ليمانيات / د. إدريس ليمان

بين حرائر السودان وهمجية الأحباش

د. إدريس ليمان


ما قام به الجيش الأثيوبى من إعدام سبعة من أفراد قواتنا المسلحة ومعهم أحد مواطنى الفشقة كانوا أسرى لديهم يُعد جريمة حرب مكتملة الأركان وإنتهاكاً صارخاً للقانون الدولى الإنسانى لاسيما إتفاقية چنيف الثالثة بشأن أسرى الحرب ، ونقطة سوداء فى جبين الإنسانية وليست فى جبين الأحباش الذين لايؤمنون أصلاً بقوانين الحرب ولا هُم أهلٌ لها ، فمنذ بدء الصراع بيننا وبينهم يتصرفون كقُطاع طرق ومرتزقة ، مشبعون بثقافة الذبح والقتل والحقد على أهل السودان .. فهذه الجريمة البشعة التى أقدم عليها الجيش الأثيوبى بسحل أولئك الأبطال وعرضهم على مواطنيهم إستفزت مشاعر كل أهل السودان ، فما حدث هو إستهتارٌ بالدم السودانى وسلوكٌ إجرامى متكرر بلغ ذروته فى الإقدام على إرتكاب أعظم الجرائم بحق الإنسانية ، وجريمة تُضاف إلى سلسلة جرائمهم بحق مواطنى تلك المناطق الذين ما فتئوا يمدون أياديهم البيضاء لإخوتهم فى الإنسانية عند لجوئهم إليهم وإستجارتهم بهم ، وتأملوا معى كم هو البون شاسع بين أخلاق أم الحسين تلك الصبيَّة التى تشبعت بقيم أهل السودان وبين أفعال أولئك القوم التى لن تمر مرور الكرام وسيدفعون ثمن ما أقدموا عليه ، فقد حدثنى من أثق فى صدق حديثه أن وفداً أممياً رفيع المستوى كان فى زيارة لإحدى مراكز إستقبال اللاجئين الأثيوبيين لتفقد أحوالهم ومعالجة مشكلاتهم ، وفى ختام زيارته طلب لقاء الأهالى من سكان القُرى المحيطة بالمعسكر وسألهم عن إحتياجاتهم الضرورية وكيفية جبر الضرر الذى أحدثه أولئك المقيمون على أرضهم ، وتحدث شيوخ القرية معددين ما يرونه ضرورياً من خدمات يحتاجونها ، وفى ختام اللقاء إنبرت صبيَّة لايتجاوز عمرها إثنى عشر ربيعاً للحديث بعد أن طلبت الإذن من شيخ القرية بكل أدب البداوة وزينتها وقدمت مرافعة أخلاقية وإنسانية بليغة ، تجاوزت فيها كل مُدوَّنات العهدين الدوليين للحقوق بأنواعها والميثاق العالمى لحقوق الإنسان ، بل والقانون الدولى الإنسانى بأسره ، بفطرتها النقيَّة وسودانيتها الأصيلة ، وقالت فى ما قالت : ( إننا لا نطلب ثمن إستضافتنا لإخوتنا فى الإنسانية وفى الجوار لأن ديننا الحنيف أمرنا بالإحسان إلى الجار ، كما أمرنا بإكرام الضيف وبهما يكتمل الإيمان ، فأهل السودان جُبِلوا على إغاثة الملهوف وتأمين الخائف وإطعام الجائع .. هل تعلمون أيها الحضور الكريم أن أهل هذه القرية والقرى المجاورة عندما سمعوا دوى المدافع وأصوات الإنفجارات عشية الأحداث عند جيراننا شدوا مئزرهم ( وإتحزموا ) وأعدوا للأمر عدته ، وذبحوا شياههم التى يُطعمون حليبها صغارهم ، وطحنوا عجينهم وملأوا قدورهم لحماً ومَرَقَاً ، وما أن تنفَّس الصبح إلاَّ وإمتلأت المنطقة بإخوتنا وهم جوعى متعبين ، فآويناهم وأطعمناهم من جوعٍ وأمنَّاهم من خوف ووقفنا على خدمتهم إمتثالاً لأمر ديننا وإستجابة لأخلاقنا السودانية ..!! وحينها كان المجتمع الدولى الذى تمثلونه بعيداً عن الصدمة الأولى فما ظنكم بنا وأنتم لاتعرفون شيمُنا ..!!؟ فإن كنتم لامحالة فاعلين فالمستشفى وآبار المياه والإنارة وغيرها أولى بالإهتمام من غير سؤال فالحال يغنى عن السؤال ) وحينها تحدرت الدموع وسالت على خدود الأزمة .. فهل ياتُرى سيخرج المجتمع الدولى عن صمته المعيب ويخيِّيب ظننا فيه ويدين هذه الجريمة التى يندى لها جبين الإنسانية أم سيصدق ظننا فيه ..!!؟
نسأل الله أن يحفظ بلادنا وأهلها من كل سوء .

اترك رد

error: Content is protected !!