نحتاج، علي مستوي الادراك العقلي والنفسي ان نعي لنفهم: فليس وعي الناس وحده هو الذي يحدد وجودهم، بل الوجود الاجتماعي هو الذي يحدد وعيهم، فهنالك، كما اقول واردد دائما من هم أسوأ من الذين لا يعرفون ما يحدث، و هم الذين يستخدمهم الآخرون لصناعة الأحداث فيتوهمون بأنهم صانعوها…
و نحتاج، علي مستوي الادراك الوجداني و الشعوري ان ندندن اهزوجة او نهتف شعارا بأنشودة درويش الثائر، بعد ان اضحي صوت حالنا:
سقط القناع عن القناع…
و لا احد في هذا المدي المفتوح…
حاصر حصارك…لا مفر، سقطت…
ذراعك فالتقطها و اضرب عدوك…
لا مفر، و سقطت قربك فالتقطني…
و اضرب عدوك بي فأنت الان حر…
هذة هوادي عواصم و خواطر اعتبار في عظة شأن السياسة بمشهد الوطن العام ، و خاص منظومات احزابه، و تحديدا من وحي ما رشح، و خرجت علينا انباءه…عن ائتمار رهط من قوم يزعمون وصلا بالمؤتمر الشعبي، و يدعون انتسابا لهيئة شوراه، في ظل اجواء مشحونة بالتوتر، و الاصطفاف المعاكس، المضيع لامكان التحقق و التمحيص المحايد، لما يعني كل طرف بالمدلول الاجرائي والموضوعي المحدد لسقوف تنازع مفتوح و قابل للتصعيد، و من ثم، لما يتاح له من سلطة احتكار لمفهوم و مصطلح الحزب و الشوري، و شروط اشتغالهما و ادوات فعلهما، بتاويل فكروي ومادي قابض ومجير لقدرتهما و مقدراتهما، ليستكمل بها الامر انتقالا من عتبات الائتمار الي منتهي التامر الشوروي وصولا لغايات جمود التعطيل المحجم و عدمية التصارع المشاقق، بإخراج انفصالي ثان هذة المرة مرتقب، بحال فشل او افشال مشروع الاستتباع المخضع او الذيلية المدمجة، كليا او جزئيا، فيما يعرف نفسه تيارا اسلاميا عريضا، مموها ومستوهما برباط خيوط اوهن من بيوت العنكبوت: ما الذي يصل من يكفرون بواحا المؤسس الراحل للمؤتمر الشعبي و جذر رؤيته المتقدمة عنهم بهذا التيار، و ما الذي يجمعهم بغلاة السلفية الجهادية والدواعش الجدد الذين لا يؤمنون اصلا بحجية مبادئ الحريات و الديمقراطية، بشواذ الشعبوية العنصرية، وأصحاب المصالح الطفيلية من الرجعية المجتمعية والتدينية بعصب تنفذ كيانها المتاسلم الخاص، متعسكرا كان ام ميليشيويا، و ما بينهما من شتات غير متجانس من اهل مقولات الاصلاحوية المعطوبة الا تكاملية و التربوية الباطنة الا عرفانية…حيث لا مناص، غير ان ينقض غزلهم انكاثا، بعميق اختلافهم العقدي و الفكروي، و باصطراعهم حول موارد السلطة و الثروة و المغانم الطبيعية الريعية، و من قبل ذلك بارادة الجماهير و الثورة الشعبية لانتقال تحول ديمقراطي..التي ستطيح بهم قبل ان تعصف الفتنة و تستعر داخلهم…
ليس من قبيل التواتر العفوي و البرئ، ان يكون جل عضوية مؤتمري الشعبي او خوارجه، حسب زاويه النظر، بهيئة شواره الاخيرة، ومما سيعقب علي شاكلتها، ممن لم يكن لهم موقفا معارضا ومناوئا مشهودا من انقلاب الخامس و العشرين من اكتوبر العسكري علي عهد الوثيقة الدستورية، و في الذاكرة الابعد انقلاب علي دستور التوالي السياسي و اعلان حالة الطوارئ، علي الراحل المؤسس، لانظومتهم تقريبا بذات السيناريو للمفارقة. وهم: بالغالب تاريخيا من الذين كان بينهم حبلا سريا معنويا و ماديا بل و حتي سياسيا و فكريا بالتيار الدولاتي بالمؤتمر الوطني و باجهزته الخاصة الرسمية و الشعبية، و هو التيار الذي عمل دوما و لاسباب شتي و متناقضة علي سيادة علوية