الرأي فيما أرى / عادل الباز

سيف الباقر ….575 يوماً فى غياهب الزنازين بلاتهمة.!!

1

اليوم يكمل العقيد سيف الدين الباقر 575 يوماً فى السجن من دون تهمة…. أي والله بلا تهمة وعمره الآن ثلاثة وسبعون عاماً، أكل السكر جسده، تنهش الغرغرينا أطرافه، وقد تبتر ساقه قريباً، ويكاد بصره يذهب، لا دواء ولا طبيب، يموت موتاً بطيئاً.. ينتظر يومه فى أقبية السجون.
كنت قد كتبت قصته عندما اكمل 454 يوماً ولكن لاحياة لمن تنادي …. قبل أن أعيد نشر قصته أود أن أتقدم بالأسئلة التالية لقيادة وضباط قوات الشعب المسلحة والسيد النائب العام لعل وعسى:

1-السيد الرئيس البرهان….ماهو شعورك إذا أمضيت 575 يوماً فى بلاط الزنازين والسكري ينهش بصرك والغرغرينا تأكل قدميك وأنت تقبع هناك بلا تهمة ولا قانون… هل يمكن ولو للحظة أن تحس بهذا الإحساس؟!. وقتها فقط ستدرك أن الظلم ظلمات وأن الدوائر تدور ويومها فقط يمكن أن تتخذ القرار وتُقِيم العدالة.

2- السيد النائب العام (اقصد المنصب وليس الاشخاص ) بأي ذنب يقبع سيف الدين الباقر في زنازينك 575 يوماً دون توجيه تهمة رسمية ولا محاكمة…. أيها الظالم العام غداً تدور الدوائر.. وستتذكر بحسرة أنك تقبض على رجل سبعيني وتحرمه من أولاده قرابة العشرين شهراً دون أن تتكرم أن تقدمه للمحاكمة أو حتى توجيه تهمة…… ألا تخشى مكر الله الذي سنأتيه يوم القيامة جميعاً فرادى.؟.

3- السادة ضباط قوات الشعب المسلحة…. هل لكم أن تشرحوا لى ماذا تقصدون برفقة السلاح وأخوة الخنادق.؟. أهو كلام فارغ مثل شعارات السياسيين الجوفاء أم أنكم تعنون ما تقولون؟.. رفيقكم سيف الدين الباقر اليوم يكمل 575 فى غياهب الزنازين المعتمة تنهشه كل الأمراض أولاده بحالة لايعلمها إلا الله. هو هناك بغرض تصفية الغبائن مع الجيش … للأسف قيادتكم تتفرج وأنتم كذلك…. دعك من الاخوة الهراء أليس لكم ضمير إنساني… أليس بإمكانكم فعل شيء…هل أنتم عاجزون لهذه الدرجة عن فعل أي شئ..؟

2

العقيد سيف الدين الباقر ما قصته؟ قبل نحو أكثر من ثلاثين عاماً كان العقيد سيف رائداً بقوات الشعب المسلحة، وتلقى أمراً من قائده للتحقيق في انقلاب رمضان 1990.. كتب محضر التحقيق ورفعه للجهة الآمرة بالتكليف وانتهى دوره هنا.. بعد أكثر من ثلاثين عاماً جاء حزب البعث على حين غفلة من الزمان، ووجد سلطةً مجدوعة في عرض الشارع، ذلك في ديسمبر 2019 فالتقطها برفقة ثلاثة آخرين وكونوا “4 طويلة”، ومن يومها بدأ الحزب في أخذ ثأره، وفش غبينته في كل مَن اعتقد أنه كان سبباً في إعدام ضباط انقلابه الفاشل في 28 رمضان.. استولى البعث على محاضر الجيش السرية، بل في غاية السرية ونبشها ليستقي كل المعلومات عن كل مَن لـه علاقة بالانقلاب، لا تسأل كيف، بلد فوضى وأسرار الجيش في السهلة، أخذت الملفات من أضابير الجيش ليستلمها محققون مدنيون، عبر لجنة كونها النائب العام وقتها تاج السر الحبر من وكيل أول نيابة حيدر حسن رئيساً، ووكيل نيابة أبشر دلدوم مقرراً وبعضوية محاميين، هما إقبال أحمد علي، وبشرى صالح، بالإضافة إلى ممثل الشرطة.

