حياة عفية/ د نهلة صالح اسماعيل- سكر

اوكسجين

د.نهلة صالح اسماعيل- سكر

يعاني السودان شعبا وأرضا اياما اشدها مرارة وقساوة علي المواطن السوداني في جميع بقاع المعمورة حتي المهاجرين والمقيمين خارج البلاد نجدهم يعانون مع أهلهم ووطنهم ويلات الحرب والحسرة والألم. لم تترك هذه الحرب مواطن سوداني إلا وتسببت في إيذائه وإن إختلفت الأشكال ودرجات مستوي الضرر ؛ النفسي والجسدي والفقد بكل انواعه وأشكاله الكارثية المؤلمة . بتلك التبعات التي تنقص على الأغلبية تفاصيل حياتهم اليومية الجديدة والتي لم يعتادوها قبلا أو يألفوها فأرقت المضاجع ليلا ونهارا . ومن هنا ينشأ الزهج والقلق والخوف نتيجة لإنعكاسات الحرب.
هذه العلامات الغير صحية نحسبها عابرة ونتمنى زوالها بزوال المؤثر إن إستطاع الفرد التحكم في عقله وتدريباته على ذلك حتى نعبر هذه المرحلة الحرجة والحساسة بسلام بقدر المستطاع.
عادة ما ينصح أغلب الخبراء والاطباء النفسيين بعمل جلسة إسترخاء أو ان يقوم الشخص نفسه بعمل تلك الجلسات الخفيفة بنفسه وهي بسيطة جدا وسهلة ، فقط على المرء إعادة ترتيب عملية الشهيق والزفير بصورة دورية، في أي مكان يمكن للشخص ان يقوم بعمل هذه التمرينات وهي اخذ نفس عميق شهيق ومن ثم زفير ببطء عدد من المرات المتواصلة تتراوح بين ٢٠ الي ٣٠ مرة في الجلسة وإن زادت فلا ضرر ويمكنكم القيام بها إذا كنت في عربة او كنبة او آي مكان ويحبذ عند البداية ان يكون الشخص في مكان هادئ حتي يعتاد علي التمرينات وتصبح عملية طبيعية يمكن للشخص ان يمارسها بإعتيادية وفي اي زمان ومكان خصوصا في لحظات التوتر والانفعال قد تفيد كثيرا وذلك بخفض حدة التوتر والإنفعال . حيث أنه من بعض فوائدها أنها تستطيع التقليل من مستويات هورمونات التوتر
وتقلل من شد العضلات كما تفيد جدا في عملية النوم وذلك بعد الإعتياد عليها وممارستها بصورة دورية خلال اليوم .
في اثناء عملية الإسترخاء يجب تمرين العقل علي التفكير في شئ واحد سواء متابعة عملية الشهيق والزفير أو تكرار رقم أو صورة أو منظر ..الخ .

