الناظر للدول الطامعة فى ثرواتنا والداعمة للمليشيا المتمردة بالسلاح وشبكات الإتصال الحديثة وبالمواقف السياسية مدفوعة القيمة يجدها تنعم بالإستقرار الأمنى والإقتصادى والمجتمعى ، وفوق كل هذا وذاك تشهد إستقراراً فى العملية التعليمية وتحقق قفزات واسعة من التطور العلمى والأكاديمى والبنيوى ، فى الوقت الذى شَهِدتْ فيه مؤسسات التعليم العام والعالى ببلادنا تراجعاً مخيفاً فى مستوياتها وسمعتها بسبب هذه الحرب الظالمة التى أوقدوا نارها وبالمهددات الأمنية التى أضرَّت بهياكلها التعليمية والتربوية .. ومثلما ضاعت الشهادة السودانية للعام ٢٠٢٢م – ٢٠٢٣م تكاد أن تضيع هذا العام أيضاً ، وهذا شأن جميع مؤسساتنا التعليمية حيث توقفت شمسها عن إرسال ضيائها المُنِير ليستنير به أبناؤنا ، وأمسك قمرها عن إرسال ضوءه الهادى الجميل الذى يُستضاءُ به من عتمة الجهل ..!! ولم تَتزيَّن قاعاتها بالكواكب والنجوم التى بها يَهتدون .. فقد مَضَى منهم من مضى فى مواكب الشهداء ، ومنهم من هو باقٍ إلى كتابه المؤجل ليشهد هذه الملهاة وموت الفضيلة وسيادة الجاهلية شِرعةً ومنهاجاً ، ومنهم من يَمَّم وجهه تلقاء المحروسة وأرض الكنانة فالنفس تبحث عمَّن يواسيها فى مآسيها ، فإمتلأت مؤسسات التعليم العام والعالى بأرض الكنانة بعشرات الآلاف من أبناء السودان الذين هَجَرَتهُم جامعاتهم ومدارسهم وهَجَّرَتُهم إلى دُنيا المجهول حيث لا شهادة سودانية ولا يحزنون .. كأنهم المعذبون فى الأرض الذى عناهم عميد الأدب العربى بقوله : هم الذين يجدون مالايُنفقون ، ولا يَجدون ما يُنفِقون .. يَحرِقُهم الشَوقُ إلى العدلِ ، ويؤرِقهم الخوف من العدل ..
نسأل الله أن يحفظ بلادنا وأهلها من كُلِّ سوء وأن يحفظ شبابنا وأبنائنا أغلى ما نملك .
السبت ١٣ يناير ٢٠٢٤م