من هنا وهناك / أيمن مزمل

افرحوا ياناس


ايمن مزمل

في منصة التتويج في الأولمبياد صاحب المركز الأول، الفائز بالميدالية الذهبية عادة ما تغمره الغبطه والسرور، فهو يعتقد في قرارة نفسه أنه يستحق ما وصل إليه، صاحب المركز الثالث، الفائز بالميدالية البرونزية يكون أكثر سعاده، فهو لم يتوقع هذا النجاح بأن يكون في منصة التتويج من الاساس، الوحيد التَعيس في هؤلاء هو صاحب المركز الثاني المتوج بالميدالية الفضية، عادة ما يكون الاكثر إستياءً من بين هؤلاء الاثنين، لانه كان قريب من تحقيق المركز الأول إلا أنه أخفق، في المجمل هو حقق مركزاً متقدماً من المفترض أن يجعله فرِحاً، إلا أن الشعور العام له الحسرة وخيبة الأمل، هذا الشعور السيء يتلبسه نتيجة مقارنة نفسه بصاحب المركز الأول، أتذكرون القصة الفكاهية لصاحبي السجن اللذين صدر بحقهما حكماً بالإعدام، حيث طُلِب منهما أُمنية أخيرة، فأحدهما أراد رؤية (أُمه) لآخر مرة في حياته، بينما قال الآخر (دا ما يشوف أمه!!)، حسداً من عند نفسه!!، الفكرة كلها تكمن في نسبية تفكير الإنسان، فلا قيمة لما يُنجزه او ما إكتسبه إلا بمقارنته مع الآخرين. في دراسة علمية (طريفة)، وُضِعت إحدى الاسئلة على النحو “هل تفضل أن يكون دخلك السنوي 100 الف دولار بينما دخل من هم حولك 200 الف دولار سنوياً؟؟ ام تفضل أن تحصل على 50 الف دولار سنوياً بينما من هم حولك يحصلون على 25 الف دولار سنوي؟”، وجدت نتائج الاستبيان أن 50% من المشاركين فضلوا الحصول على الدخل السنوي الأقل حتى يكونوا افضل من الآخرين!! على طريقة (ديل ما يشوفوا امهاتهم!!)، نمط التفكير هذا يسميه علماء النفس بال counterfactual او طريقة التفكير (كان بإمكاني الحصلول على كذا بمقارنة X من الناس)، المتناقضة مع الواقع، وبالتالي تجعل الإنسان أقل شعوراً بالسعادة بما يحققه من نجاحات صغيرة كانت أم كبيرة، انا مؤمن بمقولة (السعادة قرار)، لايمكننا التحكم في الأحداث الاليمة في الحياة، إلا انه يمكننا التحكم في أنفسنا، المشاعر يمكن أن تتخلق، فتُصدق، فتتحول إلى حقائق بقليل من الحيل النفسية الدفاعية على طريقة (لا تمارضوا فتمرضوا)، افرحوا ياناس بما آتاكم الله من فضله، ولاتقارنوه بما عند غيركم.

اترك رد

error: Content is protected !!