ليمانيات / د. إدريس ليمان

هذا مع التحيَّة ..!!


أكبر حماقة سياسية إرتكبتها الإنقاذ فى تأريخها وبغباءٍ تُحسد عليه إنشاء هذا الكَيَانْ المُشَوَّه ( المليشيا ) بموجب قانون قوات الدعم السريع الذى أجازه المجلس الوطنى ووقع عليه رئيس الجمهورية آنذاك ومن ثَمَّ نشرِه فى الجريدة الرسمية .. وأوكِلت إليها مهام حددها ذلكم القانون تتمثل فى ( دعم ومعاونة القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى فى أداء مهامها ، والتصَدِّى لحالات الطوارئ المُحَدَّدَة قانوناً ، والدفاع عن البلاد فى مواجهة التهديدات الداخلية والخارجية ) .. ومن ثَمَّ زِيدَ لها ( أى المليشيا المتمردة ) فى مهامها بصورة كبيرة بموجب المرسوم الدستورى رقم (٣٢) لسنة ٢٠١٩م الذى عَدَّل فى القانون المشار إليه بتوقيع رئيس مجلس السيادة لتقوم ( بمكافحة الإرهاب .. والإتجار بالبشر بكافة صوره .. مكافحة الهجرة غير الشرعية والتهريب والمخدرات والسلاح ) .. كما صدر المرسوم الدستورى رقم (٣٤) لسنة ٢٩١٩م الذى ألغى المادة (٥) من قانون قوات الدعم السريع ( الخضوع لأحكام القوات المسلحة ) بجميع فقراتها .. والمُضحك المُبكى فى هذا القانون الضِرار أن العدو ( يُقصد به كُلّ من يخرج عن القانون ويقاتل ضِدَ الدولة ويُهدِّد الأمن القومى والسلام والطمأنينة العامة ويشمل العدو من خارج البلاد والمتمردين الخارجين عن القانون والعصابات بالمسميات المسلحة المختلفة التى تكون فى حالة عمليات أو إستعداد لعمليات مسلحة تهدد أمن وسلامة الوطن .. !!) ، والعمليات الحربية يُقصد بها أى أعمال حربٍ أو قتال فى مواجهة العدو ..!!
ولئن إستهانت الإنقاذ بأمن البلاد وهى تُنشئ هذا الجسم الغريب على الأمَّة السودانية وعلى قواتها المسلحة ظَنَّاً منها بأنها تُحافظ على عرشها وتحمى بيضة الدولة بذلك الصنيع الذى أخطأت فيه التقدير والوسيلة والتدبير .. فإن من خَلَفَهم فى السُلطَة ومن أتى بعدهم قد ساروا فى ذات الطريق سفاهةً أو جهالةً أو عمالةً لافرق .. وقد أسرتهم هالة الكُرسى وبريق المناصب .. فدارت الدائرة عليهم جميعاً ، وزُلزِلت الأرض تحت أقدامهم .. فما فائدة العروش والمناصب إن كان الثمن عاراً وذُلَّاً ودمَاراً .. وما أشنع أن يُدَوِّنْ التاريخ المواقف كلها فى سجله بالدم والخَبَثْ ..!! بيدَ أنه سيظل يَذكُرُ طويلاً أنَّ البشير قد أدخل الأفعى المُجَلجِلَة إلى بلادنا ومخادعنا بعد أن سَوَّى لها الطريق ظَنَّاً منه أنها سَتَمُجُّ السُمَّ فى وجه الحركات المتمردة التى أرهقت قواتنا المسلحة وأوهنتها .. وأنَّ البرهان قد وجدها فى حِجره عندما آلت إليه السُلطَة فأطعمها وغذَّاها وسَمَّنها ودَلَّلها وجَمَّرَها وبسط لها طرفاً من ثوب الدولة ومنحها السلطات الواسعة خوفاً وطمعاً إلاَّ أنها غرست نابها السام فى أعناق من ربَّاها وتبناها ، وبَثَّتْ سمومها فى جسد الدولة السودانية وعبثَتْ بمقدراتها ، وأوغَلَتْ فى إيذائها ، وقضم جغرافيتها ومدنها وقُراها ، والقضاء على سكانها بتقتيلهم وترويعهم وتهجيرهم ونهبهم وسرقتهم ومن ثم إحتلال دُورهم وإحلال عُربان الشتات فى منازلهم ، والبِنَاءُ بأم قرون فى مخادعهم وغرف نومهم ..!! وما هذا الدمار الذى أحدثوه والشتات الذى تسببوا فيه إلاَّ دليل على خستهم وضعفهم لا على رجولةٍ أو قوة .. ويقينى التام أنَّ إرادة أهل السودان رغم حالة التِيه التى هم فيها لن تَضعُف أمام أولئك التتار ، ولن تلين عزيمتهم فى الدفاع عن أنفسهم وأعراضهم وممتلكاتهم ، ولن يُصيبهم اليأس مهما كانت درجات الخيانة والإنحطاط لا يَضُرَّهم من خَذَلهم .. وسَتَرجِع إليهم كرامتهم المسلوبة ، وسيكون هذا القتل والتهجير وقوداً للنزال الحَقَّ وتِرياقاً ضد كل سموم الأفاعى .. وليعلم هذا الأحمق الدَعىّ والباغى الشقى المتمرد القادم من عُمق الصحارى أنه لامكان له فى أرض السودان وإن سقطت الخرطوم .. وإن سقطت ودمدنى .. وإن سقط النَصِيف من جميع مدننا .. وإن سقطت كل أوراق التوت التى كانت توارى سوءة كل خائن للوطن وإن لبس ثوب الوقار وتدثر بإزاره .. ولتعلم من بعد علمه كفيلته وسيدته دولة المؤامرات التى تُريد موت هذا الشعب وفنائه وتسعى وتُخطِّط لذلك أنّ العبرة دائماً بالنهايات وصفحات التاريخ مليئة بالحكايا التى تستوجب التأمل ..!! فيا سيِّدى البرهان عليك أن تشدَّ المِئزر وأن تضع عصا التِرحال وتقود معركة الكرامة بنفسك فشعبك ينام فى العراء ويقتات الكفاف ويهيم فى صحراء الشمال هروباً إلى حيث الأمان .. ويا جميع أهل السودان ويا كُل من ينحاز لوطنه ويؤجل إنحيازه لمدينته وعشيرته وقبيلته وحزبه وأفكاره .. ويا كُلُّ من يؤمن بالسودان وطناً لابديل عنه هذا نداءُ نُصحٍ صادق صادر من القلب وصرخة نابعة من الأعماق أن دعوا عنكم المكابرة والخصومة السياسية الفاجرة .. والكف عن السخرية والإستهزاء من قواتنا المسلحة ومن عدم القدرة على حسم صبية التمرد .. فإن النار الملتهبة إن لم تجد خطوطاً للنار توقفها ستزداد إشتعالاً وإنتشاراً .
حفظ الله بلادنا وأهلها من كل سوء .

الأحد ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٣م

اترك رد

error: Content is protected !!