صحو الوجود / طارق زيادة صالح سوار الذهب

قضايا الانتقال الديمقراطي : التحديات الماثلة (10)

طارق زيادة صالح سوار الذهب •

                                                          

بل ان احقيتها الحصرية في ان تكون لسان انسانها وصوت اقليمها، قد تتحول الي محل شك وتساؤل، ليتحول المفهوم من مقتضاه الاجرائي (الامبيريقي) السياسي الي ضرورة تعاليه لنسقه الموضوعي (الابستمولوجي) الثقافي، ثم ولارتباط ذاك بملحق جوهري من مستلزمات تصور وافتعال مبدل للسياق الشعوري والتطبيقي اﻷسر، والمقيد لمفهوم الهامش لغير صالح صيرورته النسبية و تحولات حراكه المجتمعي وعلاقته بمفهوم المركز ليس فقط علي هذا الصعيد بل و حتي علي مستوي تبدلاته التاريخية والمكانية فليس بالضرورة ان يكون مكانا مناطقيا قارا او سلاحا تاريخيا واحدا او وسما اثنيا غالبا يشهر حرفيا، بذات الادوات ويصلح بمحتواه لكل الظروف، في وجه الاعداء من متوهم اغيار السياسية بالوطن ومتشاركي او متخاصمي الحيازات الارضية والولاءات القبلية، ومنتفعي حواكيرهما المادية والمعنوية فهامش اليوم ومجموع جماهيره المستضعفة قد تكون مراكز الغد ونخبه المهيمنة والعكس صحيح، وذلك باحتياط من ماتملك تحالفاتها من حوافز مصلحية وقدرات ذاتية انتهازية وما يتيحه محيطها من دورية تعانف متقلب (خلدوني) بتشابه تصاعده وهبوطه الي ومن مراكز القوة وشغفه الغريزي بممارساتها و احتياجه الوظيفي لمزاياها التي لاتستطيع من دونها حياة وعيش ممكن في مجاليها المتحضر والمتريف، فبضدي افعالهما تعرف الاشياء، ومقدار مايمكن ان نطلق عليه درجة التشيوء السلوكي، بلا وعي عقل باطن معمق اوظاهر مسطح:الذي تجابه به بمستحق او بغير مستحق التحدي الوجودي المتشبث بانتزاع شروط بقاء انتهازي ببيئة مصطنعة وباي ثمن (بمكافيلية) مفرطة الوقع في مقابل ما يمكن ان تتيحة وما ينبغي ان يشتغل عليه بتحدي الانتقال من احتمالية مبذولة لشهود (براغماتية) متزنة الاثر،باستصناع شروط بقاء مستنبت ببيئة طبيعية، لا تعمل فقط علي قهر اطرافها المتوطنة او استسلام معادلات قوي ساكنيها لاكراهات الامر الواقع، دون اي جهد مقاوم، اوارادة بتغيرات حكيمة متدرجة ومستبدلة لخزانها المفاهيمي، الذي شيدت علي اسسه صور الحكم الاتحادي المستمرة زمانا: من حال راهن ما (قبل الدولة المؤسسة) التي تتحدد بكلاسيكيات: اولا من جهة النظرية الانقسامية بعلم اجتماع وانثربولوجيا وميثودلوجيا السياسة، وثانيا من جهة اخري نظرية الحكم الاداري والمحلي الكولونيالي القائم علي التقسيمات الاهلية والمحاصصات القبلية لاغير،الي نحو اجل لدولة ومجتمع يصار لان تستجمع رؤاها وحراكها ليصدر عن طروحات (تحت اطوار التاسيس المعرفي) لرحاب ثقافة مابعد (دولة ومؤسسة) ليست علي حواف الحدود الجامدة في النظر الاقرب للمجتمعات التقليدية، عوضا عن تماس ابعد للحدود المتغيرة التي تنظر لهذة المجتمعات من خلال ديناميات فعلها التقليدي صوب حداثوية انماط انتاجية وقيم سلوكية ناشئة مستوعبة غير محطمة بالاساس لهذه الهياكل الاجتماعية بالتجاوز البناء وليس من خلال عنف هيكلي عدمي بالقطع، ينغي اذن مغادرة حاسمة سريعة من حالة الارتهان المعيق لهذا التوصيف وما يمليه علي مستلبيه من سياسة مقعدة، علي الاقل بالتبشير في هذة المرحلة بقوة وبايجاب واعد، لملامح انتقال حافز الي فكرة=الاقاليم البشرية الاقتصادية>> علي قاعدة وطنية لتقسيم العمل، باحزمة تجانس وتكامل لجغرافيا اقتصادية بشرية بتنمية متوازنة متكافئة الفرص الاولية والمزايا النسبية والمضافة لمختلف نشاطها الانتاجي باقاليمه وانسانه المتعدد الامكانات والقدرات