شوكة حوت / ياسر محمد محمود البشر

رمضان فى الهند (١)


تجربة صيام رمضان فى الدول العربية والإسلامية قد لا تختلف كثيرا عن الصيام داخل السودان ولقد عشت تجربة الصوم فى عدد من الدول العربية وقضيت شهر رمضان الماضى بدولة الهند فى مدينة نيودلهى وكنت أسكن فى ضاحية لاج باج نِيِقا كاستوربا 2 ويمكن القول أن هناك عدد مقدر من السودانيين يقطنون بهذه الضاحية معظهم جاءوا بغرض تلقى العلاج بالهند وأول ما وجهناه هو مسألة تحرى الرؤية ومعرفة ثبوت رمضان فى دولة مثل الهند عدد سكانها تجاوز المليار وأربعمائة مليون نسمة بها عدد من الديانات والمعتقدات والآلهة ورغما عن ذلك فإن عدد المسلمين بالهند تجاوز ال٢٠٠ مليون مسلم يؤدون شعائرهم الدينية كما ينبغى لكن إختلاف العادات بيننا وبينهم ولقد إعتمدنا فى تحرى الرؤية على نتيجة مجمع الفقه الإسلامى بالسودان وعندما تم ثبوت رؤية هلال رمضان بالسودان اعلنا نية الصيام مع السودانيين.

ومنذ اليوم الأول للصيام قررت أن أحيى سنة الإفطار الجماعى بضاحية كاستوربا وأخترت حديقة الحى التى تعتبر بمثابة متنفس للهنود وأسرهم واخبرت الأخوان حاتم أحميدى ومهند ود أُكلةوحمو دبيرة بضرورة الإفطار الجماعى وإتفقنا على الحديقة وعند المساء قمنا بفرش (ملايات) الشقق السكنية التى نستأجرها وأحضرنا إفطارنا السودانى عصيدة وقراصة وبليلة وآبرى وواجهتنا مشكلة الآذان لأن أقرب مسجد من المنطقة التى نسكنها مسجد نظام الدين ويبعد حوالى سبعين كيلو متر كنا نؤدى فيه صلاة الجمعة ونشتري اللحم الحلال وأصبحنا نفطر بغياب الشمس نهائيا وبداية الظلام نتناول إفطارنا.

وعند اليوم الثانى وصل عدد الأسر السودانية فى الضراء الذى اقمناه الى ثلاثة عشر أسرة وقمنا بجمع مساهمات فى اليوم الثانى وقمنا بشراء عشرة سجادات (فرشات) ولن ابالغ لو قلت لكم أنه فى اليوم الثالث تجاوز عددنا أربعين صائم سودانى وقد إنضم إلينا بعض اليميين والأفغان وكانوا يحضرون معهم طعامهم وقمنا بدعوة الطلاب السودانيين المقيمين بمنطقة كاستوربا وزاد العدد عندما اقمنا صلاة المغرب وأدينا صلاة التراويح بالحديقة ويمكن القول أن السكان الهنود غير المسلمين كانوا يتفرجون علينا ونحن نؤدى صلاة التروايح ويخفضون اصواتهم وكأنهم يعرفون أننا فى عبادة وكنت إماما فى صلاة التراويح وبعد نهاية صلاة التراويح سألني أحد الهنود الذين يتفرجون علينا هل أنت إلههم فقلت له نحن جميعا عبيدا للإله ونعبد إله واحد هو الله.

وعندما تجاوز عندنا فى اليوم الرابع الخمسين مصلى وزاد توافد الهنود لمشاهدة صلاة التراويح قام بعض السكان بإستدعاء ضابط شرطة برتبة ملازم وأمرنا بعدم أداء صلاة التراويح وفى اليوم الثانى حملنا جوازتنا وذهبنا الى قسم شرطة منطقة كاستوربا واوضحنا لهم أننا مقيمين فى الهند وفق القانون وتم منعنا من قبل الشرطة بعدم ممارسة عباداتنا فى شهر رمضان ونفى الضابط المسؤول هذا التصرف نفيا قاطع بأن تكون هناك أوامر أو تعليمات قد صدرت بهذا الخصوص وسمح لنا بأداء صلاتى المغرب والعشاء مقرونة مع التروايح ووجه العساكر بتوفير حماية لنا أثناء أداء الصلاة وقد كان وفى نهاية الأمر علمنا أن من يقف وراء إحضار البوليس هو صاحب البقالة التى يشترى منها السودانيين الذين أصبحوا يشترون اغراضهم من بقالة تارون المجاورة للحديقة التى نتناول فيها الإفطار وأثر ذلك على القوة الشرائية للبقالة الأخرى.

نـــــــــــــص شـــــــوكــة

وبعد أن وفرت لنا الشرطة الحماية جاء مسؤول السيخ بالحى وتناول معنا الإفطار وكذلك مسؤول الهندوس وتناول معنا الإفطار وأبدوا إستغرابهم بأن مشروباتنا تخلو من الكحول والخمور وقلنا لهم أن الإسلام قد حرم علينا الخمر المهم فى الأمر انهم إستطعموا الطعام السودانى وشد إنتباههم مشروب الآبرى.

ربــــــــــع شـــــــوكـة

يعجبنى فى السودانيين أن الغربة تصنع منهم مجتمع متماسك ولو تعاملوا داخل السودان كما يتعاملون خارجه لعبروا ولإنتصروا.

  ونواصل 

اترك رد

error: Content is protected !!