الرأي

المدرعات ما بين نصر الله و نصر الدين و صبر ايوب

د. أسامة محمد عبدالرحيم


*للتأريخ و كتبه و وثائقه ان تحدثنا عن الحروب والمعارك و القادة الابطال، الذين رسموا واقعا لأقوامهم و شعوبهم بملاحم من الدم و الفداء و سطروا اسفارا من الحكايا و القصص تستدعى من الذواكر المسطورة او المحفوظة بالصدور.

*و في الدفاع عن المدن و حمايتها من تغول الاعداء و اعتدائهم ظهرت تأريخيا و منذ زمن بعيد افكار الاسوار و الحصون و القلاع نتاج جهد و فكر بشري يجمع بين المطلوب العسكري و الحل الهندسي لمنع هجمات الجيوش او تشكيلاتها القتالية.

*لكن سلاح المدرعات السوداني أبى الا ان يجسد كل ذلك من بسالة و جسارة و تضحية و ينقله (حيا) الى حاضرنا في زمان التطور التقني و التكنولوجي و حداثة الاتصالات و ادوات و وسائل الاعلام و النقل و سيطرة وسائط التواصل الاجتماعي مما يسهل التفاعل و المتابعة و التوثيق و التأمل.

*لقد ظلت جموع السودانيين في كل مكان بالداخل و الخارج مشدودة الى شاشات التلفزة و الهواتف الجوالة تتابع و على مدى ثلاثة ايام صمود جيشها الذي ناوب عنه و مثله اشرف تمثيل ابطال سلاح المدرعات من قادة و جنود و هم يواجهون عدو مرتزق و خائن و عميل تم تجهيزه فكريا و عسكريا بشكل كثيف و انفقت عليه الاموال و التي ما عادت الى اصحابها الا بالحسرة و الخيبة و الغلبة و الانهزام.

*لقد نصر الله ابطالنا بسلاح المدرعات و هو يتولاهم برحمته و عنايته و توفيقه في معركة (سور المدرعات) و يهدهم إلى كل تكتيكات القتال و اساليبه، فينجحون في صد العدو و دحره في ثلاثين محاولة، لكل محاولة جملة من الانساق و موجات الهجوم و التي تكسرت جميعها على اعتاب سور سلاح المدرعات و حصونه، و ينجحون كذلك في الكمن للعدو و استدراجه لحتوفه، و ينجحون في امتلاك المبادأة و المبادرة و الهجوم المضاد و المطاردة و يخلصون من بعد جهد و جهاد الى كسر شوكة العدو و ترويضه و من ثم توريثه جيشا منهارا محطما يلوذ فارا بكل طريق و يحولونه ببراعة من حشد مليشيا اتى راجلا و راكبا يضج بالصياح و الهياج و الغل و الجهل و مدججا بسلاح العمالة و الخيانة فاعادوه بفضل من الله و نصره ارواحا عبرت الي السماء عليها من غضب الله و شعب السودان ما تستحق و تناثرت منهم على الارض ارتال الجثث و الاجساد المتفحمة و المهترئة الاشلاء. و لعله شتان ما بين جيش فوض امره لله و اتصل روحا و وجدانا بالسماء و بين مليشيا متمردة تقوم عقيدتها في القتال على الايمان بالحجبات و التمائم و طلاسم الدجل و الشعوذة و الاعتقاد في القرود.

