اذا عرف السبب/ اسامة عبدالماجد

من (مدني) إلى جدة

اسامة عبدالماجد

¤ (إننا نحاول دوماً تفسير الأمور وفق ما نريد، لا وفق ما هي عليه)
باولو كويلو

¤ حسنا.. دعونا نعمل بحكمة الروائي البرازيلي باولو، ونفسر الامور، وفق ماهي عليه.. كانت ولاية الجزيرة آمنة، وكانت حاضرتها كما توصف (مدني الجمال).. فجأة هبط عليها الهمج على متن عدد قليل من التاتشرات.. ولن نتساءل كيف قطعوا المسافة من الخرطوم وضواحي شرق النيل حتى وصلوا كوبري حنتوب.. وكيف ولماذا انسحبت قواتنا المسلحة من الكوبرى.. وتاخر منسوبي جهاز المخابرات في الانسحاب.. وبصريح العبارة رفضوا الانصياع للتعليمات.. وفي النهاية شملت التوجيهات الجميع.
¤ بعد ساعة ونصف من الانسحاب.. وللمفارقة هي المدة التي مكنت القوات المنسحبة من الوصول الى تخوم ولاية سنار.. بعدها دخلت عناصر المليشيا مدينة ود مدني.. وملأت عناصرها منصات التواصل الاجتماعي بالقاذورات.. اعادت الخطوة الروح الى المليشيا، وربما الى قائدها الباغي الشقي حميدتي الذي قد يطل علينا بعد ايام.. وقد يعلن جاهزيته للقاء قائد الجيش عبد الفتاح البرهان.. وما اكثر الوسطاء بالمنطقة امثال وليام روتو ، سلفاكير ميارديت وأبي احمد.. لأكمال المسرحية.
¤ حققت مليشيات حميدتي كسبا سياسيا هو الاضخم لهم منذ تمردهم وفشلهم في استلام السلطة بقوة السلاح.. ماجرى في مدني انتصار سياسي لها لا عسكريا.. وليس من بنات افكار الحمقى والجهلاء الذين يقودوها الى المجهول – باستثناء عثمان عمليات – فالقوات المسلحة لم تخسر (دواس) امام عصابات حميدتي.. ولكن الامر اكبر منهم جميعا .. واكبر من قائد الفرقة الاولى.. والامر لا يحتاج للجنة تحقيق.
¤ بطاقة ولاية الجزيرة تؤهل المليشيا لدخول الاراضي السعودية ومدينة جدة، ولقاء البرهان.. حتى الان لم اجد مبررا لعدم اعلان القوات المسلحة استعداد نائب قائد الجيش شنس الدين كباشي، للقاء الباغي الشقي الآخر (دقلو).. وهذا ماقد يفسر ان حميدتي على قيد الحياة – وإن كان قد مات في نظر الشعب السوداني المغدور ، المكلوم ، المنهوب والمغتصبة حرائره.
¤ كما ذكرت الامر اكبر من اللاعبين المحليين.. الذراع الخارجية طويلة، انظروا الى (العواسة) التي يقوم بها حمدوك وشلته في العاصمة الكينية .. اعلنوا امس الاربعاء عن بدء اتصالات بين الجيش والمليشيا لإنهاء الحرب، ودعوا في بيان إلى العودة العاجلة للتفاوض عبر منبر جدة والاستجابة لمقترح قادة دول “إيغاد” بعقد لقاء مباشر بين قائدي الجيش والمليشيا.
¤ لم تعد المعركة عسكرية، لان المليشيا خسرتها من يومها الاول.. منذ فشل اغتيال هيبة الجيش ممثلة في قائده بمقر اقامته.. ومنذ فشل وصول حميدتي الى القصر لتلاوة بيانه الاول.. (من قال له ان البيان يقدم من منصة القصر؟.. الم يسمع ان المشير البشير تلا بيان الانقاذ من مكتب صغير بمؤسسة غير رسمية.. وكذلك انهزمت المليشيا منذ فشلت في الاستيلاء على ولاية الخرطوم.. القيادة العامة، سلاح المهندسين، المظلات، قاعدة وادي سيدنا وحتى السلاح الطبي.
¤ انهزمت المليشيا لحظة هروب من يطلق عليهم الاشاوس للاحتماء بمستشفي (الدايات) والمقار المدنية واحتلال البيوت.. وخسرت عندما بدأت تمارس عملها الحقيقي المعروفة به.. وهو السلب والنهب واكل المال الحرام والاغتصاب.
¤ هل لاحظتم لماذا اصدرت القيادة العامة بيانا بشان الاوضاع في مدني وغضت الطرف عن ذات السيناريو الذي تكرر في ولايات دارفور ؟!.. وذلك لان الصغط الاعلامي كان كثيفا وكان صوت الاحتجاج عاليا.. ولان تمدد المليشيا وصل (اللحم الحي) في مناطق قريبة جدا من المركز… ليخفت صوت (بل بس) ويعلو (تفاوض بس)..لم يعد الحديث ان الامور تمضي بشكل مرتب قابلا للتصديق.. الحقيقة ان ابواب منبر جدة باتت مشرعة.. ومفاجأة قادمة مقبل الايام.
¤ ومهما يكن من امر.. لو التقى البرهان حليفه السابق وتوصلا لاتفاق – وقطعا سيديرا ظهريهما لقحت والاسلاميين وكل القوى السياسية.. فكيف سيكون رأي الشعب من قائد المليشيا واخوانه الاشقياء ؟.. لاتنسوا ان المعركة معركة وطن.

تعليق واحد

اترك رد

error: Content is protected !!