
المتابعة اليومية المُرهِقة لواقعنا وحال بلادنا ومستقبلها تجعلنا نتساءل مُشفقين : كم ستطول حالة السيولة العامة التي نعيش في ظلّها ..!!؟ ومتى ستعود بلادنا إلى كنف الدولة المأمولة ..!!؟ فالسؤال هنا إستنكارى وليس إستفهاماً ..!!
فالمنطق يقول إن معركتنا الحقيقية والقادمة يجب أن تكون ضد السياسات التي تريد إبقاء بلادنا رهينة المصالح الضيقة جهوياً وإثنياً ومناطقياً وأن نعمل جميعاً بمنتهى المسؤولية فى البناء المجتمعى لا المساهمة فى هدمه وإلاَّ سنجد أنفسنا ندور في حلقة من العبث نبحث عن شماعة جديدة لتعليق إخفاقاتنا بدلًا من مواجهة التحديات الحقيقية التى تنتظرنا ..!!
من أجل ذلك يجب وضع مصلحة أهل السودان فوق كل إعتبار وتحسس معاناتهم والتعامل معها باهتمام حقيقي والعمل على إشعار الجميع دون تمييز بحقهم في هذا الوطن ليكون ذلك الأمر هو المبدأ الأول للحكم الرشيد العادل الذى نرجوا ونأمل .. لذا نتمنى أن يكون منطلق الحراك الكثيف الذى يجرى هذه الأيام لإختيار أعضاء الحكومة الجديدة هو المصلحة العُليا وما ينتظرنا من معركة حقيقية للبناء وإعادة الإعمار وما دمرته الحرب لا أن تُحركه المصالح والمجاملات والترضيات التى ستعجز قطعاً في إقناع المواطن البسيط المغلوب على أمره بأنها من أجل مصالحه الإستراتيجية لأن الترضيات القبلية والمناطقية تأتى فى معظمها وفى غالب الأمر فى إطار المصالح الضيقة وهذا مالا نرجوه ومالا نأمله .
فالواقع يقول أن هنالك إستهانة بما يُثار فى منصات التواصل الإجتماعى من إمتعاض على الطريقة التى يتم بها إختيار الحكومة القادمة من ترضيات ومحاصصات ( وأرجوا أن أكون مُخطئاً فى تقديرى وأن يكون ظَنِّى خائباً ) .. !! فإن كان ذلك الظن صحيحاً فإن تلك الطريقة ستسمم الجو العام لامحالة .. !! فالمصلحة الوطنية تقتضى أن تكون البوصلة الصحيحة هى المصلحة العامة وأمن الوطن وأمان أهله .. فقد علمتنا التجارب إن لم تتم الإنتباهة إلى مثل تلك الهواجس فإن آثارها الضارة ستترسب فى قعر الحياة وستُحدُثُ آثاراً مدمرة فى البناء المجتمعى والسلوكى للإنسان السودانى ولذا فإن من الحكمة سَدَّ كل بابٍ للفتنة مهما كان صغيراً وأن لا يُترك موارباً وذلك درءًا للشر والخطر عن حياتنا السياسية والمجتمعية ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً دون إستهانة بأى أصوات إحتجاجية ولو كانت مكتومة فبداية الفوضى تبدأ بالإختيارات الخاطئة على أساس المناطقية والإثنية فمعظم النار من مستصغر الشرر .. وحتى لا تُفسح الدولة المجال لأصحاب العقول المريضة من إستغلال الأمر لما يمكن أن يشكل تهديداً للإستقرار المجتمعى بين أبناء الوطن الواحد .. فإما أن نتعلم من الدرس القاسى للحرب التى بعثرتنا فى المنافى والمهاجر وفى كُلّ وادٍ ونعيش كمجتمع ٍ متماسك وكإخوة يجمعنا هذا الوطن العزيز وحتى لا يعلو سلطان القبيلة على سلطان الدولة .. أو نهلك جميعاً كالحمقى بأتون نار الفُرقة لاسمح الله ..!!
الا هل بلغت .. اللهم فأشهد .
حفظ الله بلادنا وأهلها من كل سوء .
السبت ٢٨ يونيو ٢٠٢٥م