رؤى وأفكار / د.إبراهيم الصديق

المفاوضات بعيدا عن قرع الطبول!!

د.ابراهيم الصديق

(1)
اربع نقاط مهمة لابد من استحضارها والوقوف عندها قبل إبداء الآراء والإستغراق في الإستنتاجات:
أولا : الواقع الدولي والاقليمى مختلف كليا عن 11 مايو 2023م ، يوم توقيع آخر هدنة بين الجيش ومليشيا الدعم السريع ، هناك تغييرات جوهرية ، بدلت في الإهتمامات والأولويات والاجندة ، ونقصد هنا ما جرى في فلسطين واوكرانيا ، وتحديات كبرى تواجه الإنسانية ، وتراجع اجندة الإستخبارات.. وخلاصة القول ان السودان ليس على راس الأجندة ، ومن أراد التحقق عليه النظر في اخبار وعناوين وسائل الإعلام العالمية الكبرى.
وثانيا : أن المفاوضات تأتي إستكمالا لما تم الإتفاق عليه سابقا ، واول النقاط تنفيذ البنود السابقة ، ولا أعتقد وفد الجيش سيذهب ما لم يطمئن على الجدية في تنفيذ الإلتزامات ، واهمها:

  • حرية حركة المواطنين ومصالحهم وازالة الحواجز ونقاط التفتيش
  • الخروج من منازل المواطنين
  • اخلاء المستسفيات و المراكز الخدمية والوزرات والاعيان العامة.
  • حرية العمل الإنساني والطوعي
  • تحديد معسكر للقوات المتبقية من المليشيا وتقرير مصيرها ..
    وقد اضاف الفريق اول شمس الدين كباشي في تنويره للضباط بوادى سيدنا (عدم الإفلات من العقاب)
    وثالثا: فإن التفاوض لم يتوقف ، هناك إتصالات من اطراف دولية واقليمية وقطاعات داخلية سواء اتفقنا مع ادوارها أو اختلفنا ، كما أن التفاوض درجات من (الندية) إلى الإستسلام..
    ورابعا: فإن للواقع الميداني شروطه وابعاده ، فقد خسر الدعم السريع قادته وقواته وعتاده وعدته وكذلك تراجعت الحاضنة الاجتماعية وتقلص الدعم الاقليمى بالرجال وتقطعت طرق الإمداد ، واكثر من ذلك فإن الراى العام صبر على قسوة المعركة وظل سندا للجيش ، وحتى الحاضنة السياسية بدأت مراجعة حساباتها السياسية وأختارت البحث عن خطاب جديد ومركب جديد ..
    (2)
    الموقف من المفاوضات على تباينه لكنه يعكس حجم الاستقطاب في الشارع السياسي ويبدو الأمر في كلياته هواجس اكثر منه وقائع:
  • هاجس عودة العملية السياسية العقيمة مع تدخلاتها الأجنبية وهذا الأمر ليس من الأجندة المطروحة ، منها جانب إنساني (استوعبه إتفاق جده) وجانب عسكري وامنى – أيضا- ورد في الإتفاق ويمكن النقاش حول المزيد ، دون الخوض في تفاصيله مع اهميتها..
    و هاجس عودة الدعم السريع للميدان مجددا بعد كل الفظائع من الإبادة والجرائم والسلب والنهب والاغتصاب و الإعتقال ، وهذا أكثر الهواجس تأثيرا ، لإن التفاوض قد يعنى الإعتراف بعد إلغاء القانون والدعوة لتصنيفه إرهابيا وملاحقة قادته قانونيا..
    و هاجس إستغلال نتائج التفاوض وإبتدار هدنة جديدة لبث روح في المليشيا وإعادة تنظيم صفوفها وإستنفار قوة جديدة وتسريع وصول شحنات أسلحة متوقعة من أكثر من شهر تتضمن طائرات مسيرة وأسلحة ثقيلة أخرى ، وكذلك خلق حالة إحباط بين المواطنين من قسوة النزوح واللجوء وشح الخدمات ، فإن تمكن وفد الجيش الإبتعاد عن منح هدايا الهدن وضمان إستمرار العمل الميداني العسكري دون تأجيل فإن هذا الهاجس يصبح منعدما..
    (3)
    بالتأكيد فإن العودة للتفاوض بقدر محاذيرها ، فإنها مؤشر على تغيير في بعض المواقف ، والبحث عن حل الحد الأدني ، ولم تعد اهداف العملية العسكرية أو الانقلاب ممكنة ، فقد خرج الفريق اول البرهان من القيادة العامة وخرج الفريق اول كباشي والفريق اول ياسر العطا خارجها منذ بداية المعارك وبالتالى فإن هدف (القبض) عليهم كما توعد حميدتي لم يعد ممكنا ، وشعارات إعادة الديمقراطية كذبتها وقائع كثيرة ولم تعد صالحة للترويج ومع الخسائر والإنكسار في صفوف المليشيا ليس هناك خيار سوى وضع السلاح وانتهاء المعركة..
    ومن الواضح أن قوى دولية واقليمية راغبة في إغلاق هذا (الملف) وستضغط الولايات المتحدة الأمريكية لتحقيق ذلك مع أن هذا الخيار يتعارض مع مصالح دول اخري اوربية واقليمية ، ولكنه الخيار المتاح..
    تبقى نقطة اخيرة وهو المسار السياسي ، ومع عدم اختصاص منبر جدة بذلك ، إلا أن اجتهاد القوى في الحضور في المشهد السياسي حق ومتاح ، ولكل دلوه وقدرته ، مهما كانت الفرص ضئيلة ، وعلى قوى الداخل تعزيز وتقوية صفوفها ومبادرتها فلا هدايا مجانية في الفعل السياسي فلا تنتظروا..
    د.ابراهيم الصديق على

اترك رد

error: Content is protected !!