
مُنذ أن تَرَكَتْ تلك الكائنات المسعورة حواضنها ومضاربها ومرابض إبلها وتسللت إلى بلادنا كما الحيَّات وتَمَدَّدَت وتوغّلت وتَغَوَّلت على مؤسساتنا السيادية بدأت تسرح وتمرح فى عاصمتنا وتعبث بحياتنا وأمننا وسلمنا المجتمعى ، وأخذت تنشر سراويلها القذرة على شرفات القصر الجمهورى ، وتقدل فى شوارع الخرطوم فى مشاهد إستعراضية إستفزازية وأهلها صامتون يعتصرهم الحزن ويقتلهم الخوف من المجهول الذى ينتظرهم وهم يرون حجم الآليات العسكرية وآلة الدمار ومستوى الجاهزية لتلك الكائنات الغريبة المسعورة والمنعزلة فى أماكنها التى وضِعَت بها لأنها لا تألف الناس ولا يألفها أحدٌ إلى أن تبين لاحقاً أنها لا تعرف إلاَّ الأذى ولاتعشق إلاَّ الخراب ، ولا همَّ لها سوى التَلذُّذ بحصيلة وافرة ومفجعة من الضحايا الأبرياء ، ولا إسهام لهم فى هذه الدُنيا بل إسهامهم دوماً فى وضعٍ حدٍّ لإيَّةِ حياة لأنهم أبناء الموت يُدَمٌّرون الحياة ويصادرون أسبابها ويرون أن جميع الناس طارئون عليها لا ينبغى إستمرارهم فيها حتى لا يُزاحِمونهم عليها ويُنافِسوهم فى الهواء الذى يتنفسونه وفى الشمس التى تُلهبهم بسياطها ولهيبها ..!! وليتهم كانوا يفعلون ذلك مع نظرائهم من المقاتلين الأبطال لكنهم يفعلونه مع النساء والعجزة ومع الأطفال لأنهم ليسوا من البشر ولا يستطيعون مواجهة الرجال ، وهم فى حالة تربص دائم بالضعفاء .. !! فى غدرهم دوماً غباء ، وفى تدبيرهم غباء وفى تخريبهم غباء .. ويستقوون بتمائِمهم دائما ولا يستغنون عنها أبداً ويتخذونها دروعاً ويحرصون على لبسها والتعلّق بها عند كل مجزرة يرتكبونها وكل غدرة يغدرونها ، وذلك لفسادٍ فى عقيدتهم وفسادٍ فى منهجهم وطريقتهم ، ولأمراضٍ فى قلوبهم وأحقاد فى نفوسهم ..!! فهل يا ترى أن قتل النساء والأطفال وسحل الرجال العُزَّل فى معسكر زمزم للنازحين ومن قبله فى ود النورة والسريحة والهلالية والجموعية والقطينة ، وفى مختلف بقاع السودان التى إستهدفتها تلك الكائنات ، وتلك الدماء الحرام التى سالت على جنبات السودان ثمناً يجب أن تدفعه دولة ٥٦ المزعومة لتقديم السودان الجديد كما جاء فى حديث الهالك ثانى الهالك ..!!؟ أم أن الغرض هو إخراج الديمقراطية المُخبأة فى بيوت الصفيح وأعواد القصب وبين الأسمَال البالية والخِرَقْ المُهترئة لميارم زمزم بنات اللذينا اللآئى كُنَّ يُخبئنها فى أكواخهن البائسة ..!!
فما حدث بالأمس فى معسكر زمزم هو إمتدادٌ للمذابح التى ترتكبها المليشيا منذ قيام الحرب وفى العلن دون تَقِيًة أو مواربة طغياناً وتجبُّراً منها وبالسلاح الأمريكاراتى الذى تغتصب به كل يوم إنسانية الإنسان وتدوس به على رقاب الأبرياء وتسوقهم إلى مذابح الصمت المُهين المُخزى .. أولئك المقهورون الغارقون فى وحل المأساة العاجزون عن مجرد الإعتراض .
لقد وجدت تلك الكلاب المسعورة مندوحة من الفعل بإعراض المجتمع الدولى المنافق عن جرائمهم فأثخنوا فى القتل ، فالذى قاموا به من غدرٍ بالضحايا لايوجد حتى فى حياة الغاب ، فالمُفتَرِسات لا تُعِدُّ الكمائن ولا تتربص بفرائسها إلاّ لسدّ حاجتها من الجوع ، فلم نشاهد حيواناً يفتك بحيوانٍ آخر ويُمعن فى إذلاله وإيذائه لأنه يعانى فراغاً أوفشلاً فى الحياة ، ولأنه غير متصالح مع نفسه ..!! أو من أجل المتعة والرقص واللهو كما شاهدنا من أولئك الأوغاد الذين كانوا يرقصون على جثث ضحاياهم ويترنمون بالأهازيج فرحاً بإنتصارهم على المرضى من كبار السن وعلى النساء والأطفال من النازحين المغلوب على أمرهم أصلاً وإخراجهم جوعى حفاةً عراة بعد أن غَنموا منهم بضع قبضاتٍ من دقيق وعدداً من الأغطية تقيهم البرد شتاءًا وتقيهم الحر بوضعها على الفُرجات التى تتسلل منها أشعة الشمس الحارة ، وقِطَعَاً من ملابس رثَّة تَستُر عورة ولا تستر حالاً .. فما أفقر كلاب المليشيا وما أبأسهم وما أحقرهم وما أهونهم على أنفسهم وعلى دواب الأرض .. وتُحدِّثنا مرويّات التأريخ أنّ المسيرة الإنسانية كانت ترى فى الغدر خُسّةً وإنحطاطاً وإنعدام للشرف ، وكان المتقاتلون المتكافؤن يلتزمون بأخلاق الفرسان فلا يُجهِزون على جريحٍ أو امرأة أو طفل ، بل كان يقول أحدهم لنظيره خُذْ حِذرَك فإنّى قاتلك ..!! فالمناظر التى رآها العالم بأسره فى زمزم ومن قبلها فى قرى الجزيرة شرقها وغربها والنيل الأبيض وسنار وغيرها لم تكن إنتصاراً للمليشيا كما تدَّعى بل كانت هزيمة وسقطة أخلاقية فى واقع الأمر ليس لها بل لمن يقف وراء هذا المخطط والمشروع الإستيطانى ، ولبعض القوى السياسية الوطنية التى ترى فى تلك الكلاب المسعورة الأمل وتتوهم ذلك ، ولو كانت تملك عقلاً سياسياً راشداً وذرةً وذرة من وعى بمآلات الأوضاع لتحللوا من هذا الرباط لأنّ البشاعة والدمويّة لتلك الكائنات المُخَنَّثَة قد تجاوزت كل المستويات لاسيما بعد الهزائم التى مُنيَت بها مؤخراً وإزدادت معها شهوتها ونهمتها للدماء .
ورحم الله صدام حسين الذى لم يُظهر الخوف لجلاديه وهم يُعدّون له المقصلة ورد على أحدهم عندما حاول إساءته بقوله : ( هاى هى المَرجَلة ..!!؟ ) وشهد الناس بحسن خاتمته على ما كان منه بترديده للشهادة كآخر كلامٍ له .. ونقول للمليشيا ولكفيلها وسيّدها وولى أمرها ما قاله مغدور العرب والعجم ولكن بعاميتنا : ( دى رجَالتكم مع الرُجَال ..!!؟) .
حفظ الله بلادنا وأهلها من كل سوء .
✍🏼 لواء شرطة (م) :
د . إدريس عبدالله ليمان
الإثنين ١٤ أبريل ٢٠٢٥م