ببساطة / د.عادل عبدالعزيز الفكي

أثر زيادة سعر احتساب الجمارك

د / عادل عبد العزيز الفكي


في بيان لاتحاد الغرف التجارية- الغرفة القومية للمستوردين أُعلن عن أن هناك زيادة في سعر الصرف للعملات الأجنبية في النظام الجمركي من 445 جنيه للدولار الى 564 جنيه للدولار. وصفت الغرفة الزيادة بالمرتجلة، والجائرة، والغير مدروسة، وقالت إنه لم تتم مشاورتها في هذه القرارات. ودعت المستوردين لإيقاف الاستيراد لثلاثة أيام اعتباراً من السابع من أغسطس، حيث يتم في هذه الفترة التواصل مع الجهات التي أصدرت القرارات. بغرض المراجعة طبعاً.
لم يصدر بيان رسمي من سلطة الجمارك أو وزارة المالية بهذه الزيادة، ولكن السياسات التي تم إقرارها منذ فبراير 2021 والتي قضت بتحرير الجنيه السوداني، وتوحيد سعر الصرف لكل الأغراض، لا يستغرب معها التنفيذ التلقائي من خلال نظام الجمارك لمثل هذه الزيادة، خصوصاً أن متوسط سعر الدولار بالبنوك كان يوم 2 أغسطس 562.51 جنيه للدولار، وبنفس التاريخ كان المتوسط بالصرافات 557.82 جنيه للدولار حسب البيانات الرسمية لبنك السودان المركزي.
وعلى هذا من الأجدى في تقديري محاولة تحليل أثر الزيادات المتتالية على الاقتصاد، أكثر من السعي لمعرفة من أصدر قرار الزيادة.
هناك أثر إيجابي لزيادة سعر احتساب الجمارك مقومة بالدولار، وهو ما يسمى في قطاع الأعمال بالدولار الجمركي، هذا الأثر الإيجابي هو زيادة الإيرادات العامة، وبالتالي تقليل عجز الموازنة.
أما الآثار السالبة فتتمثل في زيادة التضخم بالارتفاع المستمر في الأسعار محلياً بسبب زيادة أسعار مدخلات الإنتاج المستوردة، وهو ما قد يتسبب في الركود الاقتصادي، أي عجز المصانع عن بيع انتاجها، والاضطرار لقفل المصانع وفصل العمال. وبالتالي زيادة نسب الفقر والبطالة وسط الشعب السوداني. وتوقف المزارعين عن الإنتاج بسبب زيادة أسعار المدخلات من محروقات وأسمدة، وتوقف الإنتاج الزراعي يعني نقص الغذاء أو المجاعة.
هذه آثار خطيرة جداً لا يمكن معالجتها الا باستقرار سعر الصرف لتفادي الزيادات المتتالية في (الدولار الجمركي). إن استقرار سعر الصرف لا يمكن تحقيقه الا من خلال تكوين الاحتياطيات لدى البنك المركزي، وتكوين الاحتياطيات يحتاج لسياسات نقدية ومالية مسئول عنها البنك المركزي ووزارة المالية ووزارات القطاع الاقتصادي، وتستهدف هذه السياسات أولاً تقليل عجز الموازنة، من خلال تقليل الحكومة مصروفاتها بأقصى ما تستطيع لكيلا تضطر للاستدانة من النظام المصرفي. وثاني السياسات تتعلق بشراء الذهب من المنتجين لتكوين احتياطيات لدى البنك المركزي.
وثالث السياسات المالية المطلوبة هي تشجيع زيادة الصادرات السودانية وتقليل العوائق التي تعترضها وفتح الأسواق أمامها. ورابع السياسات المطلوبة تتعلق بحفز تحويلات ومدخرات المغتربين والمهاجرين.
هذه هي السياسات التي تمكن بنك السودان المركزي من تكوين الاحتياطيات التي تمكنه من التحكم في سعر الصرف، وبالتالي تفادي الزيادات المتتالية في الدولار الجمركي والزيادات في السلع المستوردة. والله الموفق.

اترك رد

error: Content is protected !!