سناء حمد العوض
وانا اجلس مع مجموعة اصدقاء نتابع في لقاء قحت بقيادة عبدالله حمدوك وزعيم مليشيا الجنجويد ، محمد حمدان دقلو. كان في ذلك اللقاء وما تم فيه نهاية لنقاش ساخن ، استمر ساعتين انقسم فيه الحضور بين تقديرين، الاول ان اللقاء سيتم وسيحضر فقط عرمان والهادي ادريس والهادي حجر وابراهيم الميرغني ، الرأي الثاني وكان الاكثر نفيراً .. ان اللقاء لن يتم ، فقحت مهما بلغ بها الخلاف السياسي مع الإسلاميين لكنها تحالف سياسي يسعى لتقديم نفسه كقياده لهذا الشعب ، وهذا الشعب وقعت عليه مظالم غير مسبوقة طرد من بيته وهُجّر من مدنه ونهبت أمواله ومدخراته وانتهكت كراماته وشرفه ،
مهدد في حياته ومصادر رزقه ، مهدد في وجوده كإنسان وكمجتمع وكثقافة ..عشرات الالاف يفترشون الارض ويلتحفون السماء وقد هربوا من الموت مرعوبين فزعين إلى مدن كان عدد القادمين اليها اكبر من طاقاتها السكنية !! كل هذا بتخطيط وفعل مليشيا الدعم السريع بقيادة حميدتي وآل دقلو !!
لا يمكن ان يجازف هولاء بمستقبلهم السياسي ومكانتهم في مجتمعاتهم ، بهكذا لقاء مع من فعل كل ذلك بالسودانيين !! هذا انتحار حقيقي ..
لا يمكن ان يقدموا عليه مهما مورس عليهم من ترغيب وترهيب !!
الكاميرا ..جهيزة العصر ..قطعت كل ذلك النقاش الذي اتضح ان كلا طرفيه كان حسن الظن بأكثر مما ينبغي !!
لقد حضروا جميعهم ! كانت السلام حميميّاً والابتسامات ودودة ، لم يكن الشعب السوداني ولا مأساته ومعاناته حضوراً ، كان الحضور الطاغي هو حظ النفس ، وبؤس النخب ، كانت القسوة في أبهى تجلياتها ، البحث عن الكراسي والسلطة على جماجم الأبرياء وأنين المنتهكات وحزن الذين فقدوا كل شئ !! حرفياً كل شئ ..
كنت أتفرس في وجوه من معي ، وكنا من مشارب عدة ..كان الجامع في تلك الوجوه هو الوجوم والحسرة !! كنا جماعة من الحزانى على بلدٍ يباع بسهولة في سوق النخاسة ، دون ان يطرف لتلك الثلة من النخبة السياسية الموبؤة جفن !!
اطرقت في عزلة شعورية اتأمل المشهد ! اطرح اسئلة لا اجابات لها ، بعض هولاء كانوا اصدقاء لي لسنوات .. هل كانوا دوما بهذا القُبح ام غيّرتهم الحياة !! هي فتنة ! إلا في الفتنة سقطوا ؟ هل يمكن يوماً ان نسقط مثلهم يوماً ..اللهم لا !! انتابتني قشعريرة من الخوف ، فطفقت اسال الله مقلِّب القلوب ان يثبت قلوبنا على دينه ..
ثم انتبهت ان الفتن والشدائد ظلت تحدث في تاريخ البشرية امتحاناً من الله لخلقه، وعبرها يُمحَصُ الناس ..وتُجلى معادنهم ، و فيها تتمايز الصفوف بطريقة لا لبس فيها ، وان الله كلما اقترب امره يجمع الباطل على صعيدٍ واحد فيركمه ، ويجمع اهل الحق على حبل واحد ..يزيده امتحاناً وتمحيصاً فيصطفى الشهداء والشاهدين ..ويسقط من في قلبه دخن !! هذه مرحلة من مراحل التمايز هذه .
قابل نفرٌ غير قليل من ذات المجموعة عدد من السياسيين في دول الجوار قبل فترة ، وحسب حضور لتلك الاجتماعات كانوا يبحثون عن امرين ، الاول ، الضغط على البرهان للرضوخ لاتفاق جديد واتخاذ اجراءات ضد الإسلاميين و الثاني اعادة تطبيع عودة الدعم السريع وقيادته للمشهد السياسي وضمان دور له ، سألت سياسي أفريقيي حكيم قابلوه لم يفعلون ذلك ؟ Dear, those are the political wing’s of the RFS. هولاء هم الجناح السياسي للدعم السريع ، انهم شركاء تماماً .
ما حدث الان انهم اشهروا حلفهم بعد ان ظل منكورا لاعوام وخاصةً بعد الحرب ! اعلم ان بعض عقلاء قحت ظلوا يدعون للحفاظ على مسافة بينهم والمليشيا بحمولاتها الثقيلة ، ويراهنون على انها ستقصى في نهاية المطاف من المشهد السياسي بضغط من المجتمع الدولي، الذي لن يقبل ال دقلو وقاداتهم كجزء من مستقبل العملية السياسية في السودان !
لكنهم تراجعوا ..واصبحوا جزءا من هذا التحالف الدموى الشرير ، لقد انتهى حميدتي وال دقلو وقادتهم ، لقد مزقوا السودان بسبب اطماع رجل واحد .. واستجابة لرغبة دولة واحدة … و مهما طال الزمان وأنفق المال ( …. فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ ۗ …….) ومهما حُشد الجمع .. إلا ان وعد ربنا كان ( سيهزم الجمع ويولون الدبر )… يا لها من نهاية غير مشرفة ..