صحو الوجود / طارق زيادة صالح سوار الذهب

قضايا الانتقال الديمقراطي : التحديات الماثلة (14)

طارق زيادة صالح سوار الذهب


علي راس الرمح الطليعي لهذا التحالف اسه الشامل، مثقفيه العضويين بالمراكز والهوامش علي تعددية تمثيليتهم السياسية، ودينامية تموضعهم من صراعي السلطة والثروة و بتعاقبية عنفية لاتداولية سلمية، لمن يمسكون حقا بالمنافع، ويزعمون حديثا باسم المصالح المتدثرة بالوطنية او مادونها وتحت خطها (الدولاتي) بل وحتي لطبيعة متحولة بدورية مناطقية لنفوذها، تجعل منها مفاهيم متحركة متجددة في التاريخ والجغرافيا ومن خلالهما مجسدة اجتماعيا وسياسيا، واثنيا بتبدل خط انساب معادلات الهيمنة القبلية والاستقواء الانقسامي غير الساكنة، فمن واجبات المرحلة الاحلال المتجدد الحي لمنمطات تحالفات درك التقليدية لعناصر درجه الحية المنتمية للغة ومتصورات المعاصرة…


*ثم ناتي للجذر الثاني، او ما كان يطلق عليه (سياسويا) لحين من الدهر، ربما طبع المسار لزمان اقتصادي بائد، ولكن مازالت تداعياته و اثاره تلقي بثقلها الضاغط علي كاهل الراهن المهترئ علي صعد الاقتصاد والسياسة، اذن المقصود ماعرف تاريخيا ومنذ بروز ملامح تشكل متقطع الجغرافيا السياسية الاولية واتضاح معالم بعض متكون دولة (وطنية) ماقبل وبعد (كولونيالية): علي الرغم من عدم نضج مشروعها وبدائيته وافتقار اطره السيادية: الاقليمية المكانية/الديمغرافية الاجتماعية، للانسجام والاستمرارية وعيش ضمن حدود سياسية قابلة للحياة مرضي عنها من قبل اطرافها المحليين ثم معترف بها من شركائها الخارجيين، اذن المقصود تاريخا، هو ماعرف لاحقا ومابرز منه فكرويا بمستتر ادبيات التاسلم الانقاذي، وما تم تداول عنه تحت مسمي (مثلث حمدي): او بمفردة اوضح السودان النافع او المفيد، الذي تاسس في غالبه علي ارث القاعدة الانتاجية الاستعمارية بغرض ايفاء حاجاتها العملية والاقتصادية وصممت علي ضوئها موسساته التعليمية ومناهجها لوظائفها العامة والضابطة بالخدمة المدنية والعسكرية لتغطي بذلك المهمة، بقدر الحاجة لاستجلاب خام محاصيلها الاولية واسترجاع فوائض قيمها النقدية، بمحدود طرقها وسكة حديدها وبريدها ووسائل تواصلها بمراكز تواجدها بالحضر والبادية حفاظا علي ثقافة انظمة التبادل المجتمعي بعلاقات مزارعتها ووساطتها المتاجرة التي
تضمن سيطرة نخب وقوي محلية ووطنية لتوازن استمرارية وبقاء الهيمنة السياسية الاستعمارية بل ولتترحل كل هذة المنطومة الهيكلية بكل محمول منمذجاتها القيمية و السلوكية، لما بعدها من عهود وطنية وليحمل خطأ المضي بمسارها ثلة من تحزب حكومات الاولين واشتات سابقين من انظمة مختلفة وصولا لجبلة الانقاذيين الذين لم يتعظوا فاصبح عليهم يومهم التالي ضحي يتثاقلون خطي وفهما كمثل من يحمل اسفارا، زادوا علي اكياله بغير ادراك، وقد تهيأت لهم فرص المراجعة والتامل، ولكن علي غير ما هذا الاتجاة الواجب الاتباع، مشوا باوزار هوي الايدلوجيا الاثنية، واضافوا عليها وزرا مضاعفا من مسوح اوهام تاسلهم المراءي وفكرويتهم الاقتصادية المتسيسة لاعادة انتاج منافعهم (الجيدة، المفيدة) والضيقة لتترسم بفعل الجديد او يعاد ترسيمها القديم بالاحري بما طرأ فقط من قوة الكم المطلبي المستهلك لا قوة الكيف النوعية المنتج و ضراوة التقاطعات العرقية البشرية، وشدة تعالي غرائز المغنم الاقتصادي السياسي المترتب عليهما ليضيع ما كان يمكن ان يتاح من مفتتح حقيقي جاد: نافي ومختتم لجغرافيا المثلث الاستعماري الوطني التليد= لصالح الاحزمة الاقاليمية البشرية الانتاجية بروح جديد ينبني علي خارطة ولاء الاستنارة العقلانية الانسانية، بابعادها الاجتماعية و الاقتصادية السياسية الموحدة لسوق سلام وتنمية الوطن المستوعب لهويته الحضارية التاريخية، التي لاتقوم بالطبع علي خارطة ولاء الاستتباع المركزي المفتعل لتناقضه الهامشي، ومزاعم انموذجات:تضاد استعرابه النيلي بافريقانية طرفية مجاورة له،ولكنها بالامر الواقع، والفهم الرصين تقوم منه مقام المجزوء من الكل والمفروع من الاصل، بما يكامل بينهما باجزاء وفروع العلوم المجسرة العابرة لتقابل ثنائياتهما الصفري…


