” الرواية الاولى” تعيد نشر بيان علماء ومشايخ السلفيين في السودان حول تدخلات كتائب حفتر ” المدخلية ” في السودان .

بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ
بيانٌ حولَ تَدَخُلاتِ كتائبِ حفتر المدخليةِ في السودانِ
قالَ اللهُ تعالى: «لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنۢ بَيِّنَةٍۢ وَيَحْيَىٰ مَنْ حَىَّ عَنۢ بَيِّنَةٍۢ»
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، ولا عُدوانَ إلا على الظالمين، وأشهدُ ألا إله إلا الله وحدَهُ لا شريكَ له؛ الحقُّ المُبين، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُهُ رسولُهُ الصادقَ الوعد الأمين
أمَّا بعدُ
فهذا بيانٌ توضيحيٌّ علميٌّ، بعدَ الاعتداءِ الآثِمِ الذي قامت بِه بعضُ الكتائبِ الليبيةِ التابعةِ لحفتر، وهي تابعة للفكرِ الربيعيِّ المَدْخلِيِّ، والتي تسمَّت باسمِ السلفيةِ –تدليسًا وتعميةً-، فنقولُ –مُستَمِدِّينَ العونَ والتوفيقَ والتسديدَ، من العزيزِ الحكيمِ الحميد-:
(1) طريقةُ الحزبِ الربيعيِّ في التعاملِ مع اتباعِهِ؛ طريقةٌ أشبهُ بالأوامرِ العسكريةِ التي لا تقبلُ المراجعةَ ولا التلكؤَ في التنفيذِ، وتقومُ على السمعِ المطلقِ لرأسِ الحزبِ وكبيرِ الطائفةِ؛ د/ربيعٍ المدخليِّ، حتى في المسائلِ؛ الاجتهاديةِ والظنيةِ والفقهيةِ، بالإضافةِ لمسائلِ (الجرحِ والتعديلِ) –التي يقومُ جانبٌ كبيرٌ من الفكرِ المدخليِّ عليها-، والتي ينبني على كلامِ د/ربيعٍ؛ الولاءُ والبراءُ، بل وتُصنعُ فِرقٌ يُسميها المداخلةُ، بأسماءِ المخالفين لهم –وإنْ لم يكنْ لهذه الفرقِ؛ أصولٌ تتميزُ بها عن السلفيةِ-، وإنما هو محضُ الافتراءِ والعصبيةِ.
(2) كانت تأثيراتُ الحزبِ الربيعيِّ المدخليِّ في أولِ أمرِهِ؛ تأثيراتٍ (عِلميةً) –وإنْ كان ينقصُها هيبةُ العلمِ، وحُجيتُه وفهمُه وقوتُه-، ولم تكنْ هذه التأثيراتُ؛ مُخابراتيةً صِرفة –كما هو الواقع الآن!-.
(3) كان شِعارُ الحزبِ الربيعيِّ، المرفوعُ في وجوهِ أتباعِه ومقلديهِ؛ «مِنْ السياسةِ؛ ترْكُ السياسةِ»، وكان التطبيقُ العمليُّ؛ بخلافِ هذا الشعارِ تمامًا، بل كانت لهذا الحزبِ ومقلديهِ؛ تدخلاتٌ في الشأنِ السياسيِّ في الدولِ الأخرى –بخلافِ بلادِهم!-، بما يتماشى مع سياسةِ الأنظمةِ الخليجيةِ، وسياسةِ بلادِهم
–حذوَ القُذةِ بالقذةِ-، مع إلزامِ مُقلديهم في تلك الدولِ؛ بِتبني وجهةِ نظرِ بلدِ المداخلةِ، وإنْ كانت مُخالفةً لتوجُهاتِ حكامِ تلك الدولِ.