3

مباشرة بدأت حملات القبض والتنكيل، فأخذ سيف الدين من منزله ليلاً إلى الحراسة، برغم أنف قانون القوات المسلحة، الذي ينص على أن لا يحاكم عسكري أمام قضاء مدني إلا إذا حولته نيابة عسكرية، و بإذن من القائد العام.. ذلك ما لم يحدث، حيث أخذ العقيد سيف للسجن منذ ليلة 9 يوليو 2020، ولم يعد لأطفاله حتى لحظة كتابة هذه السطور.ما أدهشني أن الجيش ظل يتفرج على الاستهزاء بقوانينه ومرمطة منسوبيه بالأرض بواسطة لجنة مجهولة الهوية.. بالله كيف يمكن لقائد عام للجيش الآن أن يأمر أحد ضباطه أن يكون طرفاً في تحقيق يتصل بأي انقلاب، إذا كان الجيش عاجزاً عن توفير الحماية له في المستقبل، ليصبح عرضة للانتقام متى ما اعتلى السلطة بعثي أو شيوعي أو إسلامي منقلب، أو راكب فوق موجه ثورة؟ تلك المهزلة تقول للضباط إياكم ولجان التحقيق، فالدنيا ما معروفة، والجيش لن يحميكم.. صمتُ الجيش و ارتجافه أمام اللجان المدنية التي تتجرأ على قانونه لم أَجِد له تفسيراً، هل يُعقل أن ترتضي القوات المسلحة وقادتها أن تصبح موضع سخرية وشتائم في أجهزة الإعلام الرسمية، وأن تصبح قوانينها هزواً، ومنسوبوها عرضة لعصابات اللجان المدنية مجهولة الهوية والغرض؟أهو هذا الجيش الذي ندخره لحماية مالنا ودمنا؟ يعجز عن حماية نفسه وضباطه؟!!

4

تنص المادة 97 الفقرة 4 من قانون الإجراءات الجنائية لعام 1991 على الآتي: (يجوز للقاضي الأعلى في حالة المقبوض عليه الذي وجهت له تهمة أن يأمر بتجديد حبسه لأغراض التحري كل أسبوعين على أن لا تتجاوز مدة الحبس بجملتها ستة أشهر، إلا بموافقة رئيس الجهاز القضائي المختص).. برغم وضوح النص بقي العقيد سيف في زنزانة لمدة 15 شهراً من دون تهمة.. أكرر من دون توجيه أي تهمة له.. لم يجدوا تهمة يوجهونها إليه.. هذا يحدث في زمان ثورة شعارها الحرية والعدالة.. بالمناسبة يرقد بالقرب منه البروفسور العالم الجليل باني الجامعات، ومعلم الأجيال والآلاف من السودانيين مأمون حميدة، يفترش الأرض الساخنة.. نزعوا منه حتى المخدة.. تصوروا.!!

5

نعود لمأساة العقيد سيف، إذ تقول التقارير التي استلمها النائب العام أن العقيد بحاجة إلى تناول وجبات معينة، وبمقادير محددة لا تتوفر في الحراسات، ويحتاج لفحص دوري للدم ولتناول الأنسولين، وجرعات أدوية أخرى.. (قال له رئيس اللجنة حين طالبه العقيد بالدواء وأنه سيموت إذا لم يتوافر له.. ما تموت يعني شنو !!)..أضف إلى ذلك أن عمره حين دخوله السجن كان 71 عاماً واليوم 73 عاماً، وعليه يمكن أن يطلق سراحه بضمان بحسب نص المادة 84 من القانون الجنائي لعام 1991، ولكن لا حياة لمن تنادي.السيد النائب العام( الاسبق ) ، الذي أملنا في حياده وعدالته فإذا به لا ينظر في تظلم العقيد سيف الذي ينتظر في مكتبه منذ شهور.. تذكر يا سيادة النائب العام أنك ستغادر هذا المنصب ذات يومٍ، فاتخذ موقعك الذي ترغب في التاريخ،( وقد غادر فعلا الآن.. تلاحقه اللعنات)!!سيخرج العقيد سيف يوماً ما من زنزانته مرفوع الرأس، ونسأل الله أن يخرج معافىً، ولكن أين ستذهب عصابة الأربعة، وكيف ستهرب بجرائمها تلك؟ وماذا ستقول قيادة الجيش لعساكرها وضباطها؟ سيلحق العار بكل السياسيين الذين لاذوا بالصمت، وغداً ستدور الدوائر.. والله غالب على أمره، وهو لا يهدي كيد الظالمين والخائنين لقيم الثورة.

*ملحوظة:* نُشر هذا المقال ( 5 أكتوبر 2021 ) أي قبل أن تغادر 4 طويلة سدة الحكم وهى الآن خارج التاريخ ينتظر بعض قادتها المصير ذاته… نتمنى أن تتحقق في حقهم العدالة.. تلك التي لم يوفروها لضحاياهم واستبدوا واستكبروا واستكبار فانظروا كيف تكون عاقبة الظالمين؟.

اترك رد

error: Content is protected !!