هذه العملية وتكرارها والمداومة عليها تساعد في راحة العقل من عملية التفكير المتواصل over thinking . وفي احدي التمارين يمكنكم من وضع احدى اليدين منطقة الصدر والأخري أسفل البطن وعند القيام بالتمرين(شهيق / زفير ) محاولة التركيز علي إحدي اليدين دون الأخري مثلا التركيز علي اليد أعلي الصدر حتي تشعر بعدم وجود الاخري أو تلاشي وجودها عند المقارنة باليد المركز عليها ، ثم إعادة التمرين الاسترخاء مرة أخري مع تغير منطقة التركيز وهكذا ، مع المداومة علي مثل هذه التمارين العقلية والإرادية البسيطة ستلاحظ بعض الفرق في عملية التحكم وضبط الافكار خصوصاً ( الإفراط في التفكير ) over thinking
ألامر الذي يحفز من عمل التمرين .ايضا من فوائد الإسترخاء الحفاظ علي مستويات طبيعية للسكر في الدم خفض ضغط الدم إبطاء معدل ضربات القلب .
الخوف من المستقبل من اكثر المشاعر إنتشارا وبالطبع ذلك نتيجة للظروف المفروضة على الفرد وهو التواجد في مكان وظروف مرفوضة تماما بالنسبة له إضافة لعدم القبول والتعود ، في مثل هذه الظروف حاول بقدر الإمكان أن تعيش اليوم واللحظة التي تمر بسلام وكيفية تحقيق قدر من النجاح ولو بسيط على مختلف الاصعدة حتي يكون عونا ودعما للتخفيف بدلا من زيادة الضغط .
التقبل مهم ويلعب دورا كبيرا في مساعدة الناس للخروج حاول أن تتعود علي انماط حياتية جديدة تساعد على التقبل ودون الرجوع للماضى والتحسر عليه أو النظر للمستقبل بتشاؤم ، كل هذه الأشياء لن تغير من الوضع شئ أنت الذي تستطيع فعل التغير لذلك كن قويا ًلصناعة التغير إحترم ذاتك واسعي لأجلها أبعد عن الإنتظار والتشاؤم فلن يزيدا الأمر إلا قلقا و تعقيدا وسوءا . كذلك القلق والترقب الذي قد يترتب عليه كثير من العنف المجتمعي والاسري ، و لكل ذلك نرجو الابتعاد عما يزيد تلك الاثار السالبة ومحاولة اتباع أساليب جديدة للتخفيف من حدتها.
هذا وقد اوجد العالم الامريكي جوزيف وولب خلال الحرب العالمية الثانية برنامجا مساعدا لطريقة التفكير بطريقة مختلفة حتي يتمكن من السيطرة علي المشاعر السلبية المختلفة بدلا عن ازديادها وانتشارها وعادة ما كانت تتضمن تلك البرامج تمارين الإسترخاء .
اما سيجموند فرويد العالم نمساوي و أشهر علماء النفس وجد أن هناك عقلان عقل ذاتي (self) وعقل واقعي (reality) . العقل الذاتي هو عبارة عن عقل طفلي غريزي هوائي مشوش غير مدرك اناني ، اما العقل الواقعي فهو العقل الذي يستطيع أن يميز الأشياء واولوياتها وضرورياتها ..الخ…

في لحظات وظروف معينة -الحروب مثلا – عادة ما يبدأ العقل الذاتي في الظهور ومحاولة السيطرة فهو عقل يحب الأخذ دون العطاء وباساليب سهلة غير مقبولة فينتج تشويش للعقل الواعي العاقل الذي يعقل الأشياء ، لذلك علي الفرد ان ينشط عمل العقل الواعي الواقعي ويحجم من تلك الرغبات المتفلتة الملحة من العقل الذاتي ورغباته الغير مسئولة لذلك دائما ما ننصح بتفعيل انماط سلوكية جديدة مقاومة لسيطرة العقل الذاتي أو العقل الطفل .
نصيحة اخيرة حاول أن تتبع التعليمات وإذا إحتجتم للمذيد يمكنكم الرجوع ل العم قوقل الذي يزخر بكثير من المعلومات لكن يستحسن أن تبدا بالبسيط كما يقول المثل والعامية السودانية الحبيبة ( العافية درجات ) . جميعنا يمر بمنعطفات مصيرية وظروف قاهرة في هذه الفترة لذلك علينا من تغير نمط ما اعتدناه وأن نتدرب علي أنماط سلوكية جديدة في التفكير تناسب وتلائم المرحلة والمتغيرات الجديدة فكل مرحلة لها من الادوات والمتغيرات المختلفة والتي علينا أن نتقبلها بصبر حتى نعتاد عليها إذا ما وجدنا فيها الشفاء والدواء .
وفي البداية والنهاية لا تنسي ذكر الله وأن تقول دوماً ( يا رب ) فحين سألناه الإستعانة :” إياك نعبد وإياك نستعين ” الفاتحة 4 اجابنا “واستعينوا بالصبر والصلاة ” البقرة 45 ، فأصبر وقول يا رب .
دمتم عافية وصحة نفسية

اترك رد

error: Content is protected !!