(4) من ضمنِ شعاراتِ الحزبِ الربيعيِّ –التي ليس لها وجود في الواقعِ!-؛ (البُعدُ عن الفتنِ، والابتعادُ عن الدماءِ والقتالِ بين المسلمين).. وواقعُهم العمليُّ يشهدُ ببطلانِ هذا الشعارِ المُدّعى، ومن أكبرِ الأدلةِ التي كشفت عن زيفِ شعاراتِ هذا الحزبِ؛ ما صرَّحَ به: عبدُ الواحدِ المدخليُّ –أحدُ قياداتِهم-، في تسجيلٍ مُسرّبٍ –أحدثَ ضجةً كبيرةً في أوساطِ مُقلديهم، ومخالفيهم-، صرَّحَ فيه بما يلي:
(أ) صرّحَ بأنَّ لهم مجالسَ شورى، يجتمعُ فيها شيوخُ الحزب، للإفتاءِ في بعضِ المسائلِ الكبرى، بحيثُ تكونُ الفتوى موَحّدةً، لاسيما بعد حدوثِ اضطرابٍ بين مُقلديهم بسببِ تضاربِ الفتاوى الصادرةِ من بعضِ قياداتِ التيارِ الربيعيِّ والحزبِ المدخليِّ.
(ب) وأنه يقومُ بجمعِ ملفاتٍ ومعلوماتٍ تتعلّقُ بالموضوعِ، ومن ثَمَّ؛ عرضها على القياداتِ قبل الاجتماعِ.
(ج) وأثبتَ في التسجيلِ، أن هذه القياداتِ؛ قد أفتت في بعضِ المسائلِ والقضايا التي تتعلقُ بالقتالِ الدائرِ في (سوريا!) و(ليبيا!).
(د) وأنهم استطاعوا إيصالَ تلك الفتاوى=الأوامر، للمقصودين بها، بطريقةٍ آمنةٍ، وهذا أمرٌ هو من شأنِ المخابراتِ والأنظمةِ الحاكمة، وليس من شأنِ الجماعاتِ الدعويةِ، والأحزابِ الدينيةِ!
وهذا كلُّهُ؛ يُبيّنُ مقدارَ التدخلاتِ المخابراتيةِ التي تعبثُ بأفكارِ هذا الحزبِ المدخليِّ.
(5) بدأَ التدخُلُ المدخليُّ في الشأنِ الليبيِّ مُبكرًا –بعد سقوطِ القذافي-، وذلك لعدةِ عوامل:
الأول: رجوعُ مقلدي الحزبِ الربيعي لقياداتِهم، في كلِّ صغيرةِ وكبيرةٍ تخُص بلادَ هؤلاء المقلدين.
الثاني: لا يجرؤُ المقلدون على اتخاذِ أو اختيارِ أيّ رأيٍ يتعلَّقُ بالشأنِ السياسي في بلادِهم، مع أنهم أعلمُ بواقعِهم من غيرِهم، وحتى مَن واتتهُ الجرأةُ على ذلك؛ سرعان ما يتراجعُ عن اختيارِه، إلى اختياراتِ الحزب المدخلي وقياداتِه.
الثالث: لعِبت المخابراتُ والأنظمةُ الحاكمةُ في بعضِ الدولِ الخليجية؛ دورًا كبيرًا في تبعيةِ المُقلدين للحزبِ، في دولِ شمالِ إفريقية؛ لأوامرِ وتعليماتِ القيادةِ، وحافظت بذلك على وجودِ جالياتٍ خليجية من أهلِ تلك البلاد(!)، تتبعُ للتوجيهات الصادرة من البلادِ الأخرى.
(6) في عامِ 1433 استشارَ بعضُ الليبيين؛ د/ربيعًا في بعضِ ما يتعلَّقُ ببلادِهم من الناحيةِ السياسيةِ –مع التنبيهِ؛ إلى أنَّ ربيعًا المدخليَّ؛ لا يجرؤُ على الكلامِ في سياسةِ بلادِهِ؛ ببنتِ كلمةٍ أو أختِها!-، فكانَ أنْ أفتاهم بقتالِ الحكومةِ الليبيةِ(!) حتى لا يتسلّط على بلادِهم الإخوانيون –زعموا-..
وبعد انتشارِ التسجيلِ، اضطرَ د/ربيعٌ إلى إخراجِ بيانٍ، تراجعَ فيه عن هذه الفتوى، وأمرَ باتلافِ التسجيلِ وعدمِ العملِ به (بيان د/أحمد بازمول الشهير).
