قضايا وتقارير وحوارات

بعد خسارة مفوضية الشؤون الاجتماعية بالاتحاد الأفريقي: السودان يفقد منصب الأمين العام المساعد بالجامعة العربية .. استمرار سياسات حكومة “قحت” تؤدي لتجفيف الوجود السوداني بالمنظمات الدولية والإقليمية.

جامعة الدول العربية

الرواية الاولى ما

كتب : المحرر الدبلوماسي

قرر اجتماع وزراء خارجية الدول العربية الذي انعقد امس بالقاهرة إختيار جزائري، و عراقي، وقطري لشغل مناصب الأمناء المساعدين لجماعة الدول العربية الثلاثة الشاغرة. ومن بين هذه المواقع منصب الأمين العام المساعد للشؤون الاقتصادية، والذي كان يشغله السوداني د. كمال حسن علي، بعد إصرار حكومة د. عبد الله حمدوك على إقالته، منذ مباشرتها لسلطاتها، وعندما لم تستطع ذلك، رفضت التمديد له في الموقع لفترة ثانية كما هو العرف. ورشحت الحكومة السفير عمر محمد أحمد صديق، المندوب الدائم السابق للسودان في نيويورك، لشغل منصب الأمين العام المساعد بالجامعة، إلا أن وزراء الخارجية العرب لم يختاروه ضمن الأمناء المساعدين.

ربع قرن من الغياب :

السفير كمال حسن علي – تكريم

ويعد د. كمال حسن علي أول سوداني يشغل منصب الأمين العام المساعد للجامعة العربية، منذ أكثر من ربع قرن، حيث كان المرحوم السفير مهدي مصطفى الهادي آخر من شغل منصبا مماثلا وتقاعد منه في بداية التسعينات. وسيشغل الأمناء المساعدون الجدد مناصبهم لفترة 5 سنوات قابلة للتمديد لخمس سنوات أخرى، مما يعني أن السودان لن يستطيع المنافسة على أي من هذه المواقع لفترة العشر سنوات القادمة. وحتى بعد هذه الفترة، ستكون هناك صعوبة لنيل الموقع للتنافس الكبير بين الدول العربية عليها مما يتطلب تدويرها بين الدول الأعضاء وعددهم 22 ولأن السودان أضاع الفرصة بعدم التمديد لشاغل المنصب.

خسارة مفوضية الشؤون الاجتماعية:

السفيرة اميرة الفاضل

ويماثل فقدان السودان لمنصب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية بفعل الحكومة الانتقالية السابقة ما حدث في مفوضية الاتحاد الأفريقي عندما فقد منصب مفوض الشؤون الاجتماعية الذي كانت تشغله السيدة أميرة الفاضل، وكان ممكنا التمديد لها في المنصب حسب العرف وفي ظل التقدير الكبير لها في أوساط المفوضية. إلا أن حكومة حمدوك طلبت إقالة السيدة أميرة الفاضل، وعندما لم يتحقق لها ذلك، انتظرت حتى موعد التمديد لها، وتقدمت بمرشحة بديلة لم تجتاز المرحلة الأولى للترشيح وهي فحص المؤهلات والذي يقوم به بيت خبرة متخصص، وبالتالي ذهب المنصب لدولة بوركينا فاسو. وكانت السيدة أميرة الفاضل أول من ينتخب من السودان لمنصب رفيع بالاتحاد الأفريقي وسابقته منظمة الوحدة الأفريقية التي أسست في 1963.

السعي لإقالة بروفسر الدخيري:

بروفسير ابراهيم الدخيري – المدير العام للمنظمة العربية التنمية الزراعية

وظلت حكومة حمدوك، في ولايتيه الأولى والثانية، تبذل جهود محمومة لإقالة البروفسير إبراهيم آدم الدخيري من منصب المدير العام للمنظمة العربية للتنمية الزراعية، وهو أول من شغل المنصب من السودان رغم أن المنظمة مقرها في الخرطوم. وفي وقت الأوقات أبدت تلك الحكومة عدم ممانعتها في اختيار شخص من دولة عربية أخرى بدلا من بروفسر الدخيري. والمعروف أن بروفسر الدخيري من كبار علماء الزراعة في السودان، وليس سياسيا، وكان يتولى موقع رئيس الهيئة القومية للبحوث الزراعية بود مدني، وشغل منصب وزير الزراعة لشهور في ظل حكومة الإنقاذ.
ولا يعرف ما إذا كانت المساعي من حكومة السودان لإقالته أو عدم التمديد له بعد انتهاء فترته الأولى قد توقفت أم لا.

