ببساطة / د.عادل عبدالعزيز الفكي

موجهات اعداد موازنة 2023

د. عادل عبدالعزيز الفكي


وفقاً لموقع العهد أونلاين فقد أكد وزير المالية د . جبريل إبراهيم أهمية بناء موازنة شفافة ذات موارد حقيقية واقعية و تنموية.
وشدد جبريل خلال اجتماعه باللجنة العليا لموازنة العام ٢٠٢٣ على أهمية تطبيق الرقمنة التي من شأنها زيادة الإيرادات والتحكم في الأرقام والاستفادة من الزمن و تقليل الترهل الإداري مما يُسهِّل لجهات صُنع القرار في الدولة إتخاذ القرار.

و دعا لأن تكون الموازنة شفافة ومطروحة للعامة حتى يتعرف المواطن على تفاصيل الموازنة والتي تعتبر حق من حقوقه، موجهاً أعضاء اللجنة العليا للموارنة لتوضيح بنود الموازنة عبر الأجهزة الاعلامية متى ما أكتملت.

وأشار جبريل إلى أن الموازنة سيتم إجازتها في منتصف ديسمبر بعد مناقشتها وسيتم العمل بها على كافة المستويات في يناير من العام ٢٠٢٣.

وبحسب وزارة المالية فإن موازنة العام ٢٠٢٣ تهدف إلى الإصلاح الاقتصادي والهيكلي وتحريك الموارد وتفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص والتحول الرقمي وتوسيع المظلة الضريبية ومكافحة التهرب الجمركي.

تعليق: تبدو الموجهات أعلاه مثالية من ناحية نظرية ، لكن تطبيقها على أرض الواقع مواجه بعدد كبير من التحديات. إن بناء موازنة شفافة ذات موارد حقيقية وواقعية أمر مطلوب، لكن المشكوك فيه إمكانية أن تكون هذه الموازنة في نفس الوقت تنموية. ذلك لأن التوجه لاحداث تنمية في قطاع أو عدة قطاعات في الاقتصاد يستلزم توفير موارد مادية، وهو ما يستحيل توفره من خلال الموارد الحقيقية والواقعية في الوقت الحالي.

الموارد الحقيقية والواقعية في المالية العامة عندنا تتكون من الضرائب المباشرة المفروضة بنسب مئوية مختلفة على الأنشطة الاقتصادية الزراعية والصناعية والخدمية، وعلى بعض المهن، والضريبة على القيمة المضافة VAT وتطبق بنسبة ثابتة على كل السلع والخدمات مع استثناء خدمات الاتصالات، والضرائب غير المباشرة على التجارة الخارجية (الجمارك).

ويضاف لهذه الموارد التي تمثل حوالي 70% من الإيرادات العامة عائد مبيعات السلع الحكومية (البترول ومشتقاته)، ورسوم شركة الموارد المعدنية من الضرائب الجليلة والرسوم الأخرى (هنا لا نتحدث عن صادرات الذهب فهي لا تمثل إيرادات عامة لأنها ليست سلعة حكومية، غير أن عائد صادر الذهب رقم مهم في الحساب الخارجي ويؤدي لتوازن سعر الصرف).

من الإيرادات العامة أيضاً الرسوم الحكومية المختلفة مثل رسوم الجوازات والتراخيص المختلفة في الزراعة والصناعة والخدمات والتخطيط العمراني وغيرها من المرافق الحكومية.

يضاف لهذه الإيرادات المقابل بالجنيه السوداني للقروض والمنح والهبات التي تم التوقيع على اتفاقياتها بصورة نهائية.

هذه مجمل مصادر الإيرادات العامة، التي تستند عليها الميزانية للصرف منها على بنود المصروفات العامة مثل المرتبات والأجور والاعانات الاجتماعية ، وتسيير المرافق العامة من مدارس ومستشفيات ووزارات ومصالح، ومن بعد ذلك الصرف التنموي كعمل طرق جديدة أو إنشاء سدود وقنوات ري أو إنشاء مستشفيات ومدارس وغيرها من المشروعات التنموية.

يلاحظ أن كل بنود الموارد العامة فيها مشاكل وعقبات وتحديات، فالضرائب بكل أنواعها تواجه مشكلة الجمود الاقتصادي الذي أدى لاقفال عدد من المصانع، وتوقف عدد من التجار عن دفع الضريبة إما احتجاجا على قيمتها أو للخسائر التي ألمت بتجارتهم.

أما السلع الحكومية فيتناقص العائد منها بسبب تناقص إنتاجية البترول السوداني، واعتراضات الأهالي على شركات إنتاج البترول والذهب والكرتة.

وتتأثر الرسوم الحكومية المختلفة بالجمود الاقتصادي الذي أدى لعجز الكثيرين عن ترخيص سياراتهم مثلاً، أو عجزهم عن استخراج الوثائق الثبوتية، أو العمل دون ترخيص في التجارة العامة على مفترقات الطرق.

هذه التحديات تجعل من الصعب على وزارة المالية الجمع بين هدفي تسيير المرافق العامة وسداد المرتبات من جهة، ومن الجهة الأخرى القيام بعمل مشروعات تنموية. فما هو الحل؟ هذا ما سوف نتناوله في العمود القادم بإذن الله تعالى.

اترك رد

error: Content is protected !!