
هنالك ثمة علاقة بين الطغاة على مَرَّ التأريخ وإن إختلفت أزمانهم ، فكما كانت للقيصر الروسى إيفان الرهيب قوةً خاصة لحمايته وتحقيق أطماعه عبارة عن وحوش بشرية مُجَرَّدة من المشاعر ومن الإنسانية يمتازون بالقسوة وقلوبهم سوداء وملابسهم سوداء وأحصنتهم سوداء يُعلِّقون على صهواتها رؤوساً مقطوعة لكلابٍ سوداء يرهبون بها الناس ويعذبونهم بأساليب مُنكرة لدرجة شواءهم على النار ببطء وتلذذ وهم أحياء .. كانت لإله المليشيا الذى يعبدونه من دون الله كلاباً أكثر سواداً فى قلوبهم وأكثر وحشيةً فى جرائمهم تم إستقدامهم من عمق الصحراء يضعون على رؤوسهم كداميل قذرة يقدسونها كما تُقَدِّس اليهود الكيباه التى يضعونها على مؤخرة رؤوسهم فجميعهم قومٌ بُهت جُبِلوا على الغدر والخيانة .. فكان عدوانهم الذى رأينا على أهل السودان وطردهم من بيوتهم ومحاولة إحتلالهم لأرضهم ..!! ولكن قوة الطغاة وإن عظمت فى أعين البسطاء فهى في الحقيقة ضعفٌ فى نظر الأبطال لأن مغتصبوا النساء وقتلة الابرياء ومعذبوا العُزَّل هم أجبن الناس إلاَّ أمام الضعفاء ، ورأى العالم أجمع فِرار آلتهم العسكرية الضخمة أمام الأبطال من أصحاب الهمم العالية الذين فدوا هذه الأمة وهذه الدولة وهذا الشعب العظيم بدمائهم ، فلم يَمُت من مات منهم حَتفَ أنفه بل ماتوا فى ميدان الكرامة ومضوا إلى ربهم بإذن ربهم شهداء وقد مزقتهم رصاصات الغدر ودانات الراجمات وماتوا تحت ظلال المسيرات وكأن السموأل كان يعنيهم بقوله : ( وَما ماتَ مِنّا سَيِّدٌ حَتفَ أَنفِهِ وَلا طُلَّ مِنّا حَيثُ كانَ قَتيلُ .. تَسيلُ عَلى حَدِّ الظُباتِ نُفوسُنا وَلَيسَت عَلى غَيرِ الظُباتِ تَسيلُ ..!! ) .. ولولا لطف الله بنا وتضحيات أولئك الأبطال الذين نالوا شرف الموت فى ساحات الوغى دفاعاً عن السودان والذَبَّ عن حِياضه لَأفَلَتْ الدولة السودانية ولَزَالت من خارطة الوجود ولإنفرط عقد هذا الشعب العظيم ولكان من سكان المخيمات ..!!
إن هذه الحرب الغشوم التى لم تَنَل إلاَّ من الأبرياء والتى أشعلتها المليشيا كانت تجربة نفسية وإنسانية مدمرة تركت أثراً عميقاً فى أهل السودان سيستمر عقوداً طويلة وينتقل من جيلٍ إلى جيل رغم أن كُتبُ التأريخ لا تعبأ بالألم المستمر عبر الزمن والأجيال ولا تهتم بالأنفس المكلومة ، ولا عن اللحظات الأخيرة بين القَتَلةِ والضحايا .. ولكن أبطال وعظماء هذا الشعب الصابر الذى ظل ينظر من ثُقب الإبرة يرقُبُ الفجر الصادق أرسلوا كل من بَدَّد أمنه وشَتَّت شمله وكان معول هدم لآماله إلى الجحيم .. وفتحت مزبلة التأريخ أبوابها لكل من خان وطنه وباع دينه وضميره لآل دقلو فغضبة الحليم مُرَّةَ المذاق إذا كشفت عن ساق ..!!
ورغم كل ما حدث وبعد أن بدأت بلادنا فى التعافى من جراحات الغدر والخيانة نرى أذيال المليشيا يملأون الوسائط صراخاً بأن الحكومة السودانية تنتهك حقوق الأجانب واللاجئين من دولة جنوب السودان بل وتطبق قانون الوجوه الغريبة المزعوم والذى لا وجود له إلاَّ فى خيالهم المريض رغم علمهم المُنافى للجهل أن إجراءات الترحيل للأجانب الموجودين بشكل غير نظامى أو قانونى تتم بجملة من التدابير والإجراءات التنظيمية لمعالجة هذا الوضع المختل وفقاً للقوانين الوطنية والمعايير الدولية ، فللدولة السودانية الحق الكامل فى تنظيم وضبط حركات الأجانب فوق أراضيها ، فالذى يأتى مستثمراً ويحمل إقامة شرعية ويقدم خدمات مهمة للإقتصاد السودانى قطعاً مُرَحَّبٌ به .. واللاجئ الذى يحمل صفة اللجوء وبطاقتها ويتواجد بمعسكرات اللجوء يتمتع بالحماية الدولية .. أما دون ذلك فهم المستهدفون بهذه الحملة أى من لا إقامة لهم أو اللاجئون الذين يتواجدون خارج معسكرات اللجوء والذى يُعد فعلهم هذا مخالفة صريحة لقانون تنظيم اللجوء لسنة 2014م وللإتفاقيات والمواثيق الدولية .. وهذا الأمر وهذا الحق يكتسب أهميةً متزايدة بعد أن ثبت بالأدلة القاطعة مشاركة بعضهم فى القتال إلى جانب المليشيا الإرهابية .. ونضيف تصحيحاً لبعض الكلمات التى يستخدمها البعض عند حديثه عن نقل اللاجئين من المدن إلى المعسكرات كالطرد أو الإبعاد .. فالسودان دولة محترمة لا تطرد لاجئاً إحتمى بأرضها أو تبعده وتعيده إلى دولته الأصل قسراً إلاَّ إذا إرتكب فعلاً يضر بأمنها الداخلى أو القومي فالدولة السودانية تحترم تعهداتها وإتفاقياتها التى وقعت وصادقت عليها .. فكل الذى يحدث هذه الأيام من نقلٍ وترحيلٍ لللاجئين من مختلف الجنسيات وليس من جنوب السودان إلى معسكرات اللجوء لأن الأصل وفق القانون الدولي والقانون الوطني بقاؤهم بالمعسكرات حتى يتلقوا الدعم الدولي اللازم من مأكل ومأوي وعلاج وحتى يتمتعوا بالحماية المستحقة ما هو إلاَّ إجراء قانوني سليم بل ومن أعمال السيادة أيضاً لأنه يتعلق بالأمن الداخلى والأمن القومى على السواء ، وهذه الإجراءات لنقلهم للمعسكرات تتم وفق إجراءات دقيقة وبسهولة ويسر ( بصات مكيفة مع وجبات شاحنات لنقل الأمتعة وعربة إسعاف بكامل طاقمها الطبى وتأمين من شرطة ولاية الخرطوم) ، وكل ذلك بمشاركة المفوضية السامية لشئون اللاجئين وبشهادتها أيضاً ..!! فكفوا ألسنتكم يا من تريدون لجِدارِ الوطن أن ينهار ..!!
حفظ الله بلادنا وأهلها من كل سوء .
✍🏾 لواء شرطة (م) :
د . إدريس عبدالله ليمان
الجمعة ١٧ أكتوبر ٢٠٢٥م