رؤى وأفكار / د.إبراهيم الصديق

فى العلاقات بين الدول : لا داعي للعنتريات ، فالمناورة جزء من الدبلوماسية..

د إبراهيم الصديق
(1)
الأصوات الداعية إلى قطع العلاقات مع بعض الدول العربية أو الافريقية أو الغربية ، لا يمكن القول بأنها ذات نية حسنة ، بل بعضها صادر عن قصد و هو جزء من مخطط خلق عزلة للدولة السودانية ، لإن قطع العلاقة الدبلوماسية يعني الدخول فى عداء بلا حدود ، فهل نحن بحاجة لذلك ؟
ما زال السودان يتلمس طريقه إلى فك العزلة الدولية وآثار الحصار ، ونحن على ابواب مرحلة إعمار تتطلب مزيدا من الإسناد الدولي وليس العداء ، ومواقف كثير من الدول يمكن التغلب عليها بالحوار وتتعدد المداخل وقوة الدولة فى الداخل وإنقطاع الأمل فى أى مشروعات أخري غير مشروع وطني مجمع عليه ، لا تستطيع أى دولة فرض ارادتها علينا أو اجندتها ما لم تكن صفوفنا مختلفة ومتقاطعة ، هنا يستثمر الآخر فى بيئة صالحة ، ولذلك أول قطع العشم وحدة وتماسك الصف الوطني..
ليس من المصلحة الذهاب بعيدا فى العلاقات بين الدول، هناك قضايا معلقة:

  • ما زال التعامل المصرفي ممكنا مع بنوك محدودة ، و فى ظل محاذير كثير من دول العالم لظروف المقاطعة الامريكية وعدم اكتمال حلقة رفع الحصار.
  • هناك عدد كبير من السودانيين فى الدول العربية، وإنهاء العلاقة سيرفع الغطاء مما يوفر سبب موضوعي لفقدان وظائفهم .
  • العداء المكشوف يمنح الآخرين مساحة تحرك بجرأة أكثر والضغط على رصفائه بإتخاذ مواقف مؤذية للسودان..
    وعليه من الأفضل ترك الحماس والمواقف القطعية ، وليكن دورنا بالتنوير والوعى بالمخاطر.. وللآخرين حسابات كثيرة قبل أى خطوة متهورة ..
    (2)
    الدول تربطها علاقات متشابكة ، ومصالح متقاطعة حينا ومتقاربة أخري ، وقد تتوافق مصالحك مع مصالح من تصنفه عدوا لك فى قضية ما ، إنها شبكة معقدة ، لابد من التعامل معها بفطنة وعقلانية ، وليس عواطف وانفعالات بلا معنى..
    القوة الدولة ليس في ابعاد سفير أو قطع علاقات ، وإنما فى قوتها الداخلية سياسيا واقتصاديا وعسكريا ، وفى قوة تحالفاتها وارتباط مصالحها مع الآخرين ، وليس النفور عنهم والابتعاد ، وهذا لا يعنى الاعتماد على الآخرين وإنما استقطابهم وفق مصالح مشتركة وخيارات مشتركة ، وتلك مهمة الدبلوماسية ، وللسودان كفاءات دبلوماسية قادرة على تبين الخطوط والفواصل ، فلا تفسدوا هدوء الدبلوماسية وحذقها باللهفة والتعجل..
    نحن بحاجة لتحالفات أقوى من خلال تقديم رؤية ومنظور شامل للمصالح المتبادلة من الجوار والاصدقاء والاشقاء والمساندين للحق..
    نحن بحاجة لطرح قضايانا بصورة دقيقة وحصيفة فى المنابر الدولية وفى المنظمات وجماعات الضغط الخارجي ووسائل الإعلام..
    نحن بحاجة لفهم أن وزارة الخارجية هى راس الرمح فى الدبلوماسية ، ولكن هناك ادوار لقطاعات كثيرة من الاتحادات النقابية والمهنية والقوى السياسية الوطنية والمدنية والشخصيات ووسائل الإعلام والجاليات ، لكل دور وسهم وهذا وقت يتطلب مشاركة الجميع..
    المزيد من (التواصل ) مع الآخرين اوفق من (القطع)..
    فلا تقطعوا شعرة معاوية..

    20 ابريل 2024م

اترك رد

error: Content is protected !!