*ها هو سلاح المدرعات يعيد لمعارك القتال حول الاسوار و الحصون بريقها و القها و يقدم قادته، قادة وايقونات النصر و الكرامة اللواء نصر الدين و صحبه الميامين و لهؤلاء قصة يحفظها التاريخ، مفادها ان اللواء نصر الدين كان اول من اعترض على انتشار قوات الدعم السريع المتمردة حول محيط سور المدرعات في 11 ابريل من العام 2019 بدواعي تأمين الثورة. يومها كان اللواء نصر الدين ببصيرته النفاذة يدرك ان هذه اول خطوات سرقة الثورة و امتطاء صهوتها لاجل اكبر مشروع يهدد الامن القومي السوداني باقامة مملكة ال دقلو و توطين عرب الشتات على انقاض دولة السودان كما قال د. الدرديري في مقالته المشهورة. ثم ان اللواء نصر الدين ظل مدركا لمآلات خطر توسع مليشيا الحنجويد في دولة السودان و ابتزازها لجيشها الوطني فما استكان ينطق بالحق و ينافح بكلمته الشجاعة في وجه السلطان في حدود الانضباط العسكري الذي يزين مهنيته حتى دفع الثمن بمكر من المتمرد حميدتي باحالته للتقاعد، و عله من نعم هذه الحرب الكريهة عودة اللواء نصرالدين للخدمة العسكرية ليمضي من جديد في ايصال رسالته بالحرف و اللسان و اليد حملا للسلاح و زودا عن الوطن و المواطن. *و هاهم اخوة اللواء نصر الدين و صحبه و على هامتهم اللواء ايوب يكتبون بمداد الدم و حبر الروح لوحة الشرف و العز و يصبرون صبر ايوب و يصابرون كلما بلغت القلوب الحناجر و يثبتون و يتقدمون غير هيابين و لا فزعين و من خلفهم رجال رحماء بينهم أشداء على المعتدين، تحرسهم دعوات البسطاء و المساكين و الصالحين من أبناء هذا الشعب الكريم. لقد استمد اللواء ايوب من اسمه الذي ما ذكر الا و تذكر الناس صبر نبي الله ايوب و قدم و جنده ملحمة هي حاضر اليوم و تاريخ الغد العظيم للاجيال القادمة. لقد استطاع جند المدرعات ان يخرجوا قصص البطولة من بطون كتب التاريخ الى الواقع المشاهد في ساحة سلاح المدرعات و محيطها، مستخلصا مركزا كشوربة و مرق في قدح مقدس على مائدة الفداء لذة للشاربين. *ان مسرح العرض و شاشة المشاهدة على رقعة مساحة سلاح المدرعات و ما حولها يجب الا يصرفنا عن الرعاة الرسميين للحرب في عواصم العالم المختلفة، بكل مستويات رعايتهم الماسية و الذهبية و البرونزية و من تحتهم ذيول العمالة و السنته من العارضين المحليين شخوصا و كيانات مسلوبة الارادة وعديمة الرؤى و الوطنية و الذين كانوا يجهزون و ينتظرون سقوط المدرعات و انكسار سورها و اجتياحه ليخلو لهم وجه السودان و جيشه، فباؤوا بالفشل و الهزيمة و الخذلان. فرق كبير بين ان يرعاك الله رب العزة و النصر و بين ان يرعاك سلطان او نظام ينزعه الله ممن يشاء ويؤتيه من يشاء.

*ان هؤلاء نعرفهم و يعرفهم الان كل الشعب في لحن ما تقوله و تسطره منشورات صفحاتهم علي الفيس بوك و لافتات لا للحرب المحمولة في كل منصة و الغير محائدة في اصلها و حقيقة امرها، المنحازة بلا حياء، المرفوعة كلمة للحق و يراد بها الباطل مسارا للعودة علي حطام جيش وطني سيطول انتظارهم حتى يرون اشلاءه. اعتقد ان الخونة من القوى المدنية المتحورة سياسيا في مواقفها و مسمياتها و المتماهية مع كل ما يوصلها لكراسي السلطة و ديوان الحكم قد ذرفوا الدموع في كل الفنادق و العواصم الضرار حيث يقيمون و استخدموا اوزانا من المناديل المبللة و الجافة و مسحوا بها ما سال على الخدود و بكوا اكثر مما بكى امهات و زوجات و اهل و اقارب الذين هلكوا علي اسوار المدرعات لفشل المخطط و طول الانتظار و ضياع الاهداف و خيبة الامل.و ختاما نقول بكل ايمان لمن ينتظرون سقوط المدرعات سيطول انتظاركم باذن الله تعالى، عذرا لقد اخطأتم العنوان.

تعليقان

اترك رد

error: Content is protected !!