ثُمر المداد / د. أحمد عبدالباقي

آفاق علمية مشرقة: الطابعة ثلاثية الأبعاد وأهميتها

د.احمد عبدالباقي

يعود تاريخ بداية الطباعة ثلاثية الأبعاد (3D Printer) إلى عام 1976م، عندما تم اختراع الطابعة النافثة للحبر، و في بداية الثمانينيات ظهرت أول تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد وكانت تسمي في ذلك الحين بتقنية النماذج الأولية السريعة، وترجع تلك التسمية إلى أن العملية كانت في الأصل تُصور كوسيلة سريعة وأكثر فعالية من حيث التكلفة لإنشاء نماذج لتطوير المنتجات داخل الصناعة. في عام 1984م ومع مزيد من التعديلات والتطور والتقدم للمفهوم النافثة للحبر تحولت التكنولوجيا من الطباعة مع الحبر إلى الطباعة مع المواد. في 1986م تم إصدار أول براءة لجهاز المجسمات (SLA) تحت اسم تشارلز هال. ومنذ ذلك الحين تم تطوير مجموعة متنوعة من تطبيقات تكنولوجيا الطباعة ثلاثية الأبعاد عبر العديد من الصناعات و في عام1987 أول نسخة تجارية عرفها العالم للطابعة ثلاثية الأبعاد وأطلق عليها SLA-1.

تطورت التقنية من حينها بنحو بطيء وذلك بسبب قوانين حماية الملكية الفكرية الخاصة بشركة 3DSystem التي صنعت أو طابعة من هذا النوع ومن ثم حصل التطور بعد أن رُفع الحظر عن الملكية الفكرية لتتسارع من بعده وتيرة التطور التقني في ذات المجال لتصبح الطابعة ثلاثية الأبعاد متاحة في الأسواق و بأقل تكلفة، ففي السنوات الخمس الماضية، انخفضت أسعار الطابعات ثلاثية الأبعاد من اكثر من 50 ألف دولار أمريكي إلى 1800 دولار فقط، بل وأصبح بالإمكان الحصول على بعض هذه الطابعات بأسعار تقل عن 500 دولار و فضلًا عن ذلك أن هذه الطابعات متوفرة في اﻷسواق العالمية والعربية و بأحجام و أسعار مناسبة. حسب نوعية الاستخدام المطلوب.

ما هي الطباعة ثلاثية الأبعاد

الطابعة الثلاثية الأبعاد ليست لها علاقة بالطابعات على الورق بل هي تقنية مبتكرة تستخدم لإنشاء المجسمات من خلال نموذج رقمي، بل هي أحدي تقنيات “التصنيع بالإضافة”، وهو ينطوي على عملية أخذ النموذج الرقمي، وترجمته إلى سلسلة من شرائح أفقية في لغة الآلة. تتمحور الفكرة حول إنتاج الأجسام عن طريق لف، أو رزم، أو وضع طبقة رفيعة من المواد (بلاستيك أو معدن أو مواد مختلفة لا يتجاوز سمكها أجزاء من الميليمتر) واحدة فوق الأخرى قد تصل لآلاف الطبقات (لتقريب الصورة لأذهان غير المختصين هي تماما مثل وضع الطاهي لطبقات العجين الرقيقة لصنع البقلاوة)، ثم يستخدم الكمبيوتر لإنتاج و تكوين أوتصنيع مجسم واقعي ملموس ثلاثي الأبعاد عبر إضافة هذ الطبقات.

استخدامات الطابعة ثلاثية الأبعاد

يرى العديد من المهتمين بهذه التقنية أنها ستساهم في تقليل الجهد والمال، وكذا توفير الوقت، حيث صنعت إحدى الشركات سيارة كاملة وجاهزة للقيادة باستخدام هذه التقنية خلال 40 ساعة فقط، مع توقعات بانخفاض هذه المدة إلى 24 ساعة فقط. تعتبر هذه التقنية صديقة للبيئة، حيث من المتوقع استعمال مواد البلاستيك القابلة للتدوير وبقايا الإسمنت ومخلفات المناجم في صناعة مواد وأدوات مفيدة.

أهم استخدامات الطابعة ثلاثية اﻷبعاد يشمل علي سبيل المثال للحصر: تصنيع منتجات عديدة معقدة وبخامات مختلفة في مجال الفضاء، الهندسة و الإلكترونيات،الطب ، التعليم، الترفيه،هندسة العمارة لتصنيع نماذج مصغرة للمشاريع اﻹنشائية، ،مجال الموضة والأزياء، و صناعة الملابس والأحزية عن طريق استخدام بعض المواد الخام المرنة، و بل ويمكن للمرء طباعة الحذاء الذي يريد وهو في منزله، المنتجات الاستهلاكية والمنزلية،صناعة تصميمات المجوهرات والحلي و الإكسسوارات،صناعة التحف الفخمة المعقدة، إعادة صنع بعض الدمي الأثرية ولكن يظل أهم انجاز لهذه الطابعة هو التحول الكبير الذي احدثته في المجال الطبي.

استخدامات الطابعات ثلاثية الأبعاد في المجال الطبي

تتعدد تطبيقات استخدامات هذه الطابعات في عدة مجالات طبية منها: (أ) طباعة الجزء المصاب من الجسم ليتحول إلى مجسم ملموس يساعد في فحص وتشخيص بعض الحالات الحرجة، بالإضافة إلى اﻷمراض اﻷكثر تعقيدًا مثل الأورام، (ب) في علم اﻷجنة: لتصميم التكوين الجسدي والجيني للجنين للكشف الدقيق والمبكر عن أية تشوهات أو عيوب خلقية به من أجل التدخل العاجل للتعامل معها، (ج) مجال التدريس والتدريب: صناعة نماذج مماثلة تماما للجسم البشري للدراسة عليها، فضلا عن محاكاة البنية التشريحية لجسم الإنسان لتدريب الجراحين على إجراء العمليات الدقيقة والمعقدة وتكرارها لتقليل عدد ساعات الجراحة وتوفير الوقت المستغرق في عمليات اتخاذ القرارات الصعبة والمصيرية داخل غرف العمليات و (د) تصنيع اﻷطراف الصناعية، ومقومات العظام، كذلك يمكن استبدال المفاصل التالفة والمتآكلة.

مخاوف من استعمال الطباعة ثلاثية الأبعاد

على الرغم من إيجابيات الطباعة ثلاثية الأبعاد ومميزاتها الفريدة، إلا أن هناك العديد من المخاوف من سوء استغلالها من بعض الجهات غير المسؤولة والتي يمكن أن تطبع عن طريقها بعض المواد والأدوات غير القانونية أو الخطرة مثل الأسلحة، حيث تمكنت -بالفعل- جماعة تطلق على نفسها ( ديفينس ديستروبيوتد) من صناعة أول مسدس باستخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، وهو ما أثار المخاوف حول العالم من إمكانية طباعة أي شخص لهذه الأسلحة واستخدامها بكل سهولة.

همسة
عموما ، مازالت الطباعة ثلاثية الأبعاد تبهرنا بإمكاناتها واستخداماتها، وعليه نأمل أن نراها متوفرة في المدارس والجامعات والمستشفيات السودانية بشكل جيد لِنُوفر للطلبة المجال للإبداع والابتكار وكذلك من أجل تثيقف المرضي الذين يحتاجون لعلميات جراحية معقدة بحيث يمكت طباعة العضو المراد إجراء الجراحة عليه حتي يفهم المريض كيف تجري العملية.

اترك رد

error: Content is protected !!