ثقافة ومنوعات

عيد بأية حال عدت ياعيد ،،؟بعد انقضاء الوقت هل من سبيل للانتصار على الذات (1)

    ✍️ د.كرار التهامي 

كل الاحباب ،،.
عيد سعيد وعمر مديد ملؤه البركات والسعادة وراحة البال
وبعد
▪️ هل تعلم عزيزي القارئ ان طاقة الوضع الروحية spiritual momentum التي عشتها اثناء رمضان تستطيع ان تستمر بها وان تقاوم بها العادات التي تؤذيك وتدفعك الى الوراء وتسيطر عليك وتلازمك كظلك وترسم ظلال سالبة على ملامح شخصيتك في المجتمع وتتحكم في نصيبك من الرضا وراحة البال او الاحباط والانشغال ؟
الامر في غاية البساطة
▪️تامل هذه الطباع واعيد النظر فيها مليئا لا تألفها واستعد لمقاومتها على قاعدة ان افكارنا تصنع مشاعرنا
Our thoughts lead our feeling
فافكارك هي التي تقود مشاعرك وهي التي تعشعش في عقلك الباطن وتجعل منه حصان طروادة لتسيطر على سلوكك ومواقفك اليومية
• فاذا فكرت في القناعة ستقتنع وانت سعيد راض فقط كان صادقا في تفكيرك
• واذا فكرت في الصبر ستصبر ويهون كل امر قاسٍ
• واذا فكرت في المودة ستكون ودودا يعود عليك الود بتقدير الناس
• واذا فكرت في الحزن والاحباط سيصيبانك في مقتل
• واذا فكرت في الكراهية والانتقام سيضيق صدرك بالفحيح ولهيب العداوة ويترصدك الاخرون بكراهية مضادة
• واذا فكرت متفائلا تنفتح الدروب وتبتسم الحياة
• واذا فكرت متشائما اوصدت امامك الابواب والفرص
كما يقول عالم النفس جيمس توم
الرجل هو نتاج الطريقة التي يفكر بها طوال اليوم
The man is what he thinks all day long
◾️يحكي عالم النفس والكاتب الامريكي الدكتور نورمان فينسنت بيل عن رجلٍ جاء اليه في ليلة عيد الميلاد شاكيا احواله و فقدانه الرغبة في الحياة بسب خسارته كل ما بناه وكل احلامه وانجازاته ؛ هدأ نورمان من روع الرجل واحضر ورقة وقلم وبدا يسال الرجل اليائس
• هل زوجتك موجودة ؟ قال الرجل نعم وهي لن تتخلى عني مهما حدث
• وهل لك ابناء ؟ اجاب الرجل نعم وقد عبروا عن حبهم لي ووقوفهم بجانبي
• وساله عن صحته قال الرجل وهو يتأفف “صحتي على مايرام “
• وساله وهل لازلت تؤمن بربك اجاب الرجل بانه لم يفقد الايمان
• وهل المجتع واصدقاؤك لا زالوا يضعون لك مكانة ويحترمونك اجاب الرجل نعم
• قال له نورمان اذن كيف تقول بانك فقدت كل شيء في حياتك وهذه اغلى الاشياء لا زالت معك !؟ اليست هذي مكاسب كبيرة وممتلكات غالية لم ترها ولم تحسبها
قال الرجل وهو يتنفس نفسا عميقا نعم “ولكني لم انظر للامر من هذه الناحية “
قال له نورمان غدا عيد الميلاد اجعله نقطة لرؤيةجديدة للعالم من حولك كانك تبدا حياتك من جديد و لانه نقطة مضيئة في خيط الزمان ضع موشرات من الان حتى يعود العيد مرة اخرى وانت اكثر فألا وسعادة ولا تترك السنوات تمر فوق ظهرك وتضع احمالها على كتفك المهدود وانت غارق في احزانك التي يضخمها خيالك
▪️ختم نورمان حديثه للرجل بان حدد له مهاما واجبة النفاذ على ان تكون فترة ما بين العيدين هي فترة مشروع اكتساب العادات الحسنة والقضاء على العادات السيئة التي يعتقد انه اذا تخلص منها بلغ راحة البال والسكينة ذكر له منها الغضب والحسد والخوف شريطة ان تقوي ايمانك لان في الايمان طاقة تملا فؤاد الانسان باليقين وتساعده على العبور وتنزع القلق من ضميره
