أنت مخطيء!! تعال بنا لننتقل للفترة التاريخية من العام 649 هجرية الى 657 هجرية من عصور الدولة الاسلامية لتشعر انك في أحسن حال. يوميها كانت سنابك خيل هولاكو تستعد لدخول بغداد عاصمة الخلافة العباسية بعد ان اسقطت الدولة الخوارزمية (نحو ايران حالياً) آخر الدويلات الاسلامية التي كانت بالامكان إيقاف الخطر المغولي القادم من الشرق. بغداد اصبح الطريق لها معبدا. الخليفة العباسي المستعصم بالله حينها كان مثال لما يَكتبه المؤرخون عادة في نهايات الدول حينما يتحدثون عن ميل السلاطين الى حياة الدعة والترف والمجون الى غير ذلك من (طقم) متكامل يؤدي الى النهاية المحتومة للدول. في عز استسلامه لقدره المحتوم يحدث سيل ضخم في بغداد يهدم البيوت في صيف 654 هجرية سمي بالسيل المستعصمي. هل ننتقل الى مِصر (المملوكية) حينها؟ بالطبع فقد كان الخطر الصليبي يهدد تلك النواحي. استطاعت (شجرة الدُر) من ادارة معركة ضدهم لايقاف الحملة الصليبية السابعة بعد ان توفى زوجها (المخطط الحقيقي للمعركة). حيث حاولت باقتدار عدم تسريب أمر وفاته حتى تحقق النصر. ماحدث بعدها هو توليها الحكم فجابهتها معارضة شديدة (دينية واجتماعية) (داخلياً وخارجياً) لتولي إمرأة الحُكم. حاولت إعطاء فروض الولاء والطاعة لأمير المؤمنين المستعصم بالله (في بغداد)، علها تجد منه التأييد الروحي (بأعتبار انه أمير المؤمنين). فرفض بل أكثر من هذا كتب الى المماليك في مِصر «إن كانت الرجال قد عدمت عندكم فأعلمونا حتى نسيّر إليكم رجلاً». بالطبع لاعلم لي عن أي الرجال يتحدث؟ هل يقصد اولئك الذين لم يصمدوا امام المغول (لاحقاً) حين دخولهم بغداد؟؟. (ماعلينا!!! ) ماحدث بعدها انها تنازلت عن الحكم (مُكرهه) لعزالدين ايبك وتزوجت منه، وأخذت تدير شؤون البلاد من خلاله. كالمعتاد فقد ضاق بها ذرعاً فحد من نشاطها (بعد أن تمرس بالحكم). ثم انه اخطأ الخطأ القاتل الذي لاُيغتفر (من وجهة نظر كل النساء) حينما أقدم على الزواج عليها فتآمرت شجرة الدُر عليه وقتلته. فتمكن المماليك منها، وقاموا بتسليمها الى زوجة عزالدين ايبك الأولى (الممغوسة) منها بالطبع. فأمرت جواريها – بطريقة (درامية) تستحق أن تُروى على صفحات التاريخ!! – بضربها بالقباقيب (البراطيش) حتى الموت..!!! قبل ان يتم إلقاء (جثمانها) من اعلى سور القلعة وبقيت عدة ايام قبل ان يتم دفنها….!!!
هل نكتفي بهذا؟ لا بالطبع!! .. دعونا ننتقل الى مدينة رسول الله عليه افضل الصلاة والسلام، ففي بدايات العام 654 من الهجرة اهتزت المدينة المنورة بجملة زلازل بلغت ال 14 زلزلة حيث اضطرب المنبر حتى سُمع صوت الحديد واطربت قناديل المسجد. وسمع لسقف المسجد صرير، قبل أن يبدأ انفجار بركاني عظيم من الحرة الشرقية، ظن أهل مدينة رسول الله انهم هالكون لامحالة. الحمم البركانية تدفقت لمدة ثلاثة أشهر قبل ان تتوقف وتهمد دون مقدمات. ليتذكر الناس حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن علامات الساعة والذي من ضمنها خروج نار الحجاز الذي تُضيء لها اعناق الابل (ببُصرى)!!!. وفي نفس العام من شهر رمضان سنة 654 من الهجرة، يحترق مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بحريق هائل بقنديل أحد خدام المسجد اسمه (ابوبكر بن أوحد) حينما كان ينير المخازن في الجهة الشمالية الغربية من المسجد، لتشتعل النار في دقائق وتنتشر في طول المكان وعرضه. هذا الحريق الذي قال عنه ابن الاثير (لقد بقيت عدة سنين مُعْرِضاً عن ذكر هذه الحادثة استعظاماً لها كارها لذكرها). يتنادى الناس لاطفاء الحريق بطرق بدائية فامتد اثرها (بسبب وجود قناديل الاضاءة بالزيت) حتى دمرت المسجد بالكامل الا القبة التي بناها الخليفة أبوالعباس الناصر لدين الله وبها المصحف العثماني ومقتنيات الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة. الفجيعة كانت كبيرة والناس كانوا على آخرهم لايتحملون من مرارات الدنيا المزيد. لكن بالرغم من كل ذلك وفي سنوات قليلة بعدها استطاع المؤمنون من إيقاف الخطر المغولي واعادة بناء مسجد سيد الخلق اجمعين وتلقين الصليبيين دروسا حتى تركوا الديار الإسلامية. فبعد الظلام لابد أن تشرق الشمس من جديد.