في الفكر والسياسة / عثمان جلال

ابراهيم الشيخ ولئن تأتي متأخرا خير

عثمان جلال

(1)
(ابراهيم الشيخ أعرض عن هذا) مقال كتبته في ذات قروب صحافسيون يوم 14 أبريل 2019 عندما أراد زعيم المؤتمر السوداني اختزال مشروع الثورة السودانية في ثنائية (نحن صناع الثورة )، والآخرون (هم أعداء الثورة) وقتها كان كل المجتمع السوداني بتنوعه السياسي والفكري والاثني في ميدان الثورة. وقتها اختار المؤتمر الوطني تكليف البروف العقلاني غندور رئيسا له وصرح بأن المعارضة البناءة والحكيمة هي خيارنا، وهذا ينم أن ما جرى يوم 11 أبريل 2019 عملية تغيير راديكالي قادها التيار الإصلاحي داخل النظام السابق بعد التفاف الرئيس السابق البشير على المبادرات الداخلية لإصلاح الحزب الحاكم، ومبادرة الحوار الوطني ونزوعه لاختزالها في التمديد له في انتخابات 2020م، وكان مقالي يصب في ضرورة تعزيز الاستثمار السياسي لفتح ميدان الثورة السودانية ليسع كل قطاعات المجتمع السوداني ، وتمكين التيار الإسلامي الوطني كقوة فكرية ومجتمعية داعمة لمشروع الثورة والتحول الديمقراطي المستدام، وضرورة حقن الشارع الثوري بمصل العقلانية والحكمة بدلا من التعبئة بالطاقات السالبة، لكن ابراهيم الشيخ وقتها اشتنكف المراجعات واختار الشعبوية.

فكانت نتائج ثنائية (نحن صناع الثورة ) (وهم أعداء الثورة) الإقصاء، والعزل وأبلغ تشبيه لها عهد الارهاب حسب ما ذكره الأخ خالد سلك، ثم تطورت الأحداث التراجيدية إلى حد الانقسام العمودي في المجتمع على أساس هوياتي مما نذر بسيناريو التفكك والانهيار الشامل لدولة وأمة هشة لا زالت رهن التشكل والتفاعل.
(2)
لذلك من النواميس الكونية بعد تدجين وإقصاء وعزل الخصم السياسي المتوهم ارتداد العقلية الأحادية الاقصائية على ذاتها فكانت المفاصلة بين قحت المجلس المركزي، والتوافق الوطني، وبين قحت المجلس المركزي والمكون العسكري، وبين قحت المجلس المركزي، والشارع الثوري، وكانت النتيجة النهائية المؤسفة ارتداد ذات الثنائية المضرة على ذاتها لتكون ثنائية داخل ثنائية من توهموا انهم صناع الثورة وهكذا تشظت القوى السياسية الوطنية المنوط بها صناعة المشروع الوطني الديمقراطي المستدام، بينما تسامى المكون العسكري فوق الجميع وأبدع في تقديم الدروس السياسية المجانية لقادة صناع قضايا البناء الوطني الديمقراطي المستدام (امشوا اتفقوا وتوافقوا على إدارة المرحلة الانتقالية وتعالوا نسلمكم السلطة! )
(3).
ومن هنا يجب أن تكون البدايات الواثقة لتحويل خلاصات تجربة الاخ ابراهيم الشيخ لمشروع سياسي قوامه التوافق بين كل القوى السياسية وقطاعات المجتمع على ادارة المرحلة الانتقالية، وقديما قال الشيخ ود بدر القائد عندو ضهر وفي وجه قهر، وبتحمل السهر، وعندو خلق، وايدو طلق، وهذا ما يعرف في الإدارة المعاصرة بالقائد التحويلي، ولعل الأخ ابراهيم الشيخ يملك نواصي هذه الصفات والمهارات والمطلوب منه اعتناق هذه الشعارات والخلاصات وتحويلها إلى رؤية وقيم داخل حزب المؤتمر السوداني، وسياسات في تحالفاته مع القوى السياسية، وثقافة مشاعة وسط الشارع الثوري، وهوادي على اساسها تبنى ركائز قضايا البناء الوطني الديمقراطي المستدام، عندها ستتحول الثنائية المضرة إلى شعار (نحن كلنا أبناء السودان قررنا نبذ الشمولية والاستبداد، والتوافق الاستراتيجي على بناء وسيادة النظام الديمقراطي المستدام).
وإذا كنت ذا رائي فكن ذا عزيمة، فإن فساد الرأئي أن تترددا.
وإذا كانت النفوس كبارا
تعبت في مرادها الأجسام.

اترك رد

error: Content is protected !!