ثُمر المداد / د. أحمد عبدالباقي

قراءة في مؤتمر المانحين بجنيف لتخفيف الأزمة الإنسانية في السودان: الصديق وقت الضيق 3/1

د.أحمد عبدالباقي

الصديق وقت الضيق” مثل عامي ي يُطلق على الشخص الذي يعتقد أن أصدقاءه يقفون بجواره في وقت الشدة، ولكن يُفاجئ بعدم وقوفهم بجواره، تعددت الروايات حول تفسير هذا المثل، لكن أكثر رواية اتفق الكثيرون عليها أن وراء إطلاق هذا المثل رواية كان بطلها “والد وابنه”.

يحكى أن رجلًا كان ينصح ابنه بأن يختار أصدقاءه بعناية، ويقرب من واحد فقط، ويبعد عن الباقية؛ لأنهم لا ينفعونه عند الحاجة إليهم، ولكن الابن كان لا يستجيب له، ويدافع عنهم قائلًا أصدقائي مخلصين مثل أصدقائك يا أبي. فقال الوالد حسنا سوف نعمل امتحانا لأصدقائنا لنعرف، فقرر الأب أن يمتحن أصدقاء ابنه ليثبت له صدق كلامه، فطلب منه أن يذبح خروفًا، ويجعل الأرض ملطخة بالدماء، ثم طبخ الخروف، وجهزه وطلب الأب من ابنه أن يذهبا سويا إلى أصدقائه، وذهبا إلى أول أصدقاء الابن ليلا، وطرقا الباب فخرج وسلم فقال الوالد أن صديقك جاء عنده ابن الجيران، وحصل بينهما مشادة، فقتله ونريدك أن تذهب معنا لننظر بالأمر، فقال ليس بصديقي ولا أعرفه!!!!…. فذهبا إلى الثاني والثالث والرابع، فقال الابن انتهينا!!!!…

قال الولد مخبرا والده ما رأيك أن نذهب إلى أصدقائك، فذهبا فلما طرقا الباب خرج صديق الوالد، فلما عرضا عليه القصة قال هيا بنا إلى صديقنا فلان، فمروا به وأخبروه، فذهب معهم وجاء الجميع إلى المنزل، فلما دخلوا قالوا: أين المقتول ثم أدخلهم غرفة الطعام، وإذا به خروف مطبوخّ!!!!…. فغضب الأصدقاء وقالوا هذا اختبار لنا، فقال لا والله، لكنه درس لابني لعله يعرف بأن الصديق وقت الضيق فصار مثلا!!!!…

طاف بخاطري هذا المثل، وأنا أتأمل في مخرجات مؤتمر الاستجابة للأزمة الإنسانية الطارئة الذي عُقد بجنيف في يوم الاثنين 19 يونيو 2023م لعلي أتبين الصديق وقت الضيف، فكان ما كان وهذا ما ستكشفه تعهدات المانحين والمشاركين من الدول الصديقة للسودان والمجتمع الدولي من خلال مخرجات المؤتمر التي سنستعرضها في هذه المشاركة.

انعقد المؤتمر بجنيف في يوم الاثنين 19 يونيو 2023 وبدعم من الأمم المتحدة، مصر، ألمانيا، قطر، والسعودية، الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوربي وبمشاركة 80 ممثلاً لحكومات دول ومنظمات طوعية في مجال العمل الإنساني، وذلك من أجل دعم السودان الذي يشهد حربا منذ أكثر من شهرين بين قوات الشعب المسلحة ومتمردي الدعم السريع، والتي تأثر بها المدنيون بصورة مفجعة وحسب إحصاءات الأمم المتحدة، فإن 24,7 مليون شخص -من بينهم 1,7 مليون نازح داخلي وأكثر من نصف مليون لاجي، وطالب لجوء أو لاجئين عائدين بدول الجوار (وفقا لإحصائيات الأمم المتحدة – أكثر من نصفهم أطفال يحتاجون إلى المساعدات الإنسانية والحماية.

جاء في البيان الصادر عن الأمم المتحدة أن المانحين تعهدوا بتقديم مساعدات إنسانية بنحو 1.5 مليار دولار، وشددوا على ضرورة أن تلتزم الأطراف جَمِيعُها بحماية المدنيين وتسهيل تقديم المساعدات الإنسانية بموجب “إعلان المبادئ” الموقع بين الجيش السوداني ومتمردي الدعم السريع في جدة بتاريخ 11 مايو 2023م، مشيرين إلى ضرورة وضع أولويات النقاش حول تحقيق وقف مُسْتَدامٌ لإطلاق النار ووقف دائم للعدائيات وتوصيل المساعدات الإنسانية دون عوائق والتزام الأطراف بالقانون الدولي الإنساني، كما أكد المانحون على ضرورة الإسراع بتوفير الاحتياجات الإنسانية العاجلة الضرورية التي يحتاجها الفارون من الحرب وتوصيلها إليهم داخل السودان ودول الجوار.

ولضمان الإيصال السريع والفعال للمساعدات، أكد المشاركون في المؤتمر على أهمية إزالة العوائق البيروقراطية في السودان – بما في ذلك القيود المفروضة على التأشيرات والتنقل – دون تأخير. كما يجب على الأطراف (كما جاء في نص البيان) في السودان أيضا ضمان حركة الإمدادات الإنسانية والأفراد من مختلف أجزاء السودان، ومن دول الجوار إلى جميع أنحاء السودان – بما في ذلك دارفور حيث يحتاج ما يقرب من 9 ملايين شخص إلى المساعدات – وكذلك السماح بحرية التحرك للمدنيين بحثًا عن الأمان.
يتواصل………

اترك رد

error: Content is protected !!