لتشييد نسيج هوية مجتمعية لسوق وطني واحد مندمج:ثقافيا، اقتصاديا سياسيا،مما قد يتيح بعوامل الاستمرارية والمفاعلة التاريخية امكانية التشكل السياسي والدستوري لميلاد الظاهرة الفيدرالية الوطنية والاقاليم او ربما (الولايات) السودانية المتحدة او(الاتحادية) لتقام هذه المرة علي الاعمدة الحقة لمجاليها المفاهيمي والترابي مما يساعد بلاشك لبروز سهم مستجد لجناحي سلطة مستقدمة: اولها لمؤسسة عسكرية قومية لما بعد ميليشيوية اثنية، بعقيدة قتالية حامية لثوابت الوطن المدنية ولنظامه الاتحادي الديمقراطي، وتاني اجنحة سهميها، التوافق علي كتابة محددات نظرية استراتيجية قومية وجيوسياسية جامعة للامان الوطني واضح المعالم علي خلاف مع افكار المصالح المبهمة وغير المعرفة التي تقع في حبائل الفكرويات المؤدلجة وشرك المنافع المتحزبة والشخصية، للتعاطي الوطني العازم المشترك مع المهددات الوجودية ومنظومة عوامل الرفعة والنهوض الشامل مجسدة ب= (National Interests) باصل حوافز فرصها البشرية والطبيعية وبمكتسب جهدها العقلاني المبدع ومركبها الاقتصادي المضاف بعناصر قوتها المادية والمعنوية المقتنصة والمتجددة فالسودان التاريخي، مصطلح مخادع سالب اطلقه غرباء مستكشفون استعماريون لكل الاقوام من ذو البشرة السوداء لمعظم جنوب الصحراء الكبري، وهي ببساطة المقابل اللغوي لجماع محدد عنصري لصفة خارجية، بسند ما جيني متوهم:بيضان~سودان، وبما لايمكن ان يتعدي ذلك ايجابا مضافا لخصائص موصوف ذي دلالة كيانية مادية وهوياتية معنوية موحية باصل اجتماع بشري عمراني مستقر وموحد…
اولما يظهر نتيجة لكل ذلك عادة من تصاهر مجاورة ولعل هذا بدوره، مايفسر الافتقار لرمزيات العيش المشترك ولغياب اطارات مجتمعية متجانسة، ولهلامية العوامل الدافعه بها نحو تخلق الدولة الوطنية الحديثة بفعل انعدام تماسكها واستمراريتها بالغالب او علي الاقل جدتها، فهو لا يحتمل الا ان يكون تعبيرا عن حركة النزوحات والهجرات الكبري و الصغري لمجموعات بشرية علي امتداد افقي رئيس بين امتداد ضفتي غرب ساحل القارة الافريقية حتي شرقها بتداخلاته وتقاطعاته العمودية الثانوي باقصي راسي شمالها بحرا لجنوبها العاكس بتفاعل افقها الحضاري الافريقاني المحلي المتسع الرحيب مع وافد ثغرها الحضاري العمودي:القديم والمعاصر المستعرب والمستغرب ثم المستعمر الغازي والمتساكن المسالم، تلاقحا بين عناصره و تثاقفا بين مكوناته وهو لم يكن بالاحري بالنهاية الا وعاءا ديمغرافيا اثنيا متناقضا لاريكولوجيا خمس احزمة بيئية مناخية تتجاذبها مراكز استقطاب: لانشطة انتاجية بدائية ، ومراكز تحولق:لانشطة عرفانية تدينية تقليدية واسطورية ، لتشكل بؤر تجمعات استيطانية بفضاء متريف متناثر انقسامي و مقطع الاوصال، ليخرج عن تكثفها الكمي الا وظيفي بلا تمايز حقيقي ونوعي،حصيلة من فائض رأسمالها الرمزي بالاساس والمادي بدرجات اقل من تسليع ثرواتها الفلاحية الزراعية والرعوية الحيوانية، ثم الجعل من مضاربتها بموارد ريع ارضها الخام المستنزف لتفيض بذلك عندما لاتسعه حتما اطر المكان المحدود الوسائل والقوة التبادلية لمعروضها ومطلوبها بسقفه المتواضع، واثر ذلك بمجال علاقات نخبه المحلية:المتحفزة لمكانة تصاعد تراتبية ولوجاهة عشائرية والمتاهبة لترقي اجتماعي صوري سيضيق الامكان الواقعي عن تلبية احلامه الاستهلاكية ويفوق قدراته الفردية وتطلعات تدبير حتي اقتصاده الاولي و راسماليته الطفيلية لتستصنع كرها من كل ذلك فضاءا متمدنا متناثر حولها، استثنائي و غيرمكتمل بفوضي المدن المتريفة العشوائية وبهشاشتها التابعة، ومراوحة متذبدبة عميقة ببن مايرتبه