صحو الوجود / طارق زيادة صالح سوار الذهب

قضايا الانتقال الديمقراطي : التحديات الماثلة (9)

طارق زيادة صالح سوار الذهب

وحتي لا نبقي انموذجا لامم مفردات بشعوب (العالم ما قبل المصنع) التي لم تتخطي بعد الانعتاق من ذلك التاربخ ولم تبارح عقباته لعتبات مستقبل مغاير،لابد هذة المرة من استيعاب متغير مستجد بوفادة اتفاق، يدعي به طموحا لهندسة تسالم مستحدث، تعبر به جذرا لمستبقي تصارع متقادم،حتي كاد ان يضحي (احترابها) من انماطه العازلة هو الاصل ومن مسلمة تكوين هذه المجتمعات وبدهيات اساليب قواها المائزة، هذة الوفادة المستوعبة تقتضي انجازا لمنهجية تتجاوز المقابلة بين الطموح المهندس والجذر المستبقي من قوي وتكوينات مجتمعية، ثم من بعد اعمالا ناجزا لازالة الشكل (المستجلب) لتمكين اخر متصاعد ومحاربه اثاره دون هوادة ، والذي تنطبق عليه نفس الدالة الاصطلاحية والناطقة التعريفية لصفة ومعني الفعل والسياسة التمكينية في اطرها التقليدية النظامية:المدنية/العسكرية.. والممثلة الان في الميليشوية المقننة ظاهرا و الفوضوية باطنا، وحركات الكفاح المتسلح عمقا والمتسيسة شكلا…والتي عرف كثير من اوضاع حراكها الداخلي وطرق تراتبية ترقيها التنظيمي والمالي والسياسوي، اعتماد نفس اليات الافساد التمكيني:الا مهني/الا قانوني وبالمجمل الفكروي بلا عدالته ومساواته الموضوعية، بل زادت عليه ماهو اسوأ من ذلك وابعد اثرا بتمكين لايحتفي ويعترف الا بالمحاصصة الاثنية المناطقية، ومن وجه اخر يعاني من ظاهرات حمية تعانف البداوة الفطير والجهالة القبلية القمئ وتفشي متسع الامية الابجدية والحضرية وندرة الوعي الكتابي بنظم وقواعد الاشتباك الاقتتالي والتقنيات الحربية واخلاقيات التعايش السلمي، ومن باب اولي التنازع الاهلي… ليس بين قوات شعوب العالم المسلحة، سلاحا يتقاسم قيادته واركان حربه واستخباره ابناء خط سلالي مشترك و عيال راس خيمة قبلية واحدة حقيقي او متوهم ومراتع مراعي مغنم خصيب بلا رقيب وتشارك عائلي لمال سيب بلا حسيب… والواجب الذي لا يحتمل تاجيلا هو في مغالبة نفوذ التمكين المتمدن السافر بلا استثناء لحاله المتعسكر المغطي بقوة سلاحه:النظامي والمليشيوي وجغرافيا حدوده العرقية الضيقة، وتاريخ مظاهرها وقيمها المجتمعية السالبة، بتحريرها من عوامل المترسة المحلية، واطلاقها لنحو عوامل المفتحة الوطنية، وبمايزيل التعارض الانقسامي الاوظيفي ويفني تناقضه باطار كل دولاتي وظيفي، يوحد و يكامل معايير الانتماء والخدمة والولاء بكل مؤسسات المرحلة الانتقالية، بقصد انجاحها وضمان حسن سير اعمالها(Business As Usual) خصوصا وان بعض هذه المنظومات من مستنبت العهد المباد صنع علي عينه وبرعاية منه لشئ في نفسه ولاغراصه الخاصة، مما يدعو دون شك انفاذا لمبدأ السوية والقسط في المعاملة والميزان، ان تزال وتحارب اسوة بشبيهاتها، وقد انتفت اهدافها تماما (ان كانت لها بضع مشروعية) وزال مبرر وجودها الا: استيعابا وتوحيدا (متدرجا، منظما) لاجهزتها وقواها بهياكل ال سلطة الانتقالية والمستدامة .