•ثم بحقل اجرائي، اخرا وليس اخيرا:ممثلا في شبكة الافساد الممنهج والاثراء المنتهب و التبادل المضارب، بتحالفاته المنتظمة الممتدة: بنشاطاته المتعددة واقطابه المتغلغلة في كل مناحيه والممسكة بقطاعاته المفصلية… ليتم اكبر واوسع (تدوير) مخادع ومتحكم باطوار اقتصاديات الازمة والندرة، بمداخل افسادها المنهجية المرعية من لدن اجهزته التنظيمية الحاكمة وبمخارج اثرائها المنتهبة المعروفة من قبل شبكات اقطاب داعمي ومنتسبي هذه الاجهزة، بتقصد المبارحة التكتيكية فقط لعناوين مظاهر الازمة وعرضها، مع تعمد بان لا تخاطب جذور الندرة واسبابها وان لا تتعدي الحلول حدود (العياني) المعلول لما ورائي حد العلة، فقد يكون المطلوب ابقائها واوضاعها علي نحو يضمن اخضاعها والتلاعب بتوازن مكونها، وتحويل قواها الي مجرد فواعيل يومية منهكة ومنتهكة،لتروس في ماكينة ضخمة، لفائدة ثرواتهم واقتصادهم الموازي الذي لاتصب حواصلمها بمصلحته، ليصحوا علي واقع مرير مستلب لذاته الانسانية . لا يزيدهم الا افقارا ولهاثا محموما من وراء معاشه اليومي، الذي قد يصل درجة تحجب عنه ان يبصر غيرها من مطلب حتي لو كان ارتباطه الاوثق باستحقاق يقع خارجه يتعلق بتمام العافية السياسية الاوجب واستكمال حريتها بشرطها الاقتصادي الاعدل، والذي لا يراد له قطعا،بما يسلط عليه من عنت مكابدة متواصل توقعه تحت طائلة الارتهان لمتوالية الاحساس بدونيته وخضوعه لهذة المنظومة الاقتصادية القاهرة،السالبة لكرامته الانسانية والكابتة لطاقاته الفردية والجماعية ليستشعر اغترابا نفسيا وذهنيا عن انماطها المعيارية المعيبة وسلوكها القيمي الشاذ، ليدخل بعزلة شعورية مضاعفة بفعل ما يتراءي له يوميا من فوراق بين مايفترض ان يؤمن به من مباديء تساوئ بين رتبه ولاتعلي درج اي من حرياته: سياسيها عن اقتصاديها، بما تتيح من فرص امكانات وقدرات من جهة وما يعجز عن مجاراته واللحاق بركاب متطلبه الحياتي الضاغط، باحتياجات واقعية حقيقية او باوهام اقتصاديات (فساد:ندرة، ازمة) من جهة اخري عبر احتياجات متغيرة لامتناهية، باليات من عملها المستهلك المتشيئ، وقواها بسياستها النافذة المتمكنة بما حازت من قدرات لا تجاري وما تملكت من ثروات حرام فاحش بسببها، وما احدثت من تباينات انتهاز تصعد (ماراثوني) غير مسبوق او مستحق بين ملأ من علية قوم منسوبيه وسواد عامة الناس ليضعف وازعهم الاخلاقي وانتمائهم الوطني فتتعلق احلامهم بخلاص فرداني بل وحتي لطموح مهني واقتصادي بهجرة لخارجه، لما شهد من مظالم،تقوض اي امل لدي تيارات وعيه الاجتماعي باستشراف المستقبل او التخطيط لما يتجاوز هموم معاشه الراهن…
ثم من بعد ستعتمد هذه الشبكة:بتفرد مسلكها اجرائيا، بهرمية علي راسها الافساد الممنهج وبقاعدتها، الاثراء المنتهب، و بضلعيها التبادل المضارب، بقصد انفاذ اهدافها وبلوغ توجهاتها من خلال اولا:معيار الاعتمادية العميقة علي تسلسلية ترابط منافعي لمستفيدي مكونات هذه الشبكات افقيا، وترابط سلطوي موزع لادوار عصب مركزية وثانوية لهذه الشبكات تجعلها في حالة احتياج حيوي (لخدمات) كلها لبعضها البعض، ثانيا: بمعيار اعتمادية