ولمَّا كانت الفتوى في حدِّ ذاتِها؛ خطيرة جدًا –على حدِّ تعبير د/أحمد بازمول نفسِه-، وكانت تُخالِفُ أصلًا من أصولِ أهلِ السنةِ الجماعةِ، بعدمِ قتالِ الحاكمِ المسلمِ؛ ما لم يكفُرْ –بِناءً على الإطلاقِ الذي يتبنَّاهُ الحزبُ الربيعيُّ!-؛ اضطرَ د/بازمول مرةً أخرى، إلى إصدارِ بيانٍ آخر إلحاقيٍّ بالبيانِ الأول –بعد سبعين يومًا من البيان الأول-، يذكرُ فيه أن التسجيلَ مُدبلجٌ، خروجًا من الحرج الذي سببه لهم التسجيلُ مع مُقلديهم ومخالفيهم أيضًا.
(7) ثم تكرر الإفتاءُ من رأسِ الحزب الربيعي –د/ربيع المدخلي- مرةً أخرى بالقتالِ مع حفتر ضدِّ الحكومةِ الليبية –حكومة طرابلس-، بل وحثَّ أتباعَه المداخلةَ على الوقوفِ تحتَ رايةِ حفتر، حتى تُحمى بنغازي من كيدِ الإخوانيين، وبعدَها ليدخل مع جيشِه إلى طرابلس، لتطهيرِها من القطبيين –زعموا-، وكلُّ ذلك موثَّقٌ من كلامِ د/ربيعٍ، وبعضه في موقعِه الرسمي.
وصرَّح د/ربيعٌ قائلًا: “أنا والسلفيون في العالم؛ نحب حفتر. رأيي معروف، وتأييدي من قبل ومن بعد، وما ازددتُ إلا تأييدًا لحفتر”.
وقد أفشلَ اللهُ مخططَهم بدخول طرابلس، ونجَّى المسلمين الآمنين من شرِّهم، وباء حفتر ومناصروه من المداخلة بالخيبة والخسارة، وتعلَّقت في رقابِهم ورقابِ مَنْ أفتاهم؛ دماءُ المسلمين في طرابلس وغيرها.
(8) وما بين الإفتاء الأولِ، والإفتاء الثاني لـ د/ربيع؛ تكَوّنت مليشيات تابعةٌ لأفكار وتوجيهاتِ د/ربيع، تتبعُ عسكريًا وتنظيميًا لحفتر، وروحيًّا وفكريًّا لربيع. وكان من بينها (كتيبة سبل السلام السلفية!) –والصحيح: المدخلية- التي هاجمت السودانَ، وقوفًا في صفِّ أختِها في الإجرامِ والاعتداءِ والشرِّ؛ مليشيا الدعم السريع.
(9) هذه الكتائبُ والمليشيات؛ سلفيةُ المُسمَّى والشِّعارِ، وخليجيةُ الحقيقة والتمويل والدثارِ، تتخذُ من السلفيةِ ستارًا لتمرير مخططاتِ المخابراتِ والسفاراتِ والأنظمة الحاكمةِ، والتي تسعى كلَّ مسعى إلى عدمِ وصولِ أي فصيلٍ من الإسلاميين، لِسدةِ الحكمِ في أي بلدٍ عربيٍّ أو إسلامي، مع وقوفِهم ودعمِهم وتخطيطهم للأفرادِ و المجموعات والأحزاب العالمانية والليبرالية في هذه الدول. ورُبَّما أغروا بعضَ الجماعاتِ المُنتسبةِ للسلفيةِ، أو الأفرادِ؛ بالوقوف والدعمِ والمساندةِ؛ للعالمانيين لتحكيمِ أفكارهم الكفرية، ورؤاهم الشركية –كما حدثَ في السودان من بعضِ الجماعاتِ، في فترة حكومةِ قحت-.
