الرواية الأولى

نروي لتعرف

رؤى وأفكار / د.إبراهيم الصديق

التفاوض: الإبانة والإرباك

د. إبراهيم الصديق علي



(1)
كشف الفريق اول عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة عن مفهومه للتفاوض والسلام ، وجاء ذلك في مطار الخرطوم امسية 21 اكتوبر 2025م ، وجاءت التصريحات بعد تفقده مطار الخرطوم الذي تم استهدافه بالمسيرات الانتحارية من قبل مليشيا آل دقلو الارهابية..
وورد فى افادات البرهان ما يلي (نرحب بالسلام المبني على الأسس الوطنية الراسخة، و لا نريد لأي مليشي مرتزق أو أي جهة ساندت المليشيا أن يكون لهم أي دور في مستقبل السودان، وهذه مبادئ ينبغي أن تراعى في أي مبادرة تقدم ، وأن موقفنا واضح ولن نحابي أحد بهذا الشأن).. هذه المبادىء الاساسية ويمكن استخلاصها بصورة اخرى:

▪️لا مكان لمليشيا الدعم السريع المتمردة في مستقبل السودان ، ويعيدنا هذا إلى شروط إتفاق جدة (مايو 2023م) ، والقاضية بالخيارات المحددة في جانبها العسكري..
▪️لا يمكن فرض خيار سياسي للشعب السوداني ، وخاصة القوى التى ساندت التمرد ووقفت معه..
▪️ودون ذلك ، فإن الحوار ممكن والنقاش وارد..
(2)
هناك تغبيش كثيف من منصات ومنابر المليشيا المتمردة وبعض القوى السياسية المساندة لهم وخاصة صمود بالحديث عن السلام والتفاوض ووقف الحرب ، وما يطلبونه حقيقة هو الاستسلام وفق اجندة محددة:
▪️عودة المليشيا المجرمة ومرتزقتها لتكون جزءا من الحياة السياسية السودانية وأكثر من ذلك (ضامنة) و(حارسة) للديمقراطية المزعومة ، وهذا مطلب الداعمين الاقليميين ، وكذلك مطمع بعض السياسيين..
▪️سيطرة مجموعة (د.عبدالله حمدوك) على مقاليد السلطة في البلاد مع ابعاد أى طرف آخر ، وتفويضهم بالحكم لفترة انتقالية طويلة ، والقصد الإبتعاد عن أى خيار انتخابي..
▪️فرض وصاية سياسية ، وتحديد (فيتو) للإقصاء والابعاد لأطراف وطنية عديدة وفق دعاوي كثيرة..
وهذه نقاط اهتمام دوائر اقليمية ودولية..
(3)
وظفت منصات ومنابر داعمة للمليشيا المسافة ما بين التفاوض وشروطه أو المبادىء العامة لتصنيفها (رفضاً للحوار والسلام) ، وبقراءة فاحصة فإن هذه المجموعات والتيارات تسعى إلى خلق حالة من البلبلة والإرباك ، و مع تجزئة التصريحات من دلالاتها وسياقها لتبدو أنها مواقف متغيرة وملتبسة ، ومع غياب تفسيرات حكومة أو منصة اعلامية رسمية فاعلة ، فان هذا الاستثمار في المياه العكرة يتسبب في تسميم المناخ السياسي والاجتماعي.. وهذا دأب هذه القوى التى اطلق عليها الامام الصادق المهدي (مجموعات حلقومية)..
وهو أمر ينبغي التصدي له بالتبصير والتنوير..
(4)
ومن المؤكد أن أطراف دولية واقليمية تسهم بقدر أو آخر ، في استمرار الحرب من خلال وسائل متعددة ، ولعل اخطرها:
▪️غض النظر عن المفاتيح الرئيسة في استمرار الحرب ، ومنها الدعم الخارجي بالسلاح والعتاد والاسناد السياسي والاعلامي للمليشيا المجرمة..
▪️الصمت والسكوت على جريمة جلب المرتزقة من دول الجوار ، بل وتسهيل تدفق ذلك من محيط افريقي موبؤ بالمجموعات الارهابية ، ناهيك عن جماعات القتل العابرة للحدود..
▪️الاصرار على جماعة سياسية ونشطاء رغم رفضهم من قبل الشعب السوداني ، وتقاطع توجهاتهم مع طبيعة عامة أهل السودان.. ومقابل ذلك الحديث عن اقصاء آخرين.
(5)
حالة الإرباك في المشهد السياسي مقصودة في حد ذاتها لتعقيد اى نقاش وطني سلس ، ولهذا تتكاثف الدعايات الكاذبة والمضللة ، وهذا ما تنشط فيه فرق متخصصة من نشطاء (صمود) وقيادة حملات كاسدة الفكرة وسخيفة المحتوى..
ولا تنفك تلك الرسائل من أجندة ذات ابعاد اخري ، واهمها مغالبة عودة الحياة الطبيعية ، والفرح بأى خلل في مجال الخدمات العامة ، والترويج للأزمات..
وربما يمكن تفسير وتفكيك بعض تحركات المليشيا المتمردة ومحتوى خطاب هؤلاء..
(6)
وحيال ذلك من الضروري تطوير وتكامل الخطاب الرسمي من خلال سلسلة من التراتيب والخطوات :
▪️أهمية طرح الحكومة برئاسة دكتور كامل ادريس رؤية جامعة للسلام والتفاوض والتعبئة السياسية ووحدة الصف الوطني ، واعتمادها مرجعية للداخل والخارج ، وتؤكد جدية الحكومة في هذا المسار..
▪️تشكيل مجلس السيادة (منصة) محددة للخطاب الاعلامي ، وناطق رسمي معلوم ومعروف ، للتعبير عن الموقف الرسمي ، وتوفير تدفق اعلامي ، وأكثر المواقف المربكة تفبرك من هذا الجانب ، حيناً من السيد مالك عقار واخرى من الفريق اول كباشي ، ونحو ذلك..
▪️وبما أن بعض القوى السياسية والمجتمعية الوطنية سبق وان طرحت رؤيتها للسلام والتفاوض ، وما زالت منخرطة في نقاشات داخلية ، فإن المأمول من القوى والتيارات (الاسلامية) طرح رؤيتها كذلك بوضوح حتى نتجنب حالة الاستقطاب والتجاذب واختطاف الراهن السياسي من وراء اكاذيب رفض السلام..
إن الخيارات الوطنية المتفق عليه:
▪️وحدة السودان وارضه وشعبه..
▪️وان الشعب السوداني وحده من يحدد مستقبله بتفويض واضح..
▪️أن المليشيا المتمردة التى قتلت وسلبت ونهبت لا يمكن التعايش معها..
.. حفظ الله البلاد والعباد

اترك رد

error: Content is protected !!