من هنا وهناك / أيمن مزمل

الصبااااااح رباااااح


أيمن مزمل

مع اشراقة شمس يوم جديد في الخرطوم، وانت تنوي التوجه إلى اي مركز خدمة حكومي، لابد انك تحمل (ملف) شديد الضخامة، به جميع الاوراق المحتمل ان يتم طلبها منك، وكذا تلك التي لن تطلب ابداً، فتأخذها على سبيل الاحتياط، مثل بطاقة الجنسية، البطاقة الشخصية، شهادة الميلاد، ورقة من اللجنة الشعبية بالحي، شهادة وفاة جدك السابع عشر، اثبات اداء الخدمة الوطنية، صورة شخصية بخلفية ملونة، صورة شخصية بخلفية بيضاء، صورة زفافك، فاتورة الكهرباء، شهادة مرحلة الاساس، الهدف من الاستيقاظ الباكر هو لإكمال الاجراء قبل الثانية عشر ظهراً، لماذا؟ لانك لاترغب أن تصل الى نافذة دفع الرسوم فيقابلك الموظف بابتسامة متهكمة وهو يحمل شطيرة (فول!! ) في احدى يديه، ويقول وفمه مليء بالطعام (لقد انتهى الزمن كما ترى، هذا مواعيد جرد الخزنة، لابد ان تحضر غداً)،
……………………
في ذلك الصباح، لابد أن تعبث الأيادي بمؤشر الإذاعة يمنة ويسرى في الدابة التي تمتطيها (سيارة خاصة كانت ام حافلة مواصلات عامة)، قبل أن يأتيك ذلك الصوت الملائكي الرقيق، والذي ينبض أملاً وتفائل للإعلامية الشهيرة (سارة محمد عبدالله) في تمام الساعة السابعة الا عشر دقائق، وهي تنطق كلمتها الشهيرة (الصبااااااح ربااااح)، ثم إن الكابلي يبدأ بالغناء بعد ذلك مباشرة (شمس الصباح، والصباح رباح، شمسك ياوطني)،
شمسك ياوطني؟
حقاً؟؟ انه يمزح هل هذه شمس يتغنى بها؟؟ ،(انت تتسائل الآن)، قبل أن تستلم الاستاذة سارة المايك من جديد وتقول عبر الأثير بصوتها (الحبوباتي) الشهير
(شمس الصباح الآن شرقت على الميدان، غمرت السودان بالدفء والاضواء، وشعبنا اب همة شمر غير عِمّة، وعمر الاركان، الآن بدأ وسمى،وبدري اتلمى، وللانتاج همى)،
…………………………….
انت تتسائل في نفسك، هل موظف الخزنة سوداني الجنسية؟ لان انتاجه لاهمة فيه، بل ينتهي عند الثانية عشرة ظهراً، لابد انه وغد كسول من دولة (الواغ واغ) الشقيقة!!!
……………………………………
ثم تكمل الاستاذة سارة بعد ايقاعات موسيقية متحمسة،
الجميع عارف العمل دا رسالة..
سامية ليها جلالة…
والجهود تبذل،
والبخذلنا قول له ما بنخّذل، والبخون وطنه من المفترض يُعذل،
فالوطن أول،
وتاني بعد الآن امره في انضباط، وتاني ما ح يدول،
…………………………………..
الحقيقة أن برنامج (الصباح رباح) من اجمل فقرات الاذاعة السودانية (هنا ام درمان)، والتي استمر زهاء الثمانيه عشر عاماً متواصلة عدا ايام الجمعة، مدة البرنامج عادة بين خمس الى ثماني دقائق، يهدف الى تعزيز التوعية المجتمعية بلغة بسيطة مواكبة لجميع الاحداث، وكذا اضافة الحكم والامثال الشعبية والآراء العقلانية والتي لاتملك الا أن تستحسنها، يقدر عدد مستمعي البرنامج بنحو 30 مليون مستمع، البرنامج من إعداد ابراهيم البوذعي وتسجيل إيمان محمد الحسن، كم نحتاج الى امثال تلك البرامج خاصة في هذه الأيام،
ثم اني اختم مقالي هذا ب (قفلة) البرنامج الشهيرة
(أكان حييين بنتلاقى!!! )

اترك رد

error: Content is protected !!