تشغيلية تمول الخروج من الازمات، ومعادلة موازنة عجزها البنيوي وخلل نظم ايرادها ومنصرفها الهيكلي المستديم، من رهن موارد الوطن و ثرواته المستقبلية طويلة الاجل بغرض حلحة مشكلاته الراهنة قصيرة الامد، وهي تصرفات لم تستثني اي حقل من قطاعاته المحاصيلية النقدية، زراعة وحيوانا، او من ركاز الارض نفطا ومعادنا…بل وحتي من اصوله العقارية ليبقي هذا السلوك واحدا من اهم ما يميز طرق ادراتها وقدرتها علي الاستمرار القلق و الصمود المتوتر، لانه علي مستوي الشكل النطاقي ليس شاملا بل هو خصيصة يستاثر بها اقتصاديا متنفذوا النظام لوحدهم، ففي مقابل سد الثغرات المرحلية ومستوي حجمها ودرجة خطرها= تتم المكافاة بمغنم المستقبل باحتكار محاسيب النظام وازلامه المتحكم بمفاصلة الاستراتيجية>> ليبدوا سافر العلاقة بمحض نظام منزوع (ادعاء) لشرعية ليبرالية سياسية وفاقد شرط منهج (انتساب) لاهلية ليبرالية اقتصادية لتتجلي صورته الاوحد هي فقط تلك التي تشتري بقائه القح وتمول بالعجز المجرد تواجده المكلف، تسلطا علي رقاب الناس وظهر البلد، ولانها فوق ذلك علي مستوي الشكل المضاميني ليست شفافة ولا تنافسية، بل هي حصرية تتم بالمخالفة لحيدة القواعد الموضوعية:العلمية المهنية التي تصب بكليات الاقتصاد السياسي الوطني الموحد ومصافقة تحاصصية تتم بالمحاباة المنحازة لقواعد الانتماء الفكروي والاثني الذي يصب بالنهاية بفرعيات الاقتصاد الموازي المتحزب بهامش دوره في بناء اولويات نهوض الوطن ومركزية دوره في ترسيخ اليات استبداد النظام، ليبقي علي السطح قادرا علي حفظ توازن اطرافه السياسية المحدودة واعادة انتاج قواه الاجتماعية المستنفعة الداعمة… سيبدو، بفعل هذه السياسات القابضة الامرة بفسادها وخططها وخصوصا بالفترات الشديد العصيب المؤلمة لسني الانتقال الاول نحو الانتقال للتحول الديمقراطي، وكان الاوضاع الاقتصاديةالسياسية النسبية كانت اكثر ثباتا بالعهد المباد، وقد خرج الناس من معاناة عنت طويل ومشقة عظيم، كان ياملون بعدها رغدا برجاءات خير الثورة وتضحياتها الباذخات، ان يهنأوا اخير وقد ازيلت او علي الاقل ماتصور لهم بانه الاضلاع الثلاث بحلقاتها المتسببة بازماته ومنظومات شبكاتها المرتبطة المديرة له من خفاء وعلن، وقد فاقم من هذا الشعور قلة صبر وقصر ونظر، وعدم ادراك وتدبر علي الاغلب بان التحولات الكبري الارسخ تاخذ مديات تاريخية اطول من اعمار الشعوب حتي ينتظم عودها ويستقر ميزانها بقسط حتي يحدث وعيها الاجتماعي بها اثره لا سيما اذا ما كانت جديدة عهد بالمدنية و الحداثة، او تفتقر الي التاريخية المماسسة لاصولها او لمراكماتها النضالية الخلاقة، بل حتي صراعاتها العدمية الدامية او العفوية الحرة التي عاشتها تحولاتها المجتمعية الديمقراطية، ببعض بلدانها الاوربية، ولكن الامر ايضا لا يسلم، من جانب اخر من بعض احباط وياس من قلة حيلة وضعف خبرة..>>>يتبع..

( إنتهي في السادس من أبريل 2021 ) .

•كاتب صحفي وباحث في مجال دراسات السلام والتنمية.

• عضو مؤسس لحركة تضامن من اجل الديمقراطية والعدالة الإجتماعية .

اترك رد

error: Content is protected !!