كلام صريح / سمية سيد

القيامة لازم تقوم

سمية سيد



الرد الذي جاء من أسرة الشهيد المناضل دكتور خليل إبراهيم على إجراءات وزارة المالية بإعفاء الأرضيات لسيارة ابنها أواب، لم يكن مستغرباً من أسرة ظلت تحمل قناعات لم تتزحزح حتى بعد أن دخلت العدل والمساواة عملية التسوية السياسية بعد ثورة ديسمبر.
ظللنا نتابع أبناء د. خليل من خلال ما يكتبونه على صفحاتهم الشخصية، مما يؤكد استمرارهم على نهج مبادئ والدهم عليه الرحمة. لذلك جاء خطاب الأسرة داحضاً لتبريرات تمييز ابنهم أواب.
رد الأسرة في اعتقادي أدخل وزارة المالية من الوزير جبريل أبراهيم وكل الموظفين الذين مرروا الإجراء، سواء إلى هيئة الموانئ البحرية أو إلى وحدة حسابات ميناء عثمان دقنة بإعفاء عربة السيد أواب من رسوم الأرضيات البالغة (562) ألف جنيه في حرج بالغ.
خطاب أسرة أواب ذكر بكل وضوح أن ما قامت به وزارة المالية يعد بحكم المعلوم تجاوزاً، ورفضت أي تمييز لها من قبل حركة العدل والمساواة.
بهذا البيان تكون أسرة د. خليل أخلت مسؤوليتها من شبهة تجاوزات سواء من وزارة المالية أو من حركة العدل والمساوة، وأثبتت أمام الرأي العام، ووفقاً لبيانها المنشور، أنها تساند حق المساءلة والشفافية والمحاسبة والمساواة.. (المسؤول فيها خادم لدى الشعب وحافظ لحقوقه، والمواطن هو السيد).. يا له من درس في الأخلاق.
تبقى على وزير المالية أن يوضح للرأي العام لماذا اتخذ هذا الأجراء دون أن يتقدم نجل د. خليل بطلب إعفاء؟ بل إنه علم به من الأسافير، فأدخل نفسه كمسؤول وأيضاً أسرة أخيه في مواجهة غير كريمة مع الشعب السوداني، الذي يغالب في البحث عن لقمة العيش فيما يفكر هو في توفير سبل رغد العيش لرفقاء النضال.
ليس إعفاء سيارة أواب خليل إبراهيم وحدها تحتاج إلى توضيح، بل ما ظهر بعده من خطابات إعفاء عم الأسافير (إن صح) يعد كارثة على البلاد.. وأعني به الخطاب المتداول الآن بإعفاء مئات العربات والمتعلقات والأثاثات بعدد مئات الحاويات لأعضاء الجبهة الثورية. فمهما كانت الأسباب فهي غير مبررة في ظل الظروف الحالية والمعاناة الاقتصادية وشح الموارد.
هناك من شرع في الدفاع عن هذا السلوك وربطه بتوفيق أوضاع أطراف السلام في اتفاق جوبا.. إذا كان ذلك، فالسؤال ما الذي تم تنفيذه من اتفاقية جوبا حتى الآن؟ نعم اتفاقية جوبا كان لها دور كبير في دخول معظم الحركات المسلحة في العملية السلمية، لكن ما تم إنجازه على الأرض صفر كبير، لجهة استقرار النازحين أصحاب المصلحة.. وهو ما يجعلنا نسأل عن أهمية توفيق أوضاع قيادات اتفاق جوبا قبل توفيق أوضاع المواطنين المتأثرين بالحرب.
مواطنو دارفور الذين شردتهم الحرب عن موطنهم ومصادر رزقهم وحولتهم إلى متلقي الإغاثات والإعانات من منظمات الإغاثة الدولية، وجعلتهم يتصدرون أخبار القنوات والصحف العالمية، هم الأحق بأي مليم لإعادة ما دمرته الحرب.. هم في حاجة للصحة والتعليم ومياه الشرب النظيفة، ولا تهمهم أي امتيازات شخصية لقيادات اختارت أن تدافع عن حقوقهم وتفاوض باسمهم، وتتلقى الحوافز على أكتافهم.
القيادي بحركة العدل والمساواة إبراهيم الماظ في تصريح نقلته إحدى الصحف هاجم المنتقدين لقرار إعفاء سيارة أواب خليل إبراهيم، واتهم جهات لم يسمها بأنها ظلت تعمل على التشهير بالحركة، وذكر أن وزير المالية د. جبريل إبراهيم مستهدف، وأنه يعمل في ظروف استثنائية، ودولة معطلة بلا إنتاج، وقال هناك من يحفر للوزير، وأضاف: “هل إذا تم إعفاء لعربة واحدة يعني القيامة تقوم؟”
قد يكون هنالك من يعمل على تشويه الحركة.. ومن يعمل على الحفر للوزير، لأن قتل الشخصية وتشويه السمعة أصبح مما نقرأه ونسمع عنه بصورة يومية تجاه المسؤولين والقيادات السياسية، لكن هذا لا يعني أن أي انتقاد لسياسات وإجراءات الوزراء والمسؤولين يدخل في باب الاستهداف الشخصي، كما أنه ليس كل من يحاول إبراز الأخطاء في العمل العام له مصلحة شخصية.. فكان الأجدى أن يأتي السيد الماظ بتبرير مقنع بعيداً عن نظرية المؤامرة.
نتفق مع القيادي الماظ بأن وزير المالية يعمل في ظروف استثنائية وفي دولة بلا موارد وبلا إنتاج، لكن هذا الوضع يجب أن يكون سبباً كافياً لإيقاف أي استثناءات مهما كانت التبريرات والمسوقات.. لأن أي إهدار للموارد كفيل أن تقوم القيامة بسببه.

اترك رد

error: Content is protected !!