُلَّ أُسبوع ونحنُ صبيةً صغاراً للحصول على حِصَتنا من نُسَخِ مجلة هُنا لندن التى كُنَّا نُراسلها ونراسل برامجها الأثيرة لدينا لاسيما ندوة المستمعين ومقدمها الأشهر رشاد رمضان لنستمتع بقراءة مساهماتنا ونُطالِعُ أسماؤنا فيها ، وللحصول على نُسختنا من مجلة الدوحة والإستمتاع بأشعار محمد عثمان كجراى الذى كُنَّا نراه كفاحاً جالساً أمام داره عند الأصيل ، وكتابات النور عثمان أبَّكر التى كانت تستهوينا لغتها وإن كُنَّا لانفقَهُ كثيراً مما يقول ويكتب .. وأيضاً للتطواف مع إستطلاع مجلة العربى المصور ( أعرف وطنك أيها العربى ) وبما أن العربية لسان تعرَّفنا على جُزُر القمر وزنجبار وجيبوتى والصومال .. وأذكر جيَّداً إن لم تخنى الذاكرة أنه كانت هنالك صفحة داخلية راتبة بمجلة الدوحة تحت عنوان : ( رأيتُ .. سمعتُ .. قرأت ) تُقَدِّم المعرفة التى تُناسب أعمارنا بطريقة جاذبة ومبسّطة أسهمت فى تشكيل وعينا لاحقاً وزادت من حصيلتنا المعرفية فى وقتٍ مُبّكر من اعمارنا .. تذكّرتُ كُلَّ ذلك وأنا أرى وأسمع وأقرأُ عجباً وكذباً من تلك الفئة الباغية المُعتَدية التى جَنَّدت أبواقها ومستشاريها ، وإستعانت ببيادقها وسدنتها لتشويه الهوية السودانية وتغيير ديموغرافيتها ، والإتيان بديموقراطية الشتات وجنوب الصحراء التى تُسَوِّغ إراقة الدماء وإستباحة الحُرُمات فى سبيل تحقيقها كما يَزعُمونْ ( وبئس مطَيَّة القومِ زعموا .. ) ففقد المواطنون الأبرياء أرواحهم وأعراضهم ومدخراتهم ومستنداتهم حتى كادت بلادنا أن تتحول إلى سِجنٍ كبير يتطلَّع الجميع إلى مغادرته بحثاً عن الأمان والعلاج والتعليم .. وقد كان إمام المليشيا الهالك الغائب وقبل إندلاع الحرب ينتوى تحويل الدولة السودانية وفقاً لقرائن الأحوال إلى بورصة للإنتهازيين والنفعيين المستفيدون من نعيمه وذَهَبِه ودربه الأخدر والذى كاد أن يقول : ( أليس لى مُلكُ السودان والنيل العظيم وهذه الأنهار التى تجرى من تحتى ..!!؟ ) .. والطامعين فى فُتات موائده ، المعتكفين فى محراب خزائنه ( وما أذَلَّ أعناق الرجال إلاَّ المطامع ) ، وظَنَّ المسكين أنه ظفر بوطنٍ لعُربان الشتات ومجاهل الصحراء على إمتداد النيل العظيم ( هكذا حدثته نفسه الهالكة ) بعد أن إشترى بعض عديمى المروءة من أهل السودان وساسته بالأصفر والأخدر وظَنَّ أنه بذلك قد إشترى الشرعية الزائفة من غير أهلها دون أدنى إعتبار لصاحب الشرعية الحَقَّة ومالكها الحقيقى للإستئثار بالحكم والسلطة ووضع البلاد فى خانة المجهول كما هى الآن ..لكنه خاب وخسِر فقد إستطاعت القوات المسلحة وبعض فصائل الشرطة والمخابرات والمقاومة الشعبية التخلَّص من أدرانه وعوالِقه و ( عواليقه ) الظاهرة والمستترة .. وستقوم الشرطة فى المرحلة القادمة كما أشار لذلك قائدها الأعلى بما لديها من إرثٍ عظيم وخبرات ضخمة بالتعامل مع كل الأحداث الأمنية التى حدثت أثناء الحرب والمتوقع حدوثها بعد الحرب والتى إمتدت حرائقها لمساحات واسعة فى عاصمتنا المنكوبة ولبعض ولايات السودان ، بكل المهنية والإحترافية ، وستنظِّف أرضَ النيلين من سرطان ودمامل وجِيَف الباغى الشقى ، وسَتُخرِج كُلَّ التلوث القبلى العابر للصحراء من شرايين الجسد السودانى وتُعيدهُ إلى حيث كان فى أعماق الصحراء الكبرى ومن حيثُ أتى ، وإعادة الأمل والحياة والإبتسام إلى الحياة وإلى مستقبل السودان بحول الله وقوته ، وستضع نقاط الحق على حُروف الحقيقة .. فلا تبتئسى سيدتى الجميلة فمهما تطاول أولئك التتار وتطاول أشياعهم فهم أصغر من أن ينالوا منك ومن عيون أطفالك أو يروا فيها الهزيمة .. فأنت يا عاصمة اللاءات قوية برجالك وعزيزة بأبطالك ، وقريباً جداً بمشيئة الله عز وجَلّ سنقول معاً للغائب وإمام الهالكين : ( ءالآن وقد عصيت قبل وكنتَ من المفسدين ..!!؟ )
حفظ الله بلادنا ولطف بشعبها المسكين .

اترك رد

error: Content is protected !!