*ورابع تحديات الانتقال الديمقراطي: يتجلي مفتتحا في مقاربة اكثر استنارة، لتنظم علاقة التدين بالمجال العام، او بالاحري جدلية علاقتيهما بفضاء الدولة والسياسة،فهي من جملة قضايا اشكالية قد تعيق الانتقال الديمقراطي سلبا الي ماضيه المازوم اوقد تتقدم به دفعا نحو الامام لمستقبله المستشرف للحلول،المتطلع لسبر غوار مايقف في طريقة من مجهول لينتهي مختتما بمقاربة اكثر وعيا وانفتاحا نحو امكانية قراءة (لعالمانية سلطة الفكروية التدينية) بنسبة تامل تأويلية(لجذر مقدس سلطته النصية التدينية) من خلال تفاعلية حية متجددة ل:قراءة/تأويل،يردهما الي مصدريتهما التاسيسة ل: علم/عالم،وبما يحافظ علي استقلالية عن تراثيهما العقدي والتديني في سياقه الانساني الاجتماعي و من خلال نظر لبنية النص المقدس عبر نسقة المفاهيمي التوحيدي:سواء علي مستوي الدالة الايدلوجية للعلاقة بين الناس والله (عز وجل) او علي مستوي الدالة المعرفية لعلاقة العلم بالغيب، فمصدر الارادة هو الله (عز وجل) ارادة الناس الجماهيرية،ارادة العلم المعرفية هما حاصل ارادة المجموع الانساني التي لا تستقيم الابقوة الارادة الالهيه،وغيب اليوم هو علم الغد يستمد نوره من ذات المشكاة الالهيه،الصيرورة النظرية اولا:لعلمنة التفكر التديني تعني من ضمن ماتعني الحفاظ علي خالدية النص المتقدس،فمن خلال تاريخية دوريته المتغيرةالحية يتم تعاليه الاتاريخي وصلاحيه سياجه الثابت القار،وتمتلات هذه الحركية المطلقة تتم عبر تمثلات نسبية لتعبر ارادة الناس بشقيها (المعرفن،المفكرن) عن هذا التوق للتوحد مع المطلق،وبمقدار ماتقترب هذه الارادة النسبية من التعبير عن ارادة المثالات المطلقة كلما اقتربنا من كمالات لاتحدها نسبية جغرافيا المكان او تاريخية الزمان التي تطبع كسوب تاريخها الانساني وتميز ارصدة بيئتها الاجتماعي وبذلك يحقق خلوده وصلاحيته لكل زمان ومكان(بعامنا) الاسلاموي وهي من بعد تعني ثانيا (بخاصنا) المتاسلم بلوغ تمام نظر تحليل لعناصر النص وخطابه القراني لصالح كونيته التي تتاتي من كونه مجسدا لنظرية الوحدة الكونية الوجودية . بمستويات (الوحي>الوعي) و(المعرفة>السنن) و(الادراك>الاشياء) تشكيلا للحظة الاعقال الصوري المتجرد العابر الذي يحول منظومات المطلقات الكونية الاولية ب:الوعي الموحي والسنن المعرفة والاشياء المدركة>وصولا للحظة الاعقال التجريبي المتماسس الذي يشيد منظومات المتنزلات النسبية المركبة لها ب: التمثل التاريخي المجتمعي لاصولها بتفكرها الوظيفي البنيوي ومابعده وبتفقهها التاريخي السياسي المقاصدي المتجاوز لتصله تحليلا من جهة بكليات نظرية الوحدة الكونية والمعرفية الانسانية،ولكن من جهه اخري بما ينبغي ان يستصحب مفاهيميا اتساقا مع هذا الاطار بجزيئات منهجية التفكيك البنيوي لعناصر سيمائية (الخطاب النص) القراني المكرم، فهو كتاب الرموز الدلالية اللغوية والسياسية للثقافة الانسانية المشتركة و لتثاقفها الفرعي المتعدد بتنوعه المحلي، ومن مايستتبع تمام بلوغ التحليل نظرا ومنهجا متجليا، هو في التواصل الذي يستوجب التفسير الموضوعي لديناميات الوحي بمضامينه ومفرداته(=اي لمنطقه الداخلي) النوعي استكشافا لاساس المنطق التوحيدي المعرفي لاليات بنائه (موضوعات النزول) ولميكانزيمات الوحي بلحظات انتقالها الكمي(=اي لمنطقه الخارجي) التي حتما تمهد لمراحل مفصلية:هل تؤسس لبائن انقطاع حدي مع قضايا كل زمان ام لايجاب تتقابل معه بقطيعة متجاوزة؟ ومن ثم لانسجام المنطق التوحيدي التاريخي لواقع حادثاته المتناقض ولادوات متباين مفاعيله (اسباب النزول) ليتم من خلال شرطي (الموضوع السبب) استنياط: الشمول التوحيدي والتعدد المعرفي والتكامل التاريخي،لعلة ومعلول بنية نص الخطاب القراني الاكرم، الذي يتيح وفقا لذلك امكانية واقعية لتهديم اركان التنطع الوطني التقليدي والغلو السلفي المتاسلمان بذات القدر، باحتكارهما المغلق الصفوي للسلطة النصية، كسر هذا الحصار يمهد سبلا فاتحة لابواب واسعة امام طاقات تاويلية هائلة ومقدرات اجتهادية حافزة لجمهور العامة في اتجاهات اكثر حرفية وعلمية وشعبية ديمقراطية، فامكاناته الا محدودة تصلح لاعادة التاويل الرمزي و لاعادة انتاج بالتالي عدة خطابات مستنبطة من فكرويات كلية وفرعية بمنهج ومفردات مستمدة من ذات اللغة، بتنوع كثيف لايخل بالملهمات الاصولية ولكنه لايستبعد السياقات التاريخية والجغرافية بحيث يمكن ان يكون ذات قالب اللغة وعاء تسكب فيه محتوي معاني مختلفة لتعبر عن جمود ظاهرات استلابها واستضعافها بطارئ توازناته او عن واعد قواها الكامنة المحرضة علي سكون السلطة الاجتماعية المحافظ لمفاعلة بعقل ثقافي وسياسي ناقد بحساسية موتورة بالغة هي من سمت المصلحين والانبياء لاوضاع متمردة لاتحتمل نباهتهم العالية السكوت علي جهالتها المطبقة، ثم بحراك اصلاح او ثورة…وهي تعني من بعد ثالثا علي مستوي (راهننا) المتوطن، تجاوزا بناءا للكيانات المجتمعية والثقافية ماقبل الدولة بطرح غير مساوم نافي للرهان القبلي و الطائفي لصالح ثقافة مجتمع مدني يعمل علي مصادرة وتفكيك ثقافي بالدرجة الاولي لهذة الكيانات، دون تكريس او تكليس لسلطة دولة مركزية، ولكن بتعامل مع الواقع المعاش بهدف ايجاد البدائل التي تحافظ علي توازن الهيكل الاجتماعي عوضا عن تحطيم قواعده التقليدية دفعة واحدة ثم باعادة تعريف (تقدمي، تاسيسي) لثقافة دولة جديدة لسودان جديد، لا تكون تعزيزا (مجانيا) لسلطة دولة (وهمية، قامعة، مركزية) تحت اي باب من منمط الشعارات اوالعناوين، ثم بطرح جرئ اخر غير مساوم في نفيه للدولة الثيوقراطية والائكية (=التي قد لاتعبر عنها بالضرورة حرفية الاصطلاح العلماني) علي حد سواء فهما اختيارين ايدولوجيين غير محايديين في مقابلهما تتاكد الحاجة الموضوعية الملحة لتوسيع الفهم الثقافي لمدلول الدولة المدنية القائمة علي جذر مجتمع المواطنة الانسانية التي تؤمن بقيم الحداثة والتدوال السلمي و حقوق الانسان، كشرط عاصب للنسيج الاهلي المجتمعي المتعدد، واستحقاق عاصم للتوحد السياسي الوطني…
*وخامس تحديات الانتقال الديمقراطي، هو من مستدركات ما يستتبع الانتباه الرصين والبدء الحثيث بالاشتغال علي تقدمة مغايرة لوعي هوياتي اجتماعي بعناصر وحدة ثوابته المتماثلة ومتعدد متغيراته المتكاملة تجانسا: بمركزيته الافريقانية الاصيل، ووافد استعرابها المكتسب باعادة الاعتبار لتوازن عنصرييها الاصيل والمكتسب وبعدي حضارة شخصيتها الافريقاني والمستعرب وماقد يستصحب ذاك بالضرورة من مستلزمات اتصال بمفومين محوريين واشكاليين، هما مصطلحي: المركز والهامش، وما يرتبط بهما من كتل حرجة صانعة للتغيير، ومديات ماتسمح به من تداول سلمي سلطوي وتعاقب نخبوي دوري يعبر عن حقائق مكونها ومضمون صراعها… جديد المطلوب هو ان يضفي علي مفاهيمها محتوي (ديناميا) يحرره من (ستاتستك) مواقع الجغرافيا والاثنية الجامدة بقدريتها الجبرية الي منصات مفاهيم تتموضع بالمحدد المرن ووفقا للموقف (المبدئي) من مسائل الصراع الاجتماعي السياسي، فتبادلية :المركز/الهامش والنخب الممثلة لهما، قد تتبدل او(تستبدل) تحالفاتها ورتبتها من قضايا السلطة والثروة…>>>يتبع.

( انتهي في السادس من أبريل2021. )

• كاتب صحفي وباحث في مجال دراسات السلام والتنمية .

• عضو مؤسس لحركة تضامن من اجل الديمقراطية والعدالة الإجتماعية .

اترك رد

error: Content is protected !!