✍️ العميد د.الطاهر ابوهاجة
يعتبر مؤتمر باريس حدث تاريخي ليس في إطار التطور الطبيعي لمسيرة ثورة ديسمبر المجيدة وإنما فى تاريخ السودان .
القضية الأساسية التي كانت محور المؤتمر هي معالجة مشكل الإقتصاد السوداني والعمل على إنعاشه وازدهاره ، ذلك أن الاقتصاد ظل هاجس الحكومات منذ عهد بعيد ، والحق يقال أن وجود قيادتي السيادي والوزراء قد رسم صورة معبرة وقوية أظهرت وجود الشقين المدني والعسكري على قلب رجل واحد وهم واحد .
إن التطور الاقتصادي ومعالجاته وخطط تطويره لاتنفصل عن التطور السياسي ، فالعلاقة هنا متلازمة ، فما قدم من تصورات ورؤى وخلفيات وخارطة طريق لتطوير الاقتصاد في المؤتمر يحتاج إلى عمل سياسى موازي ومتزامن ، يتواءم مع المجهود المبذول فى الجانب الاقتصادي.
إن كنا قد قدمنا مشروعات للطاقة الشمسية والاستثمار وفرص النجاح الزراعي والصناعي وغير ذلك فإننا أيضا نحتاج إلى نقلة وعمل سياسي نوعي ودروس تشرح للناس كيف يتم الانتقال السلس عمليا ، وكيف نؤسس ونطَور مؤسساتنا الديمقراطية.. كيف نمارس الحريات الفكرية والعامة والإعلامية بالشكل الذي يحقق هدفنا الوطني المنشود.. ماهي احتياجاتنا في تأهيل تدريب الشباب والمرأة عبر الجهات التوعوية والتعليمية لتحقيق الممارسة الجيدة للديمقراطية ؟ . كيف نعرف الناس بالديمقراطية ؟, كيف السبيل للدولة المدنية التي تفصل بين السلطات وتكفل الحقوق والواجبات وفقا للمواطنة ؟ ..
ثم هل من الممكن تحقيق التحول دونما إشاعة وبسط ثقافة السلام والتسامح التي هي روح فكرة العدالة الانتقالية.
نحتاج أيضا إلى مزيد من تعزيز الشراكة بين العسكريين والمدنيين ، والحمد لله قد خرج العالم من هذا المؤتمر بذاك الانطباع ، لكن هذه العلاقة في مستويات أخرى صورها الإعلام بصورة غير جميلة إن لم تكن قاتمة ، إذن كيف نحقق الأمن القومي الراسخ القوى ونميز مابين الحكومة والدولة التي تسقط عندها كل الانتماءات .
أخبرني أحد الأصدقاء مسرورا عندما َوجد أفرادا نظاميين يشاركون لجان المقاومة في العمل الاجتماعي والطوعي والخدمي فى القرى والأحياء والمحليات..
جميل أن تنزل الشراكة إلى كل المستويات فهي ليست على مستوى القمة لكنها تغلغل في عمق المجتمع وكل تفاصيليه.
إن الطريق إلى التحول الديمقراطي محفوف بالمخاطر والمكاره لكن صمام امانه هو نبذ التباغض. والعمل على التسامح وتعزيز الشراكة وإبعاد كل مايعيق توقيتها وتماسكها.