في الاخبار ان كيانا جديدا باسم (مجلس حكماء وشباب ونساء السودان) سينظم مسيرة بعد غد السبت لنصرة الجيش ورفض التدخل الاجنبي في السودان.
المجلس اعلن وحسب شعاره انه سيكون ( صوت الاغلبية الصامتة) التي ظلت تراقب الاوضاع عن كثب وقد ان الاوان لتقول كلمتها استشعارا للمخاطر التي تحدق بالبلاد.
يبدو ان القادم السوداني سيشهد بالتاكيد الاحتكام للشوارع التي لاتخون، وقد ذكرنا كثيرا ان اي ادعاء بالسيطرة عليها يستلزم اللجوء الي صناديق الاقتراع لحسم النتيجة بين المتنافسين .
لابد من التعامل بتعقل مع ظاهرة المواكب والمسيرات ، هنالك اصوات كثيرة في الشارع الان ، غير مواكب قوى الحرية والتغيير ولجان المقاومة شهد الاسبوع الماضي مسيرة كبيرة جيرها البعض لمصلحة المؤتمر الوطني.
لا اعتقد ان عقلية التخوين والتفكير بنظرية المؤامرة في الحشود يمكن ان يفضي بنا الي الحلول التي نريد، يظل التعبير حق اساسي مكفول للجميع في ظل تعدد منابر الطرح وتنامي خلافات السياسة، ولكن المهم ان تكون هذه المواكب منتجة في مخاطبتها للمشكلات بحيث لا تتحول هي نفسها الي ازمات..
تكتسب مسيرة السبت اهمية كبيرة لانها ستاتي بصوت مختلف يمكن ان تقاس عليه تطورات الاوضاع مستقبلا ، والاهم من ذلك ان الكيانات المنظمة للمسيرة ذات صلة بالعمق الشعبي والاهلي وانها مزيج من العمد وشيوخ القبائل ومنتسبي الطرق الصوفية الي جانب مجموعات نسائية وشبابية تحاول ايصال صوتها وتوضيح رايها في ما حدث وسيحدث.
الملاحظة المهمة ترتبط باجندة المشهد السياسي والتي ظلت تنتج اجندة يومية تصلح لمداولات الشارع وتوفر بيئة مواتية لتنافس وجدل الخصوم .
مسيرة السبت رفعت عنوانين عريضين اولهما (نصرة الجيش)، وثانيهما (رفض التدخل الاجنبي) ، الهدفان يشكلا اجندة حقيقية في مداولات الساحة السياسية لارتباطهما بمبدا السيادة الوطنية في مواجهة تيارات تنادي بابعادالجيش عن المشهد وتتبني لاءات ثلاثة ( لا شراكة لاتفاوض لاحوار)، عمليا تجاوز الواقع السياسي هذه الشعارات بعد مبادرة مبعوث الامم المتحدة في السودان فولكر بيرتس..
ولكن مع صعود هذه المبادرة اصبح التدخل الاممي غير مرحب به من قبل تيارات عريضة تمثلها مسيرة اليوم، وهذا هو التحدي الذي سيواجه المبعوث الاممي فولكر خلال الفترة القادمة من واقع الاحساس بانه تجاوز الخطوط الحمراء وبات مهددا للسيادة الوطنية. نعم اصبح السودان ضيعة خاصة بالبعثات الاجنبية، و بات بلدا محتلا ومستباحا بواسطة بعض رؤساء البعثات الدبلوماسية الذين يتحركون فيه بلا ضابط اورقيب، لايوقفهم حياء، او مجرد احساس بانهم داخل بلد ينبغي ان يحترموا قراره الوطني وسيادته الداخلية.
في مقال سابق نبهت المبعوث الاممي الذي انزعج من المسيرة الفائتة الي ان (الغريق قدام) ..وكتبت بالحرف:
فليعلم فوكلر (ان المسيرة الماضية لن تكون الاولي ولا الاخيرة في ظل احساس غالب من السودانيين بان القرار الوطني للاسف لم يعد محصنا من التدخل الاجنبي) .
الاجدي ان نذهب جميعا لانهاء الاجندة التي تصنع حراك الشارع ، فمطالب مسيرة السبت موضوعية في ظل ما يهدد السودان من مخاطر وتحديات ، وهي في حدها الادني محاولة من مجموعات ومكونات مجتمعية مهمة لاذت بالصمت خلال الفترة الماضية وقررت الخروج الان.. فلمن سيكون الشارع…؟!!