لجنة التفكيك على الخط:

وفي ذات الاتجاه قامت لجنة التفكيك بفصل سفيرين أحدهما يتولى منصبا رفيعا بمنظمة التعاون الإسلامي، حصل عليه بعد منافسة شخصية حرة قائمة على المؤهلات الأكاديمية والخبرة العملية، وآخر يعمل بمفوضية الاتحاد الأفريقي. ويبدو أن القائمين على أمر اللجنة كانوا يعتقدون أن فصل السفيرين من وزارة الخارجية يعني تلقائيا فقدانهما لوظيفتيهما في المنظمتين الدوليين، وهو أمر غير صحيح ولم يحدث،. لكنه يخالف العرف المتبع في دعم الحكومات لمواطنيها العاملين بالهيئات الدولية، خاصة أن كانوا موظفين لديها، حيث يعتبرون منتدبين لدى هذه المنظمات ويحتفظ لهم بحقوقهم في الترقية وغيرها. ويشار إلي أن السفيرين المعنيين كانوا ضمن من أعادتهم المحكمة القومية العليا للخدمة مؤخرا.
ونبهت مصادر دبلوماسية إلى أن إستمرار نهج حكومة حمدوك في محاربة السودانيين العاملين في المنظمات الدولية التي تعتقد انهم لا يوالون أحزاب قحت هو قصر نظر مريع ومحاولة فجة لتصفية حسابات سياسية وشخصية في بعض الأحيان، وسيؤدي في النهاية، إلى تجفيف الوجود السوداني في الهيئات الدولية.

تعزيز الحضور الدولي في ظل الإنقاذ:

ولفتت النصادر إلى أنه كان من حسنات حكومة الإنقاذ انتباهها إلى أهمية تعزيز الوجود السوداني في المنظمات الدولية واتباع سياسة ذكية في هذا الخصوص، حيث كانت تعرف متى تقدم مرشحين، ومتى تكتفي بالدعم المباشر أو غير المباشر. وذكرت أن كثيرا من خصومها السياسيين اوغير الموالين لها سياسيا استفادوا من هذه السياسة للوصول لمواقع دولية. ففي ظل حكومة الإنقاذ وصل د. كامل الطيب إدريس لمنصب المدير العام لمنظمة الملكية الفكرية العالمية، وهو أعلى منصب ناله سوداني في الأمم المتحدة، بعد دعم غير مباشر منها.. وهو لم يعرف بموالاة الإنقاذ، أن لم يكن خصومها. كما قدمت المرحوم السفير عطا الله حمد بشير ليكون أول مدير تنفيذي للايقاد من السودان، في التسعينات من القرن الماضي، وهو سفير مهني كان محسوبا على خصومها السياسيين. بل إن الإنقاذ قدمت د. عبدا الله حمدوك نفسه مرشحا لمنصب الامين العام لكوميسا، منطقة التجارة الحرة لدول شرق وجنوب أفريقيا، واجري الرئيس المعزول عمر البشير اتصالات مع رصفائه لحشد الدعم له، إلا أن حمدوك لم يحظ بالأصوات اللازمة، كما حدث مع السفير نور الدين ساتي، لمنصب السكرتير التنفيذي لمنظمة المؤتمر الدولي لإقليم البحيرات، والسفير رحمة الله محمد عثمان لمنصب مفوض الشؤون السياسية بالاتحاد الأفريقي والذي ترشح مع السيدة أميرة الفاضل، وخصصت لهما رئاسة الجمهورية طائراتها الرئاسية وجابت أنحاء القارة برسائل من الرئيس وبرفقة وزير الدولة بالخارجية، حيث فازت السيدة أميرة بمنصب مفوض الشؤون الاجتماعية ولم يفز السفير رحمة الله، وسعى وزير الخارجية وقتها بروفسر غندور لتعيينه ممثلا للاتحاد الأفريقي بالصين، ونجح في مسعاه، مثلما نجح في تعيين السفير محمود حسن ممثلا للجامعة العربية بالصين أيضا، وغيرهم كثيرون، ومعظمهم لم يكونوا من الإسلاميين. وكانت وزارة الخارجية تقدم كل دعم ممكن لأي مرشح سوداني لأي منصب دولي بغض النظر عن توجهه السياسي.


ملاحقة السودانيين بالمنظمات الدولية :

ولكنها مؤخرا، وفي ظل حكومة حمدوك، ظلت تلاحق العديد من السودانيين الذين يتولون مناصب قيادية بالمنظمات الدولية لإزاحتهم عنها بدعوي أنهم يتبعون للنظام السابق، دون مراعاة لمصلحة البلاد القومية في تعزيز حضوره الدولي والإقليمي عبر أبنائه في المواقع الدولية. وأوضحت المصادر أنه بينما أن القاعدة كون المرشح لمنصب دولي قد تولى متصبا وزاريا في بلده سيعزز من فرص اختياره، فإنه أصبح في نظر مسؤولي حكومة قحت سببا كافيا لمحاربته وإزاحته من موقعه، وان السودان يجني الآن الثمار المرة لهذه السياسة القاذمة على النظرة الحزبية الضيقة.
وناشدت المصادر وزارة الخارجية أن تراجع ما اتخذته من خطوات في الفترة السابقة حيال شاغلي المواقع الدولية والتي أدت لتراجع الوجود السوداني في المنظمات الدولية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وطالب مجلس السيادة أن يحقق في الأمر َلحناية المصلحة العليا للبلاد.

اترك رد

error: Content is protected !!