الرأي تحت الماء / أماني ايلا

الثورة الشعبية المسلحة (3 من 3)

اماني إيلا


بعد أن بانت المؤشرات التي قد ترجح شروع جهات في تنفيذ سيناريو (الثورة الشعبية المسلحة) والتي روج لها أحد عرابي الحركات المسلحة وصفق لها قادة الحركتين اللتين رفضتا توقيع إتفاق سلام جوبا وعقدتا تحالفات سياسية وعسكرية داخلية وخارجية، وأشارة أحد قادتها صراحة للمشاركة الواسعة لعناصره في الحراك الذي يسود الساحة هذه الأيام وإعتزامهم (إقتلاع) السلطة الحالية بالبلاد جملة واحدة، هذا السيناريو الذي يعتبر حماقة سياسية و أمنية كبيرة إلا أنها غير مستبعدة على الإطلاق، وأشرت للضفتين المتقابلتين اللتين تختلف مصالحهما واللتين ستتواجهان عسكرياً إن تطورت هذه الإضطرابات الأمنية وتحولت لثورة مسلحة، وذكرت خطورة الأمر وإنعكاساته المدمرة على كامل البلاد إن حدث لا قدر الله.
ومن المؤشرات المهمة على إحتمال مضي بعض القوى في هذا السيناريو المدمر هو حجم الإحتياطات الأمنية التي أتخذتها الأجهزة الأمنية لمنع المتظاهرين من الوصول لقلب الخرطوم وللقصر والقيادة العامة لدرجة إغلاق الكباري بالحاويات للمرة الأولى في تاريخ البلاد، وكذلك تكوين قوات مشتركة ذات طبيعة قتالية متقدمة وبجاهزية عالية وبدء نزولها للشارع ولحماية بعض المناطق الحيوية، فيما يبدو أنه علم مسبق من الجهات الأمنية بإحتمال المضي بإتجاه هذا السيناريو، وكذلك مسارعة المندوب الأممي لطرح (مبادرة) تم إعدادها والإعلان عنها على عجل مما تشير لوصول الأمر لمرحلة الخطورة الدافعة لتدارك الأمر، المبادرة التي يبدو كذلك أنها محاولة لتقليل حجم خسائر القوى الخارجية الناتجة عن بيان الجيش في 25 أكتوبر وتخوفها من نجاح سيناريو الثورة المسلحة الذي تمثل القوة التي تقوده الرافض الأكبر لكل البرنامج السياسي والاقتصادي والإجتماعي الذي كانت حكومات حمدوك السابقة تعمل على تطبيقه تحت رعاية القوى الخارجية هذه.
ولا يمكن باي حال تجاهل قوتين مهمتين ستلعبان دوراً ربما حاسماً في حال إنزلاق البلاد لهذا السيناريو، و يعتبران أصحاب مصالح أساسية في ما ستؤول إليه الأوضاع بالبلاد، أولاهما الجيش والدعم السريع كقوة واحدة والتي من المتوقع أن تتدخل في لحظة الصفر الأخيرة لردع أي محاولة لعمل مسلح مصاحب للتظاهرات، والقوى الثانية التي تعيش حالة من الثبات السياسي المتذاكي لكنها ترقب الوضع بدقة و يدها على زناد قواتها الكثيفة المدربة هي قوى التيارات الإسلامية المنظمة والتي تمتلك أدوات قتال لا يستهان بها، وهي قوة قد يبدو أنها تتخذ موقعاً محايداً حالياً ولا تدعم أي من الضفتين المتقابلتين لكنها لابد ستكسر حالة الحياد هذه وستضظر للدخول في خط الأحداث إن إنزلقت البلاد لهذا السيناريو المدمر.
برغم الرفض القاطع للتدخلات الخارجية الكثيفة في الشأن السوداني إلا أن الأمل أن تكون إحدى ثمرات المبادرة الأممية الحالية وترحيب غالب المكونات السياسية الداخلية والمحاور الخارجية هو إخماد فكرة الثورة المسلحة وإفشالها وبعدها فكل المعضلات مقدور على حلها.

اترك رد

error: Content is protected !!