الرأي

لماذا تكرهنا أمريكا

خالد محمد علي

كشف العدوان الإسرائيلي- الأمريكي على غزة حجمَ الكراهية المذهل الذي تحمله الإدارة الأمريكية بأشكالها المختلفة من البنتاجون ووزارة الخارجية والكونجرس ووكالة المخابرات والرئاسة الأمريكية والصحافة ووسائل الإعلام المختلفة، ونجوم الفن والثقافة، وكل دوائر صنع القرار في أمريكا كشفوا أنفسهم بطريقة غير مسبوقة في الاندفاع لإظهار كراهيتهم لكل العرب والفلسطينيين بشكل خاص. وقد جاء هذا السلوك الذي يتعارض مع الإنسانية كالطوفان يجرف كل المعاني الجميلة التي كان يحملها العرب عن أمريكا واحة الحريات، وجنة الديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان باعتباره إنسانًا دون النظر إلى لونه أو جنسه أو دينه.

وقد شهدنا كيف تدافعت هوليوود لتنتج أفلامًا قصيرة وسريعة تتبنى الرواية الإسرائيلية الكاذبة حول حرق الأطفال، وحول وحشية حماس والعرب، كما نقلت وسائل الإعلام الأمريكية تلك المشاهد الحماسية لمئات المنظمات الطوعية التي تنشط بحماسة منقطعة النظير في جمع الأموال لدعم عمليات إبادة الشعب الفلسطيني.

ولم يكن غريبًا أن المنظمات الطوعية الأكثر حماسًا في جمع الأموال لدعم العدوان الصهيوني في تفتيت رؤوس أطفالنا في غزة تنتمي لجمعيات وبيوت الدعارة والشذوذ في أمريكا.

وإذا كانتِ الصحف والفضائيات الأمريكية ما زالت تُظهر صورة الحقد والكراهية والكذب ضد العرب والفلسطينيين باعتبارهم متوحشين يقفون في وجه الصهيونية المتحضرة، فإن قيام مؤسسات الفيس بوك ويوتيوب وإكس، وجميع وسائل التواصل الاجتماعي بحجب مشاهد الإجرام الإسرائيلي وحذف المحتوى المؤيد للشعب الفلسطيني قد كشف أيضًا عن جبال الكراهية الراسخة في أمريكا ضد العرب، وشعبنا الفلسطيني تحت الاحتلال.

أما عن الدوائر الرسمية فإن خططها المتكاملة في إبادة شعب بأكمله لم تكشف عن مدى الحقد والكراهية فقط، ولكنها أظهرت للعرب أن مَن يتحكمون في قرار واشنطن هم مجموعات من أعضاء عصابة دولية تحكم هذا العالم وفقًا لقانون الغاب، ولا يعترفون أبدًا بالقوانين الدولية والمنظمات الأممية التي كان مقدرًا لها أن توقف الطغيان والظلم وتحاسب المجرم.

أمريكا إذًا أخرجت إلينا وعلينا مخزونَ الحقد والكراهية الذي لم يتخيله عربي قبل السابع من أكتوبر، وجاءت إلينا بكل دوائرها الرسمية والشعبية لتستمتع بتفتيت جماجم أطفالنا تحت جنازير دباباتها، وتسحق نساءنا بقنابلها المحرَّمة وتتلذذ بخداع حكامنا على مدار الساعة بأنها تريد حماية المدنيين، ووقف قتل الأطفال والنساء.

ويبدو أن طوفان الأقصى الذي أطلقه الأبطال في السابع من أكتوبر قد جرف كل تلك الأقنعة التي ظل ممثلو أمريكا يخدعوننا بها.ويبقى أن على الباحثين، وأصحاب العقول في أمتنا العربية أن يبحثوا عن الأسباب الحقيقية لكراهية أمريكا للعرب، لأن التفسير السابق حول الأسباب الاقتصادية والدفاع عن المصالح لم يعُد مقنعًا ويكفي لتبرير كل هذا الحقد وتلك الكراهية.

وأن هناك أسبابًا أخرى ربما يكون من بينها أن العرب هم أصل حضارة هذا الكون، وأن إتمام سيطرة أمريكا على العالم لن يكون إلا بمحو هذه المجموعة البشرية وتاريخها الديني والحضاري.

وربما يكون أيضًا من الأسباب أن المكون الأساسي لأمريكا هو الجريمة، لأن من أسسوها في البدء كانوا من عتاة المجرمين المطرودين من بريطانيا وأوروبا، وهم يتشوقون دائمًا للعودة إلى أصولهم الإجرامية، ولا يجدون إلا منطقتنا العربية لممارسة إجرامهم لأننا الأضعف في العالم.

اترك رد

error: Content is protected !!