كلام صريح / سمية سيد

البيت الكبير

سمية سيد



أعود من جديد للكتابة عبر صحيفة (السوداني) الغراء، بعد غياب نحو خمس سنوات، تجولت خلالها على عدة صحف من رئاسة تحرير صحيفة (التغيير)، ثم كاتبة في (الانتباهة) إلى تجربة إعادة أصدار (السوداني الدولية) مع أستاذنا محجوب عروة، كواحدة من المساهمين، ونائبة لرئيس التحرير، ثم (اليوم التالي)، وهأنذا أعود إلى البيت الكبير.
لم أتردد عندما اتصل بي رئيس التحرير الشاب الخلوق، عطاف محمد مختار، لأكون ضمن طاقم كتاب الصحيفة ،برغم أنني حددت وجهتي إلى مؤسسة أخرى، إذ تربطني بـ(السوداني) علاقة مهنية ونفسيةـ لا أستطيع تجاوزها مهما كانت سنوات الغياب.
قدمت لـ(السوداني) من (الرأي العام) التي شكلت وقتها محطة مهمة جداً في مسيرتي المهنية، بدعوة من الناشر ورئيس التحرير الأستاذ محجوب عروة، وكنت نائباً لرئيس التحرير قبل أن انتقل لمحطة أخرى.
كانت (السوداني) بالنسبة لي بيتي الثاني، ضمت صحفيين من الوزن الثقيل، عرفوا بمهنيتهم وصدقهم وتأثيرهم على الرأي العام وصانع القرار.
عندما استلم الأخ العزيز ضياء الدين بلال رئاسة التحرير، رجعتُ كاتبة عمود راتب بالصفحة الأخيرة، . وهي الفترة التي شهدت نقلة نوعية وطفرة كبيرة، كانت فترة خصبة جداً في الأداء والمهنية، قمتُ فيها بإجراء حوارات وتحقيقات استقصائية في قضايا الاقتصاد .
أعود مرة أخرى لـ(لسوداني) .. الصحيفة التي أحمل لها وُداً خاصاً وتقديراً كبيراً للرسالة المتوازنة التي أضحت عنواناً لها، وظلت متمسكة بهذه الميزة النادرة في زمن الاضطراب والزعزعة في الأفكار والآراء والمواقف هنا وهناك، في زمن اختلاط الحابل بالنابل، ولم تعد الأشياء هي الأشياء ــ كما يقول الفيتوري..
الكتابة في (السوداني) بالنسبة لي متعة لأنها صحيفة تحترم القارئ، وتلتزم بوظيفة الصحافة وبمبادئ المهنة وبالمصداقية، وتعبر عن مختلف الآراء والاتجاهات بدون تحيز لفئة، ولا لجهة بعينها.
و(السوداني) ظلت منذ تأسيسها الأول مدرسة تخرج فيها جيل يحمل لواء التغيير والتوعية والتنوير، تجدهم الآن منتشرين في وكالات الأنباء، والقنوات الفضائية العالمية، ،والمواقع الإلكترونية الأكثر صدقية في النشر.
نعود للكتابة وللقارئ في ظروف بالغة التعقيد وعواصف هوجاء تضرب سفينة الوطن من كل جانب، وتتقاذفها الأهواء والأنواء ورياح لا نعرف من أين تهب، وعواصف نحتار من أي مكان تتحرك، وتحاصر المركب وتكاد تنقلب أو تغرق في ظلمات البحر..
وأي رياح أشد من رياح الفتنة والنار التي تشتعل الآن في النيل الأزرق وتتمدد بسرعة هنا وهناك…

كل هذا يجعل من الكتابة أمراً في غاية الصعوبة، فهل هناك من يقرأ أو يسمع أو يتدبر، فالجميع في حالة كلام وهياج، والكل يقول أنا أو الطوفان…

//
الصادق

اترك رد

error: Content is protected !!