الدولة وضرورة ان تهيمن علي الفضاء العام وان تخضع كل مكوناته، و ان تصادر كل امكانات نماءه الثقافي السياسي الحر المستقل، علي حساب تقزيم مؤسسات الحزب و الافكار و تهميش دوريهما، ولو كانت تنتمي اليه او تدين له بالولاء، بافشال نظريتي المجتمع القائد المبادر والتلاشي التدريجي للدولة…و ابطال اثارهما المحتملة، شكلا : بغطاء مشروعية تفيقه سلطاني حارس بذات الشوكة و بادوات هيكل دولاتي، قابض بأسم حماية المشروع الحضاري، و جوهرا: بعمق مصالح اقتصادية و اثنية منتزعة او مشترأة، عاكسة لما يراد من تكريس حقائق قوي اجتماعية، و خرائط تصارع مجتمعي يعيد انتاج علاقات صورية تابعة لمحاور بعينها علي مستويات الوطن و الاقليم و العالم…
و هم بالغالب: حاضرا، من الموالين جهرا وسرا لصف الكراتلة الجدد…و هم الذين لم يسمع لهم صوتا معارضا ولم يشاهد لهم موقفا مناوئا يضعهم في حالة تضاد مع الظاهرة الكرتاوية او تماس مع اطروحتها، بالحاضر او تمثلات اشباهها بالماضي، و لو من باب النصح الناقد و علي العكس من ذلك هم، بحال تماهي مطلق، معها واطاريها المسمي بالحركة الاسلامية و المؤتمر الوطني و واجهتة: التي تعرف بالتيار الاسلامي العريض…
و هو صراع قديم، بامكان للاستنساخ، لم ينقطع وان تباينت انماطه، منذ حقبة المفاصلة الاولي قبل أكثر من عقدين، يوضح بجلاء حقيقة المواقف: شطر من قلوبها و اجسادها، بطرف و ربما تضع غالب سيوفها و جيوبها و مشروعها التمكيني علي جانبي نقيض، اكثر صدقية، التحاما بجسور ممتدة مفتوحة مع الكيانات الخاصة لعديد الاطراف المتفاصلة، ما بينها و تنقلا من خلالها باريحية لم تنقطع، و تبادلا للادوار، و انسيابية لوظائفها، بالمؤسسات المالية و الامنية و العسكرية التي لم تقف سبل احتشادها الخاص، حفاظا علي مصالح دولتها العميقة و اقتصادها الرمادي الموازي، مهما اختلفت المراحل التاريخية او تبدلت وجوهها القيادية علي الاسطح، فهي القابض الحقيقي علي السلطة مهما تباينت صورها: حكما لإنقاذ او لجنة أمنية او مجلسا عسكريا او انتقاليا سياديا، سنجد ان كل التروس الفاعلة من خفاء مدير لدولاب هذة الاشكال الحاكمة، او من يقف بعمق محرك لها يدين بالولاء الخاص لهذة الاجهزة التنظيمية بصورة مباشرة او غير مباشرة…من يقفون وراء مكاتبها التنفيذية بالسيادة و الوزارة او مجالس ادارات، قطاعها العام و الخاص، برابط تسلسل هرمي و افقي متشابك محكم، كل موارد الوطن جيرت لصالح نظام المؤتمر الوطني و حركته المتاسلمة، المباد/ الحاكم…و مدللتها الوليد: التيار الاسلامي العريض والان بعد مؤتمرات الظلام والمؤامرة، الاخيرة و ما تمخض عنها من بدع نشاز، سيكون واحدة من تجلياته ان يعاد علي ضوئه تجميع كل هذة الطاقات و المقدرات و الثروات المنتهبة، بعد ان انفتحت كل ممرات العمل الخاص بمختلف التشكيلات الاسلاموية، علي بعضها البعض تحت مركز قيادي موحد علي رأس رمحه الكيانات الخاصة الامنية الشعبية و الرسمية، وقد أسلمت الامرة التنظيمية للتيار الكرتاوي، بمدولاته التدينية و الحركية…باكراه اخضاع ملتف، او حتي اذا افترضنا صحة ذلك، برضا احتواء مستوعب، لتنتصر رموز هذا التيار، و خطة السياسي العام: تعلي من شأن مناصريها، و تخفت من شان مناوئيها، بالتشكيلات الاسلاموية الصديقة و الضرار بتحجيم اثارهم او تجميدها اذا لم تستطع القضاء عليها، و ما تمثل دفعة واحدة…
