الرأي

الجنرال برمة..!!

  

✍️ عبداللطيف كبير

تعلو وجهه الملامح المشتركة لقادة القوات المسلحة السابقين الذين حفرت في وجهوهم التجارب فأتسمو بالحكمة ووقار السنيين … شاهدته حضورا لعدد من المرات عبر فعاليات وإحتفالات القوات المسلحة المختلفة إلي جوار الراحلين ( سوار الذهب .. عبدالماجدخليل و أبوالقاسم محمدإبراهيم) طيب الله ثراهم أجمعين وأخرين من قادة القوات المسلحة السابقين وقدامى المحاربين والذين هم (من مضى منهم ومن بقي علي قيد الحياة) بلاشك في خانة الرصيد المعرفي والخبرات التراكمية وتجارب الممارسة القيادية السابقة واسعة الثراء للقوات المسلحة السودانية عبر إمتداداتها العسكرية الدفاعية والأمنية والإستراتيجية والسياسية التي تمليها ضرورات المهام والواجبات الوطنية بموجب الدستور والقانون وقسم الولاء ..

سيرته الذاتية تعود به إنتماءا إلي الدفعة الثالثة عشر في الكلية الحربية السودانية وماادراك ماالدفعة الثالثة عشر .. وهي التي تخرجت في العام 1961 أبان فترة حكم الفريق عبود وقيادته للجيش .. والدفعة الثالثة عشر ضمت رموزا بارزين من القادة إلي جانب (برمة) علي رأسهم أول الدفعة وحامل سيفها يعقوب إسماعيل واللواء عثمان عبدالله والفريق الشاذلي والعميد الأديب عبدالرحمن حسن عبدالحفيظـ والشاعر المجيد اللواء عوض مالك واللواء مصطفي الزين صغيرون و الدبلوماسي الخبير والسفير اللواء علي عبدالرحمن النميري والفريق عبدالرحمن سعيد وغيرهم
من بقية عقدها الفريد .. متع الله الأحياء منهم بالصحة والعافية وغفر لمن مضي .. وقد لا يعلم الكثيرون أن ذات الدفعة ضمت عدد من أعضاء مجلس مايو ( مأمون عوض ابوزيد وأبو القاسم محمد إبراهيم وزين العابدين محمدأحمد عبدالقادر) لذلك (13) من الدفعات التي تركت أثرا عميقا في الحياة السودانية إجتماعيا وسياسيا وثقافيا و كذلك كان قدرهم وهم يتسنمون سلم القيادة في التشكيلات والقيادات والأفرع أن تتصدي عبرهم القوات المسلحة للحفاظ علي أمن وإستقرار البلاد في أعقاب إنتفاضة أبريل 1985م إنحيازا لإرادة الشعب ورغبته في التغيير فكانوا عماد المجلس العسكري الإنتقالي الذي تشكل من القادة وفقا للتراتبية العسكرية المعروفة وترأسه الفريق أول ركن عبدالرحمن محمد حسن سوار الذهب رئيس هيئة الأركان وزير الدفاع والقائد العام وقتها … إلي جانب بعض الحقائب الوزارية في الجهاز التنفيذي الإنتقالي حيث تقلد اللواء عثمان عبدالله وزارة الدفاع ونال اللواء فضل الله برمة ناصر عضوية المجلس ضمن القادة الآخرين ..
نسترجع ذلك التأريخ ونستدعي شخوصه والمواقف والرجال لنهمس جهرا في أذن الجنرال برمة علي خلفية مواقفه السياسية المعلنة من أدوار القوات المسلحة وقيادتها في المشهد الماثل وآخرها ما جاء في تصريحاته لقناة الجزيرة ومذيعها المثير للجدل أحمد طه ..!!

والهمس في أذن الجنرال لعله يعود بذاكرته للوراء ليسترجع ذلك المشهد فما أشبه الليلة بالبارحة .. والقياس علي نسق أبريل 85 أشراطه بائنة ووواضحة لكل من ألقي السمع وهو شهيد .. و القوات المسلحة يومها وعبر ممثليها سوار الذهب وبرمة ورفاقهم لم تفاوض أحدا ولم تشارك أي كيان سياسي ولم تمنح السلطة لأحد حتي بلغت بها مسار الديموقراطية عبر صناديق الاقتراع وبعد عام كامل سيطرت فيه علي زمام الأمور وفي ظروف لها تعقيداتها الإقتصادية والأمنية والسياسية ولم يستنكر عليها أحدا ذلك الموقف ولا تلك الإجراءات معروفة المنطلق معلومة المنطق والتبرير و بتقديراتها الصائبة جاءت بالدكتور الجزولي دفع الله علي رأس مجموعة التكنوقراط التي أدارات الجهاز التنفيذي حتي بلغ الامر غايته ومنتهاه ..

وبقيت تلك التجربة مفخرة للقوات المسلحة السودانية ووفائها للشعب والوطن بين الجيوش في العالم لا سيما محيطنا العربي والأفريقي الذي شهد تجاربا شبيهة السجال مختلفة المآل وعلي ذات الطريق إستكملت القوات المسلحة التغيير في أبريل 2019م ومضي إبن عوف وجاء البرهان ..

ياسعادة الجنرال أليست تلك هي التجارب التي تستند عليها القوات المسلحة و الممارسة التي تنبني عليها أدوارها مع مراعاة إختلاف بعض الظروف إختلافا لا يفسد المسعى ولا يغيير الإتجاه ولا تضيع معه الغاية وملامح المهمة التأريخية واجبة التنفيذ ?? … فقط تغير القائد ومجموعة الأوامر بفعل التعاقب وتطور الزمن وسنة التداول المعهود ..

ياسعادة الجنرال إذاكانت الغاية هي المخرج للسودان فهل يتأتي ذلك بغير الوفاق والاتفاق وعدم الارتهان للمكاسب الفئوية والحزبية المحدودة والتفكير بالإقصاء والانفراد بالسلطة والقانون .. ذات الدوائر الضيقة التي ما أورثت وطننا سوى الإحتقان ..!!

همسنا الجهير لك وأنت الوحيد دون السياسين الذي يعلم أخلاقية ومهنية أدوار المؤسسة العسكرية التي تقوم بها دون مزايدة أو تجيير حتي وإن إرتديت الجبة وأعتمرت عمامة الانصار وأرتقي بك مقام التكليف الرفيع لرئاسة حزب الأمة فذلك لن يمحو عن مسيرتك الوطنية محطة القوات المسلحة وأنت ضمن ممثليها في أقرب تجربة شبيهة ومثالا لايزال حاضرا في أفق الحكم والسياسية خاضته بذات التجرد والأعراف والتقاليد والممارسة والسجال ..

ولا نعتقد أنك من دعاة التشكيك في مواقف هذه المؤسسة .. وليتك أفحمت ذلك المذيع بحديث يختصر عليه مشقة البحث ومعاناة السؤال ويصور له كم هو أمين هذا الجيش علي البلد بأرضه وإنسانه ليعلم أن القوات المسلحة ستمضي علي ذات الطريق تدثر الوطن بثوب الأمن والأمان والإستقرار وتعبر به إلي ضفاف الديموقراطية المنشود بلا إفراط ولا تفريط ..

اترك رد

error: Content is protected !!