عليها وعي الاستنارة وما توقعه فيه افعال الجهالة، ليستنسخ مابين المجالين النخبوي والفضائين التاريخي، علاقات زبونية مجتمعية وسياسية تعاقبية تعتاش عليها مشروعيتها المحلية وتمول به نخبها مشاريعها السلطوية، مابعد المحلية الاوسع نطاقا لنحو الوطن الذي تعيد به تاكيد شراسة سيطرتها الولائية والاتحادية وشرهها المتعاظم لتجيير ثرواتهما لصالحها، لينشأن بذلك عمقا يرفد كلا منه الاخر ويتغذي وجود كليهما علي متاكل كيان واحتياطي رصيد الاخر، يرممان به ما يفتضح من عيوب سلوكية وظيفية، وما قد يعتريها من نقائص قيمية بنيوية وعجز عن تمويل وتدوير انشطتها الانتاجية الاقتصادية المهلكة لمواردها البيئية والبشرية المستنفذة لسياج امانها الاخضر… لندلف بين يدي تمهيد لمؤتمر قومي جامع: ليناظم علاقات= الدولة بالتدين، المجتمع بالهوية… وليكامل الثوابت الوطنية باصولها الدستورية، لتوازن وتضابط وتفاصل بين هيكل النظام السياسي الوطني وطبيعة درجات سلطاته الاتحادية، فالواجب المستحق بالرعاية الاتم بين ظهراني سجل كتابها، واتعاظا بتجاربها المرة ان يكتب الان بين دفتي صحائفه عنواناهذة المرة بمعيارية علي غير مالوف توصيف اثنوغرافيا الخارطة الوطنية وانظمة التقسيم الاداري، لنحو جديد افكار عابرة للاثنية، ولادب دستوري مستند علية وممارسة سياسية متحاشية لسلبياته التاريخية الاستعمارية ومابعدها من انماطها المركزية الوطنية… ولنامل ان تصاغ مفاهيمها وتقام علي معايير الاحزمة الاقليمية المتكاملة بمحدداتها المحايدة وبمعطياتها الموضوعية التي تقتضي توافر القدر التبادلي المتوازن= من عناصر التوحد والتجانس الانتاجي والسكاني داخل كل حزام وبعلاقته بخارجه بالولاية والوطن بل وجل العالم، ومن ثم بعوامل الجغرافية البشرية والاقتصادية الموطدة لاقتصادها السياسي الكلي وبالتالي المعززة لابعاد القوة الاستراتيجية الوطنية الشاملة، اذا كان هذا هو جوهر المضمون حتي لايصبح الهيكل الاتحادي تصميما فارغ الروح و المحتوي او مجسما لبناء فوقي لم يتم التجذير القاعدي الاجتماعي لمعانية وطرح مفاتيحه الاساسية التي يتم التاكيد عليها واشراع الابواب علي مصرعيها بوجه كل تحدياته:فازمة بناءه وهيكله الدستوري ليست فقط بالانقلاب الشكلاني كل مرة علي منطوقاته واحكامة الاجرائية، بل في غياب الثقافة المدنية في مجتمع تقليدي يعيش ظاهرة ماقبل الدولة التي تسودها علاقات البداوة والمشافهة من جهة،والي غياب التمييز الثقافي المفسر،الشارح من جهة اخري لمفهومي : الوطن/الدولة، السلط/النظم) الذي يتيح التفريق بين استراتيجية (بقاء او استمرارية) الدولة ومرحلية (فناء او تداول) السلطة، ان التحديد الدستوري والسياسي الشارع لهذين المجالين سيحافظ بتعدديته علي علاقة الوحدة داخل النسق السياسي ، للمشروع الوطني برمته =
*بين مجال سيادي (تبايعي) محفوظ يستمد سلطته من الاجماع الشعبي المباشر، بثوابته الانسانية و مرجعيته الوطنية بعنصريها: الجغرافي (التراب الوطني) ، والبشري (بكل مكونات بناءه الاجتماعي) تعبر عن كل تناقضه وضامنة لتوازنه واستمرارية ادواره الوظيفية واعلاناته التاسيسية.
*وبين مجال سياسي (تعاقدي) متغير يخضع لسلطة قابلة للتعديل والاطاحة، تنزيلا سياسا وكسبا واقعيا للمثالات الانسانية والمرجعيات الوطنية معبرا عنها في شكل سياسات تراعي خصوصيات محلية وعالمية وتخاطب قضايا مجتمعية متعينة.>>يتبع

( انتهي في السادس من أبريل2021. )

• كاتب صحفي وباحث في مجال دراسات السلام والتنمية.
• عضو مؤسس لحركة تضامن من اجل الديمقراطية والعدالة الإجتماعية.

اترك رد

error: Content is protected !!