و للغافلين والمغيبين، بالشعارات الجوفاء الكبيرة، و لغالب ملتزمة الصمت علي قارعة طريق الهامش الاسلامي العريض، الذين يتوهمون بان كل شئ علي ما يرام وان الاشكالات والقضايا المصيرية، ستحل و تجاوب عن نفسها، بنفسها…و انها مشيئة و اقدار الله…لهؤلاء نقول: لا تمكنوا فينا غفلة و غيبة راعي اخر يغتال او يختطف منا جيفارا جديد: عندما تم القبض علي جيفارا في مخبأه بعد ما أبلغ عنه راعي أغنام !! سأل أحدهما الراعي لماذا أبلغت عن رجل قضي حياته في الدفاع عنكم و عن حقوقكم، فاجاب الراعي: كانت حربه مع العدو تخيف أغنامي…
و الا ماهو مغزي التمديد، لعلي الحاج، استمرارا بالأمانة العامة و هو في محبسه، معطلا من كل تواصل و مقيدا من أي امكانية حراك…بغرض احداث سكونية توازنية، هي اصلا تحصيل حاصل و تأكيد لما هو مؤكد، من بديهيات النظم الاساسية و الائحية، و ما هو قائم بين اطراف معادلات القوي الشعبية، و هم يعلمون ذلك و يقع في نفوسهم موقعا حبيبا مستطاب، بل و يسعون بكل ما أوتوا من قوة لوصل هذة الوضعية باسباب الحياة بمدد من حلفاء بسلطة استبداد الامر الواقع المعسكر و من يديرون المشهد الوطني بخباله المتعمد و سوءه الكالح، من كل اطرافه السياسية وربما من يقفون وراءه من قوي الانقاذ المباد / الحاكم، وقد ان لها ان تمد رجليها وتسل لسانها، بخوار قوي الثورة وهوان امرها بعد ان عز عليها الاتفاق حول برنامج الحد الادني بمضاء عزم ينقلها من مصاف الشرعية الثورية الي رحاب مهام التاسيس لانتقال ديمقراطي مستدأم…او ان تحسم ما دون ذلك، بضمان حسن تدبير السير الواقعي باضعف الايمان بما تيسر، علي الاقل لاستمرارية السياسة الراتبة و المعاش اليومي…
و عبقرية ما جادت به قريحة السادة المقترحين من تمديد لأجل الولاية هي محض إقرار، بمعادلة قائمة لا تعكس بالضرورة رضي تنظيمي ومقبولية شوروية لتعذر اي امكانية لمخرج خلاف ذلك، و لو اسعفهم خيال الحيلة المتسيسة، و اوهام المداورة المتفيقهة لفعلوا فالروح الغالب العام، المعروف بنظرية النظام الاساس للمؤتمر الشعبي تتجسد في الميل المعروف، لصاحبها، الراحل: نحو تاسيس منظومات الحكم و السياسة علي خطي الرئاسيات الجمهورية وعلي هدي سياسي من فلسفاتها الدستورية، علي شاكلة النموذج الفيدرالي الاميركي، علي غير ما شيدت عليه الانظمة البرلمانية، و هو ما ظل ينافح عنه حتي النهاية و يدافع طوال سني تجاربه السياسية: علي ما في ذاك، بتقديري من نظر و رأي قد لا يناسب ما رسخ في تجربتنا الوطنية، من ارتباطها المطول بالشموليات الاستبداية،ب:1/ قابلية مجتمعها التلقائي للاخضاع المركزي و الاستدماج العمودي، الممجد للقوة بعاملي: انثربولوجيا تعانفها البدوي العشائري الا منظم و سوسيولوجيا عنفها المديني المتعسكر المنظم 2/ تركيبته المحلية بعناصر زبأئنيتها لاهلية القبلية و هامشيته المتميدنة و محوريته المتريفة و ضعف ثقافته الحضرية و هشاشه علاقاته و ابنيته الانتاجية، 3/ سيادة روابطها العضوية الاولية علي حساب عقلانية روابطها الموضوعية…و هذا مبحث اخر مهم، يمكن تناوله باسهاب بموضع ليس هذا مكانه، ولكن مايعنينا منه هنا، و استنباطا من روح اطار جداله المجتمعي العام هو ما بني عليه الراحل المؤسس فلسفة اطار جداله الوظيفي الخاص، لهياكل و صلاحية و مستويات