ليمانيات / د. إدريس ليمان

بعد إنتهاءِ الشربوت ..!!


كانت من عادات الجاهلية الأولى أنْ يستأجِرَ أهل الميِّت نائحاتٍ وبواكٍ من النساء يَقُمنَ على عزائه بالندب يَضرِبنَ الخدود ويشقُقنَ الجيوب .. يُعَدِّدن محاسن الميِّت ويُظهِرنَّ جَزَعاً من القَدَر ويُبدِنَ غُلواً فى الحزن ، وكُلُّ ذلك نظير دراهم معدودة .. أمَّا النياحة فى زماننا هذا تُمارس بإسم الديموقراطية للتعبير عن المواقف السياسية الإنتهازية فنجِد بعض الأقلام التى كُنَّا نُحسِن الظَنَّ بأهلها تؤجج الأحقاد وتُلهِب المشاعر تجاه المؤسسة العسكرية السودانية تَحُزُّها فى غير مفصل فى المكان والزمان الخطأ ، فلايزال أهل السودان بين غمرات الحُزنِ والأسى لجوءًا بدول الجوار ، وعَبَرات البؤس والجَوى نزوحاً بمدن السودان .. نعم لكل كاتبٍ رأيه الذى يعتَدُّ به لكن فى لحظات المِحَنْ إن كان حُرَّاً ووطنياً حَقَّا لايقف ضِد وطنه وقواته المسلحة وشُرطته وأجهزة أمنه بل يؤجِلْ خِلافَه للزمن والوعى لتجاوزهما ويقف مع فسطاط الحق مع وطنه وترابه ودماء أبنائه .. أمّا مانراه الآن فى وسائل التواصل الإجتماعى من تَشَفَّىٍ فى قواتنا المسلحة وهى تُنازِل البُغاة فى ميدان الكرامة من فئامٍ من بنى جلدتنا يفتحون أكفان شُهدائنا ليتَرَّحَموا على منْ يستحق ويحجبوا الرحمة عن آخرين حسب ظّنِهم وزعمهم .. كُلُّ ذلك وهم لايدرون أنهم وبكتاباتهم البائسة يزيدون الدّم السودانى سُخونةً وبلادنا رفعة والوطنية إتقَّاداً وحماساً ، وقد علمتنا حقائق التأريخ أن الشعوب تحتقر من يُعَرِّضْ بها وتحترم من يُدافع عنها ويُضحى لأجلها وليس أدَّل على من موقف تلك الأميرة النبيلة الذى سجله لنا التاريخ فى إحدى مقاطعات إنجلترا التى طلبت من زوجها الأمير وألَّحَت فى الطلب ليعفى السكان من بعض الضرائب الباهظة ، وعندما يئس منها وافق على طلبها شريطة أن تتجول فى المدينة عارية تماماً ليُعجزها ويثنيها عن ذلك إلا أنها إمتثلت لرغبته وطلبه من أجل شعبها الذى قابل وفائها بوفاء فأغلقت المدينة أبوابها ونوافذها ولزم الجميع منازلهم حتى انتهت من طوافها وتجوالها .. أقول ما أقول لإيماني العميق بأن للإعلام دورٌ خطيرٌ جداً فى تشكيل الوعى المجتمعى سلباً وإيجاباً ، وفى تأطير ثقافة الأفراد والجماعات والتأثير عليهم بصورة أكبر وأعمق مما يتصور الجميع .. وليت الشرطة والحرب فى نهاياتها بمشيئة الله أن تلتقط القفاز وتبادر بوضع خُطة إعلامية متكاملة لما بعد النصر والسودان الجديد ، فهى أحوج ما تكون فى المرحلة القادمة لمحتوى إعلامى قوى وعميق ومؤثر ، يُعضد مسيرتها المهنية ويدعم قضايا المجتمع الأمنية ويُعزِّز من لُحمته الإجتماعية بغض النظر عن عن الوعاء والمنبر الذى يُقدِّم هذا المحتوى .. فالمصداقية والمهنية والمؤسسية هى العوامل الأساسية فى تحقيق فاعلية الرسالة الإعلامية الشُرَطية وقوة تأثيرها على الجميع ويكفيها أنها أضاعت على نفسها فى هذه الفترة الحرجة من تأريخنا فرصة ذهبية وثمينة لتأسيس خطاب إعلامى شُرَطى إستثنائى كان قادراً على التعبير عن نبض مؤسسة الشرطة فى ظِلّ القتال وحرب الكرامة بإستغلال المنابر الأوسع إنتشاراً والمتمثلة فى وسائل التواصل الإجتماعى التى أصبح لها حضورها القوى وتأثيرها السحرى لتوصيل خطابها الإعلامى الشُرَطى ويوميات الحرب بإقتدارٍ وبرؤية إستراتيجية راشدة تُحقِّق غاياتها وأهدافها وتعمل على بث رسائل الطمأنينة والأمان لجميع أهل بلادى وهو الأمر الذى لم تقم به ولا الإعلام العسكرى حتى ..!! ومن المفارقات العجيبة والموجعة أن إعلام التتار والمتمردون البُغاة كان حاضراً وفاعلاً بقوة ولايزال رغم باطلهم وزيف إدعاءاتهم .
حفظ الله بلادنا وأهلها من كُلِّ سوء ووفق قواتنا المسلحة الباسلة وشرطتنا الفتيَّة الأبيَّة رغم ما بها من دَخَنْ وأنعم علينا بنعمة الأمن والأمان .

اترك رد

error: Content is protected !!