صدرت عن بنك السودان المركزي إحصاءات التجارة الخارجية للسودان خلال الفترة من يناير الى مارس 2022، مجمل صادرات السودان خلال الفترة المذكورة كانت 1.4 مليار دولار، مرتفعة بنسبة ضئيلة عن صادرات نفس الفترة للعام 2021 حيث كانت حينذاك 1.3 مليار دولار. لكن المقلق والخطير أن الزيادة كانت بسبب تحسن صادرات سلعة واحدة فقط هي الذهب الذي ارتفع صادره من 540 مليون دولار في الربع الأول من العام 2021 إلى 720 مليون دولار في الربع الأول من العام 2022.
حتى الزيادة في صادرات الذهب من المرجح أنها لم تكن بسبب الزيادة في الإنتاج نفسه، إنما بسبب ضبط عمليات صادر الذهب المالية، والتحسن النسبي في مراقبة الإنتاج ومنع تهريبه.
مثل صادر الذهب 51% من مجمل صادرات السودان خلال الربع الأول من العام 2022 وهذا مؤشر خطير آخر، حيث تراجعت صادرات السودان من السلع الزراعية والحيوانية إلى 34% فقط من مجمل الصادرات في نفس الفترة، في حين أنها كانت تمثل حوالي 52% من مجمل الصادرات خلال الربع الأول من العام 2021.
ان سيطرة صادرات الذهب على مجمل الصادرات تشبه ما يطلق عليه بالمرض الهولندي عندما تسيطر صادرات البترول على اقتصاد دولة ما. ان سيطرة الذهب على الاقتصاد أخطر من سيطرة البترول بمراحل، ذلك لأن انتاج الذهب في السودان 90% منه أهلي ويعتمد على النشاط الفردي، وتؤثر فيه السياسات الحكومية من حيث الضبط الإداري فقط فلا تتحكم الحكومة في زيادة الإنتاج أو إقلاله لأنها لا تملك الأدوات على الأرض التي تمكنها من ذلك.
من الناحية الثانية تتبدى الخطورة في تذبذب مؤشرات الصادر الزراعي والحيواني، وهو ما يمثل الاقتصاد الحقيقي للسودان، التذبذب يشير لعدم استقرار أسواق الصادر السوداني، وعدم وجود خطة أو استراتيجية حكومية لزيادة الإنتاج بغرض الصادر، ونقل الميزان التجاري من حالة العجز المستمر الى حالة الفائض أو الاستقرار على أقل تقدير.
التذبذب في سلع الصادر السوداني خلال الربع الأول من العام 2022 شمل الفول السوداني الذي تراجع صادره من 264 مليون دولار خلال الربع الأول من العام 2021 الى 164 مليون دولار خلال الربع الأول من العام الحالي، الحيوانات الحية انخفضت من 130 مليون دولار الى 64 مليون دولار، اللحوم انخفضت من 43 مليون دولار الى 34 مليون دولار، الصمغ العربي انخفض صادره من 32 مليون دولار إلى 30 مليون دولار خلال نفس الفترة. فيما زادت صادرات السمسم من 147 مليون دولار الى 169 مليون دولار، القطن من 44 مليون دولار الى 115 مليون دولار، خلال نفس الفترة.
يتضح من خلال هذه المؤشرات حتمية العمل على زيادة الإنتاج الزراعي والحيواني والتصنيع الزراعي لتحسين مؤشرات الاقتصاد الكلي. والله الموفق.