(10) السلفيّون؛ حقًّا، وأهلُ السنةِ والجماعةِ؛ صِدقًا، لا يتلقون أوامرَ من أنظمةٍ، ولا يخضعون لتخطيطاتِ سفاراتٍ أو مخابرات –تُخالِفُ الحقَّ، وتُضادُ الصوابَ-، فمنهجُ أهلِ السنةِ؛ أعظمُ وأجلُّ وأكبرُ وأعمقُ من أنْ تُديرُه سفارةٌ، أو توجِّهَهُ أنظمةٌ، وعلماؤهُ وأشياخُهُ ودعاتُه؛ أعلمُ وأعقلُ وأحكمُ؛ من تلقي الأوامرِ من الفساقِ الأشرارِ، والزنادقةِ الفُجَّار.
(11) عند قيامِ مليشيا الدعمِ السريعِ المُجرمةُ باعتدائها في السودانِ، كان موقفُ عُلماءِ ومشايخِ ودُعاةِ أهلِ السنةِ والجماعةِ السلفيين؛ واضِحًا من الناحيتينِ العلميةِ والعمليةِ في شأنِ هذه الحرب..
أمَّا من الناحيةِ العلميةِ: فكانت الفتاوى والبحوثُ والخطبُ والمحاضراتُ، تُأصِّلُ وتُبيَّنُ أنْ قتالَ المجاهدين –من الجيش والكتائب المساندة-، للدعمِ السريع؛ جِهادٌ في سبيلِ اللهِ، ودفعٌ في نحرِ العدوِ الصائلِ، وقتالٌ مشروعٌ لرفعِ اعتداءِ المحاربين الصائلين من مليشيا الدعم السريع –أخزاهم اللهُ-، مع ذكرِ الأدلةِ من الكتابِ والسنةِ، وأقوالِ الفقهاءِ والعلماء في هذه النازلةِ.
وأمَّا من الناحية العمليةِ: فقد قامَ أشياخُ ورجالُ وشبابُ السلفيين –كحالِ غالبِ أهل السودان-، بالجهادِ باليدِ والسنان لهذه الفرقةِ المُجرمةِ العاديةِ، ودعوا إلى هذا الجهادِ، وإلى إعانةِ المجاهدين بكلِّ أنواع الدعم والمساندةِ، وهو أمرٌ لا يخفى على كلِّ مُتابعٍ لوقائعِ هذه الحرب.
(12) وقد تبرَّأنا –ديانةً لله، لا خوفًا من أحدٍ، أو رغبةً فيما عند أحدٍ-، من هذا الحزبِ الربيعيِّ وفكرِه وطرائقِه المنحرفةِ، المخالفةِ لمنهجِ السلفِ، منذ زمانٍ طويلٍ –وكتباتُنا ومحاضراتُنا؛ شاهدةٌ على ذلك-، بل وبيَّنا خطورة هذا الفكرِ، على المسلمين في بُلدانِهم.
وكذلك تبرَّأنا من صِنيعِ بعضِ المشايخِ –وهم قِلةٌ-، ممن غلَّبَ جانبَ العصبيةِ القبليةِ، والنعراتِ العنصرية، فوقفَ وقاتل مع مليشيا الدعم السريع.
والحمدُ للهِ، في البدءِ والختام، وصلى اللهُ وسلَّمَ على سيدِنا محمدٍ، خيرِ الأنامِ، وعلى آلِهِ وأصحابِه الكِرام.
السبت 18 من ذي الحجة 1446 يوافقه 14 يونيو 2025
▪️ الموَقِّعون على البيانِ مِنْ عُلماءِ ومشايخِ السلفيينَ في السُّودانِ:
▪️ فضيلة الشيخ/مختار بدري
▪️ فضيلة الشيخ/محمد علي حميدة
▪️ فضيلة الشيخ/مجدي يوسف أبو سفيان
▪️ فضيلة الشيخ د/راشد أبو القاسم
▪️ فضيلة الشيخ/عمر الكنزي
▪️ فضيلة الشيخ د/هاشم جلاب
▪️ فضيلة الشيخ د/محمد أحمد سرور
▪️ فضيلة الشيخ د/عامر محمد علي
▪️ فضيلة الشيخ/عبد الرحمن دياب