ليمانيات / د. إدريس ليمان

رسالة من تحت الماء ..!!


تعيش بلادنا هذه الأيام مخاض ميلادٍ جديد خالٍ من مظاهر الفوضى الأمنية وإنبعاث عاصمتنا المُثَلَّثَة من رمادها وحطامها كطائر الفينيق الأُسطورى بعد أن خرَجَتْ علينا الفئة الباغية بمنتهى الإنتهازية والعنجهية والقهر فأصابت مدينتنا فى مقتل وأمطرت عليها مطر السَوءِ وأنشأت الأوحال ودَكَّت حصون الكرامة والقيم المجتمعية الأصيلة لأهل السودان متلذذة برؤية قوافل البؤس والنزوح .. وخرج علينا قائدهم وأشقاهم صبيحة ذلك اليوم صارخاً فى الفضائيات بصوتٍ ملؤه اللؤم والشؤم مهدداً ومتوعداً وعارضاً نفسه فى سوق النخاسة السياسية ، ليحصد زرعه الذى غرسه بالأصفر العامر والأخدر البِتحَرَّن ويظفر بدعم الطامعين الذين أعمتْ العطايا والهِبَاتْ بصائرهم ، ونسى لجهله وغبائه السياسى أنَّ من أراد زعامةً سياسية ووجاهةً قبلية ورئاسة الناس عليه الاَّ يبحث عنها تحت ظلال السيوف ودَوِّى المدافع بل عليه التَخَلُّقُ بأخلاق النبلاء كرماً وتواضعاً وإيثاراً ، وأن يكون بلسماً يداوى جِراحات المجتمع ويُضئُ له المصابيح كُلما إشتَدَّ الظلام وتفاقمت الأزمات ، لا أن يسلبهم أرواحهم ويصادر حُرياتهم وينهب ممتلكاتهم ويعبث بأعراضهم ويُهين كرامتهم ويطردهم من ديارهم ، وبعد كُلُّ ذلك يُبشرنا بالديمقراطية المُفترى عليها .. وهاهم من تَبَقَّى من جُنده ومرتزقته لايجدون اليوم بعد هلاكه وهلاك قادته سلاحاً أمضى مِنْ بَثْ الدِعاية المُغرِضة فى مواقعهم الإلكترونية وخلط الحقائق كى ينتشر الإحباط واليأس بين الناس فتنهار هِممهم ويفقدون الإتجاه الصحيح ويعجزون عن التمييز بين الحق والباطل ، ولم يجدوا سنداً جماهيرياً إلاَّ من جماعة اللصوص والهاربين من السجون المستندين على بندقية التمرد ، الذين قويت شوكتهم وصار سيفهم ماضٍ وإستمرأوا تنغيص أمن المواطن المسالم الأعزل ، وبلغت بهم الجرأة والجسارة الكذوب والإستهتار بالأمن عودتهم لذات المنازل التى يتم نهبها ليتم نهبها مرةً وأخرى ..
وها هو المسرح السياسى والمجتمعى والأمني مُهيأٌ الآن أكثر من أى وقتٍ مضى والحرب فى طريقها للإنتهاء .. لصالح التكاتف والتكامل والتكافل بين جميع أهل السودان وليس للتنافر وعدم الإلفة ، حتى نُوَرِّثْ أجيالنا اللاحقة كُلَّ معانى الوطنية الحَقَّة لتكون دافعاً للإستقرار والإزدهار ولانُوَرِّثَهم طريقاً ملؤه الألغام والأشواك .. ويقينى التام أن الشرطة سترتقي بعملها الأمنى لمواجهة الجريمة التى إزدادت حِدَّةً وشراسة مع الحرب ، لأنها هى المسؤولة عن أمن المواطن الداخلى ، فإن أرادت رجوع الألق القديم لعينها الساهرة ويدها الأمينة وإسترجاع هيبتها المفقودة فعليها القيام بعمليات أمنية نوعية قتالية لاسيما بعد بيان النصر العظيم الذى نترقبه جميعاً ، من أجل كسر شوكة أولئك المجرمين الذين ألفوا سلب أموال الناس بمنتهى السهولة والطمأنينة .. وأنَّ تراجعهم وإفطامهم عن أفعالهم الإجرامية وجرأتهم على تحدى الدولة والمجتمع ليس أمراً سهلاً بل يجب أن يكون بقوة القانون وبقوة الأمر الواقع .. فيا سيِّدى مدير عام قوات الشرطة والمكلف بمهام وصلاحيات وزير الداخلية إنها مسئولية عظيمة تلك التى أُلقيت على عاتقكم ، فقد حُمِّلتُم أمانة عظيمة ستُسألون عنها يوم لا ينفع مالٌ ولابنون ، فأنت مسئول عن القيام بواجب الأمن ورعاية منسوبيك بالعدل .. فيا سيِّدى إنها أتتك طائعة ولا تأتى لكل الناس طوعاً ، فإستخدمها لإقامة الحق والعدل وتَقويض البُنى التى شيَّدها الظُلمُ والطغيان ، وكَرِّس ما تبقى لك من أيام فى هذه المهنة العظيمة لذلك الغرض النبيل ، وأجعل برنامجك اليومى إحياء قيمة شُرطية مهنية مندثرة وإعلاء شأنها وإماتة بدعة من صنوف الطغيان لتدخل نادى العظماء .. أمَّا رسالتنا الخاصة لك فستكون من تحت الماء .. نسأل الله أن يعينك ويسدد خطاك وأن يحفظ لنا بلادنا وأهلها وجيشنا وشرطتنا من كُلِّ سوء .

اترك رد

error: Content is protected !!