ادوار المنظومة الشعبية، بتوسعة المروحة البنيوية للامانات ليحاكي بها ثراء شعاب الحياة المجتمعية، بهدي و اتساق من ما ظل مؤمنا و وفيا له: فالامين العام، هو الهرم التنفيذي الاعلي للسلطة: كما هو الحال بالجمهوريات الرئاسية، يستمدان سلطتيهما بالتفويض الانتخابي المباشر، من المؤتمر العام و من الشعب، وليس من مجلسي الشوري و الكونغرس، و علاقة رأسيها التنفيذي و النيابي تحكمها اليات تفاصل و توازن و تضابط، لا تملك السلطة الثانية التشريعية في الحالين، ان تعين او تقيل رأسها، الا في ظل ظروف استثنائية قاهرة كما لا يملك هو حق حلها الا وفقا لمسطرة لائحية معقدة، فحكومة، رئاسة الجمهورية، و الأمانة العامة، لأمين عام المنظومة الحزبية الشعبية يستمدان سلطتيهما التفويضية التنفيذية من شرعية: الرئيس، الامين، و لا يتوفران علي وجود مستقل خارج هذا الاطار بتفويض تمثيلي، تشريعي او شوروي، فهم ليسوا هيئة تضاهي سلطة الرئيس او الامين، فالحكومة الرئاسية و الحزبية هما ملحقتين بهرمهما: يعبران عن مشيئته و امتدادا لبرنامجه الحكومي او الحزبي، و سياساته العامة، بل و يطلق عليها: (Secretaries Of State) و القاعدة العامة، ان اعضائهما يعتمدون عند عرضهم عليها بعد تقديم ترشيحاتهم، و لا يمكن عزلهم او اقالتهم، من قبل الهيئة التشريعية، و ذلك علي خلاف النظام البرلماني الذي تعد السلطة الرئيس فيه هي سلطة التفويض التمثيلي النيابي، ورأس الجمهورية و المنظومة الحزبية يستمدان شرعيتهما غير المباشرة من المجلس النيابي او الشوروي، و السلطة التنفيذية الاعلي فيه ممثلة في رئيس الوزراء و اعضاء حكومته او الامين العام و اعضاء أمانته العامة، يتحدد وجودهم:( As Cabinet ) علي مركز وظيفي و قانوني مستقل، تنتظم علاقاتهم وفقا لأسس قواعد المسئولية التضامنية الجماعية، امام هيئة تشريعية هي التي تصوت اجازة لبرنامج المجلس الوزاري، و تنتخب رأس الوزارة، و تسحب عنهم الثقة فرادي او جماعة، الالتباس يحدث عندما يتم التغافل قصدا او لجهل عن روح و مقاصد المواثيق الدستورية او نظم الاساس، ليطبق واقعا بارادة القوة او بعسف التاويل خلاف هذة الروح المقاصدية سواء علي صعيدي الوطن او المنظومة الحزبية: وثيقة دستورية تتحدث عن نظام برلماني في مقابل نزوع لفرض امر واقع رئاسي استبدادي، و نظام اساس يغلب طابع تراتبية تنظيمية رئاسية في مقابل محاولة لتمرير امر واقع نيابة شورية املائي، و ذلك بالمخالفة لفلسفتيهما: التاسيسية السياسية، و التمثيلية التفويضية، مما اوقعهما بشواهد ما نعيش الان من مظاهر العطل و الاضطراب و حال الركود و الفوضي غير المنتجة، فالتفسير الاقرب صحة، لمقتضيات النظم و اللوائح الداخلية التي تم تحاشي الخوض فيها و تجنب حتي ربما الحديث عنها علنا بشوري الشعبي: هو عن مدي مواءمة اقالة او تعديل اعضاء الأمانة العامة التي يمتلك صلاحية اعتمادها عند عرضها عليه من امينها، اما امري التعديل و الاقالة، فهما من السلطة الأصلية للأمين العام، التي اكتنف، ما احيط بهما غموضا و حيرة لكونها سلطة ثانوية، ثم باساس اكثر اهمية و هو مدي مشروعية عرض مسألة الامين العام، اقالة او تمديدا علي هيئة لا تمتلك صلاحية النظر فيما هو من الاختصاص الاصيل لسلطة المؤتمر العام باعتباره كلية شعبية انتخابية، و مرجعية تأسيسية جامعة…..>>> يتبع