▪️عاد الرجل في العيد التالي وقد لاح البشر على ملامح وجهه وكان الاحساس بالتفاؤل وقوة الايمان التي امتلأت بها نفسه سببا في استعادة حظه ونجاحاته من جديد في اعماله وحبه للحياة و قوة ايمانه قال له نورمان” الخوف والحزن والقلق والغضب هي من صنع انفسنا وهي القيود التي نضعها على اقدامنا”
◼️خطرت على بالي هذه القصة لان غالب الاشياء التي تنزع اليقين والايمان والسعادة عند غالب الناس هي حصائل افكارهم و هي كامنة في النفوس متحوصلة في العقل الباطن فلا فرق بين هذا لرجل وكثيرين لايرون النعم من حولهم ولا يتوقفون لحظة يتأملون ماذا يسر الله ومنحهم من نعم غالية فتقودهم افكارهم الى الغضب والحسد والاحباط
▪️اذن كيف تاخذ العبرة من رمضان وما يعنيه من مثابرة ومصابرة و كيف تحول هذه الطاقة الى مشروع امساك مستدام عن التفكير السالب والعادات الضارة وتأسيس اهم مشروع في حياتك مشروع الانتصار على الذات
▪️لا تجعل من انتهاء اجل الشهر الفضيل مثل نهاية الامتحانات تضع اوراق الاجابة وتطلق ساقيك للريح انظر الى العلامات والنتائج التي احرزتها هل هي كافية لنجاحك امام ربك وامام ضميرك وخذ منها العبر
▪️لم يكن رمضان اختبارا لشهوة الطعام ورغائب الجسد ولكنه اختبارٌ للقلب والعقل وكل خلجات النفس بيد انه انتهى عند كثير من الناس الى وجبات دسمة وليالي ساهرة وما ان يبلغ تمامه حتى تزايدت اوزانهم وتراكمت السعرات الحرارية في دمائهم و ارتفع السكر والدسم في شرايينهم وهم لا يعلمون
▪️هذا غير التغافل عن الكفة الاخرى في معادلة الروح والجسد فهنالك مواد اخرى في الاختبار في غاية الاهمية وبدونها لن يكتب لك النجاح وغالبا تاخذها معك (ملاحق) والملحق هو المادة التي لا ينجح فيها الطالب وتلاحقه كظله ويعيد الاختبار فيها مرة او اكثر فاذا نجح نجا واذا فشل سقط وتحتاج للنجاح الكامل في اسئلة الصحة والسعادة الكثير من الجهد والكد والسهر
▪️(ملاحق )الحياة اصعب لان نسبة السقوط فيها عالية واثارها باقية في النفس والصحة وراحة البال ولابد ان تستذكر وتراجع الدروس القيمية لكي تنجح فيها ومقرراتها معقدة ،، جزء منها في العقيدة وجزء في اعراف الناس وجزء اكبر في الفطرة وحاجيات الجسد والروح
▪️اذا نجحت فيها تحقق اعلى درجات السعادة وراحة البال وترقى بنفسك من كثافة الطباع البشرية الى لطف الطباع الملائكية وتتحول الى لعب دور البطل في مسرح الحياة بدلا من دور الشرير
▪️فكما سعيت ان تنقي جسدك بالصيام والقيام لزامٌ عليك ان تنفث خبث الحياة من روحك فهي اشد وبالا وافتك فعالا
العادات والطباع التي تجرك الى الوراء كثيرة ولكن اخطرها الغضب الزائد والحزن المتفاقم والحسد على نعم الله بلا طائل والحقد على الاخرين والرغبة في الانتقام وضعف الايمان الذي يحمل كل هذه السوءات في جرابه ويضعها على كتفك كصخرة سيزيف Sisyphus rock كلما خطوت بها الى اعلى جبل الاماني انهارت عزيمتك وسقطت اسفل الوادي . »»»يتبع

وكل سنة والجميع بخير

١شوال ١٤٤٣ه – 2 مايو 2022

اترك رد

error: Content is protected !!