اسامة عبدالماجد
¤ بذات صبره على قتال القوات المسلحة لنحو اربعة عقود، صبر نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار ، امس على القصف العنيف تجاهه من الزملاء في لقاء تجاوز الاربعة ساعات بقليل.. تصدى بقوة للاسئلة الساخنة.. حتى عندما أشرت اليه ان البعض نقل عن ياسر عرمان عدم احقيتك بالمنصب.. رد بهدوء رجل الدولة لا (هرجلة) سلفه المتمرد حميدتي، انه يكن له تقديرا ويحترم رأيه وان الشعب السوداني وحده من يقيم لاحقا احقيته بالمنصب من عدمها.. وحرص على تذكيرنا انه كان قائدا لعرمان.
¤ استعد عقار جيدا لخوض معركة (توضبح الحقائق) في مواجهة الصحفينن.. لذلك طيلة الاربعة ساعات لم تمتد يده الى قاروة المياة التي وضعت أمامه.. وظل يكتب في مفكرته الخاصة اي سؤال وتعليق ساخن رماه به زميل.
¤ يتميز عقار والذي بدأ اكثر حيوية وفي صحة موفورة عن كل المسؤولين بصراحة فوق المعدل.. مفقودة حتى لدى العسكريين.. حقق رئيس مجلس السيادة مكاسب عديده باختياره نائبا له.. خلافا للاسباب التي ذكرتها في مقال سابق بعنوان (عقار نائبا).. المكسب الحقيقي انه رفع العبء عن الجيش وخاض انابه عنه حربا شرسة ضد السياسيين.. والحق بهم هزائم مذلة.
¤ تفرغ عقار لمواجهة السياسيين البارعين في حرب الشائعات والشعارات.. نوة الى ان الانتقال الديمقراطي (كلام فلسفة، وكلام ناس الخرطوم ولا علاقة للمواطن في الخلاء بتلك الشعارات).. وقالها صراحة (جارين وراء شعارات ماعارفنها.. السودان لا يحتاج لديمقراطية وانما لتشريعات، ولاجهزة تنفيذ قانون لنوصل بعدها الى دولة القانون).
¤ ليس بمقدور احد المزايدة على عقار وتاريخه السياسي.. ولذلك عندما يقول ان المكون المدني فشل طيلة اربعة سنوات.. ينبغي الاقتناع التام برؤيته.. خاصة وانه اسندها بحقائق بان سبب فشل الثورة – كما قال – انها جاءتهم صدفة ولم يكونوا موجودين وقت الحراك.. واستعار مالك حديث بليغ ان المدنيين (ماعندهم حاجة يقولوها) وان حديثهم غير مفهوم وضرب مثالا برجل يتحدث وفمه ملئ باكل ساخن.
¤ في تقديري ان عقار كان يريد التأكيد على ان القحاتة ساهموا في اشعال الحرب.. بالاشارة الى ان البلاد كانت تدور في حلقة مفرغة.. بعدم وجود اي برنامج منذ التغيير.. وتحدى من يقول غير ذلك، (البقول في برنامج دا زول بلباص).. بمعنى مستهبل، وما اكثر استهبال قحت منذ كتابتها وتوقيعها على الوثيقة الدستورية.. التي اعتبرها عقار بلا قيمة.. ومتناقضة في صفحاتها، وكل صفحة تناقض السابقة لها.. والاخيرة تناقض كل الصفحات.
¤ واضح ان مالك يتبادل وبذكاء الادوار مع المكون العسكري.. يصرح ما لا يستطيع العسكريين قوله.. مثل ان المبادرات لا تهدف لاصلاح السودان.. ولا فائده فيها خاصة الاربعة مبادرات).. واستحالة تحقيقها لاي نتائج بمعزل عن السودانيين.. ويبدو انه يستحسن المبادرة الخامسة (دول الجوار) التي تتبناها مصر..
¤ اراد عقار ارسال رسائل مهمة مستفيدا من الحضور الكبير للصحفيين السودانيين بالقاهرة.. واودع جلها في بريد قحت.. وسخر من الرحلات الخارجية لقادتها.. قال (سياسيين حايمين بين الدول.. نفس اللغه ونفس الكرافتات وكل يوم في دولة ولا جديد لديهم).. وقال (محل مايمشو ملوص) واستدل باغنية لفنان اثيوبي (زيرز زيرو كلهم زيرو).. وقال (دا الحاصل).
¤ لذلك جاءت رسائلة قوية وشديدة اللهجة.. برفض اي تدخل خارجي او نشر قوات او تشكيل حكومة منفى.. وواصل الرجل سخريته من قحت (هي حكومة مانفعت في البلد هل يعقل تشكلها عند الجيران).. خبرة الرجل بالمعارك مكنته من توصيف الحرب الحالية برؤية اعمق واكثر شموليةومدى خطورتها.. من خلال التاكيد على اننا امام معركة عسكرية وسياسية واعلامية.. وقوله الجرئ (الدعم السريع هو عدو السودان الاول، هو عدو مهدد للسودان).
¤ ونصح الصحفيين بان يكونوا واضحين ولا مايمارسوا الغباش) – بحسب وصفه – ليؤكد (اي زول مايقول كده فيه خلل).. ان موقف مالك قوي لا تشكيك فيه.. بتحذيره من وجود مبادرة تريد ابقاء الدعم السريع كسلطة وجيش معتبرا ان ذلك لن يكون.. وان الحرب اعد لها بعناية ودعم كبير.. لاهداف اقتصادية معلومة.
¤ اعجبني تكذيب عقار لحميدتي ودقلو وقد اجاب على سؤالي بشأن اخر تواصل له معهما.. الاول كان في مايو، ومع الثاني عبر رسائل قبل شهر من الان.. كذبهما في ادعاء ترسيخ الديمقراطية وذكر ان ذلك بهدف مخاطبة الغرب وزعم محاربة الاسلاميين لمخاطبة السودانيين.. وبالطبع سخر من مصطلح فلول وقال (بعد عشرين سنة من مايو كان بقولوا علينا سدنة)
¤ فند عقار شعارات كذوبة للمليشيا عن ما اسموه (دولة 56) واصفا ذلك بسطوانة مشروخة اريد بها باطل.. مثل جدل (المركز والهامش)، كما ذكر واقر استخدامهم لذات اللغة من قبل.. لكنه في ذات الوقت كان شفافا.. (انا جاي من الهامش والان في السلطة.. كلنا جايين من الهامش).. واضاف (كل الوزراء والنواب ايام الانقاذ ناس هامش مثل بكري حسن صالح وناس احمد هارون).
¤ عقار متحمس لايقاف الحرب ولكن لايردد بخبث (لا للحرب) كما قحت.. فهمه لذلك بحسم المليشيا في حالة الحرب والسلم.. في الاولى اشار الى ان ذلك له الياته.. وبالثانية باخراج عناصر المليشيا من المتازل ، وتوفير ميدان معركة جديد ثم الجلوس عبر طاولة التفاوض والحشاش يملأ شبكته.
¤ بدا مالك واثقا من انتهاء الحرب.. لذلك طرح افكارا متقدمة لمرحلة مابعدها.. تبدأ بمغادرة المربع القديم، (فترة انتقالية).. وطرح مشروع تاسيس للدولة السودانية بمشاركة الجميع.
¤ ومهما يكن من امر نحتاج لشجاعة في طرح القضايا كالتي تحلى بها عقار.. وقد ذكر دون مساحيق ،انه عندما تزوج من خارج قبيلته سخر نسابته من لونه وعرقه.. قال ذلك ووجهه غارق في ابتسامه لا تخلو من مكر.