ببساطة / د.عادل عبدالعزيز الفكي

من دعم الاستهلاك لدعم الإنتاج

د/عادل عبدالعزيز الفكي




السياسات المالية والاقتصادية في الحكومة السودانية منذ موازنة العام 2020 توجهت نحو رفع الدعم الاستهلاكي بصورة واضحة. تم رفع الدعم عن المحروقات، وعن رغيف الخبز بصورة كاملة، وعن الكهرباء والأدوية والمستلزمات الطبية بصورة جزئية. وبالنسبة للمستوردات من الخارج يتم احتساب القيمة الجمركية بسعر الدولار الحر السائد في السوق. ترتب على هذا ارتفاع هائل في تكاليف المعيشة للمستهلكين. كما ترتب عليه ارتفاع هائل كذلك في تكاليف مدخلات الإنتاج الزراعي والصناعي. أدى هذا للركود الذي تشهده الأسواق حالياً، كما أدى لخروج العديد من الصناعات السودانية من السوق.
إن معالجة هذا الوضع المتأزم يحتاج لسياسات مالية واقتصادية تحفز الإنتاج وتدعمه، لقد أشارت مذكرة المشاركة مع البنك الدولي الموقعة مع الحكومة في 2020 إلى مصادر القوة في الاقتصاد السوداني بالقول: (قوة الأصول الاقتصادية، بما في ذلك الموارد الطبيعية، فضلاً عن ديناميكية السكان المتعلمين تعليماً عالياً.
وجود مجتمع قوي لديه موهبة للعمل الجماعي على المستوى الوطني والمحلي أيضا، وعلى مستوى القاعدة الشعبية من المهنيين والشباب والنساء.
تماسك مجتمعي ملحوظ ومرونة في مناطق النزاع على الرغم من الوضع المعاكس الموسوم بالعنف والنزوح وانعدام التنمية.
إن الدروس المستفادة من استراتيجية الهشاشة والصراع والعنف مع الخبرة المكتسبة من المشاركة السابقة لمجموعة البنك الدولي في السودان، يؤكدان أن الدرس الرئيسي المستفاد من الأنشطة السابقة لمجموعة البنك الدولي في السودان هو الأهمية القصوى لـشراكة تسمح بتوزيع موارد البنك الدولي، ومؤسسة التمويل الدولية والوكالة الدولية لضمان الاستثمار لتحقيق أقصى تأثير إيجابي للبلد.
درس آخر مستفاد هو التأكيد على أهمية الاستثمار في أنظمة الدولة كأمر بالغ الأهمية لتقديم الخدمات العامة ولوضع الأساس للاستثمارات المستقبلية في سياق التنمية الإنسانية.
والدرس الثالث المهم من عمل مجموعة البنك الدولي في السودان هو الحاجة إلى أن تكون العمليات والمشروعات حساسة تجاه اختلال التوازن الاجتماعي والاقتصادي بين المركز والأطراف. إن بناء المؤسسات في المركز لا يقل أهمية عن العمل مع المؤسسات دون الوطنية والحكومات المحلية. يساعد استخدام مثل هذا النهج في معالجة الدافع الرئيسي للهشاشة والاستجابة لتطلعات وأولويات المناطق البعيدة عن المركز).
تركز مذكرة البنك الدولي على العون الخارجي، لكن يعتقد أنه من الضروري التوجه نحو حشد الموارد الداخلية والوطنية. ولتحقيق هذا الهدف يجب التخطيط لبرنامج واقعي وفعال يستهدف تحريك جمود الاقتصاد وزيادة الإنتاج. إن ودائع قطاع الأعمال والقطاع العائلي في النظام المصرفي السوداني لا تتجاوز 5 مليار دولار، بالطبع لا يتصور توظيفها كلها للتنمية، لكن يمكن حفز جزء مقدر منها للدخول في دائرة الإنتاج عن طريق سياسات اقتصادية فعالة تستهدف في المقام الأول القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني.
كما ينبغي حفز مدخرات المهاجرين للمساهمة في بناء الاقتصاد على أساس ربحي لا خيري. ويجب النظر لجدية لتحقيق شراكة أو شراكات فاعلة مع كل من مصر، الصين، السعودية. والله الموفق.

اترك رد

error: Content is protected !!