مكي المغربي
هل تذكرون الكوادر السياسية ومحبي البطولات والشتائم والاستعراض في “بيوت البكا” والمناسبات الذين يطيلون لسانهم بالتعميم (كل من أثروا بعد 1989 كيزان أو مستفيدين من كيزان) أو (سرقوا أموال الشعب) أو (كل الناس في الخدمة المدنية أو القوات النظامية كيزان وحرامية أو رضيانين بيهم) أي رجل أعمال كوز حرامي وكل أسرته مستفيدين منه وحرامية زيه، أو بكل صفاقة .. (عامل فيها مغترب لكن كوز حقير وسرق قروش الدولة) أو (الخرطوم والبيوت السمحة دي معظمها كيزان) و …
هذا التوجه الذي دعمته أحزاب ومجموعات ناشطين ومستجدي سياسة تابعين لهم وصاروا يرددون ويتلقفون الشائعات ويستبيحون الكذب والمبالغة والافتراء طالما في سياق نقد الكيزان لأن “الغاية تبرر الوسيلة!”.
هؤلاء هم الذين صنعوا المبررات للجنجويد للقتل والسرقة والاغتصاب، لأنهم جعلوا هذه (الدعاية) هي الأصل في السودان، بل وكلما بالغت فيها وأختلقت فيها قصصا وأكاذيب فأنت وطني نزيه وشريف وتقول الحق، وكلما حاولت نقد هذه الدعاية أو تصحيح المبالغات والشطط أوالنصح بالعقلانية والتثبت فأنت كوز.
وكأنني أرى في هذه الدعاية أيضا الحديث (الذي يكذب الكذبة فتبلغ الآفاق) .. سبحان الله .. فعلا بلغت آفاق الأرض .. يأتي مرتزق من النيجر أو أقصى فجاج الأرض لنهب أموال الكيزان والفلول في السودان بناء على دعاية السودانيين أنفسهم الذين عمت بينهم الكذبة فعم عليهم العذاب باسم الكذبة ذاتها، طالبوا بالتجريف فجائهم التجريف.
وطالما أن هذا العذاب بأيدينا فإنه لا يرفع بقوة السلاح بل بالتوبة أولا من قول الكذب الذي بلغ الآفاق.
هؤلاء، الذين صنعوا الدعاية أو أيدوها، فإن كل ما يحدث حاليا عليهم فيه نصيب من الوزر لأنهم ساعدوا وهيئوا وحرضوا .. الحديث (من أعان على دم امرئ مسلم بشطر كلمة؛ كتب بين عينيه يوم القيامة: آيس من رحمة الله).
لاحظ دقة التعبير النبوي الشريف .. (شطر كلمة) … أي كلمة غير مكتملة .. أي لو حرضت وأوغرت الصدر .. حتى ولو لم تقل كلمة القتل إنت شريك في القتل.
الحل إذن قبل (البل) أو (لا للحرب) .. قبل الجهاد وقبل الحياد .. هو التوبة الشخصية لكل فرد .. أنت أنت يا من تقرأ كلامي وقد شاركت يوما ما في هذه الدعاية تلزمك التوبة من دماء وأعراض المسلمين التي برر القاتل جريمته بما قلته أنت، ونقلته أنت، وفرحت به أنت من كذب وتلفيق، وعليك أن تحسب كم مرة جلست وأطلت لسانك أو بصقت بالكلام التحريضي الجزافي العام أو كتبه في القروبات أو أيدته وصفقت له وضحكت كثيرا لتبكي كثيرا الآن، أو شيطنت من ينتقده، عليك أن تقر بالخطأ في كل مجلس وتعلن التوبة الصريحة منه وتستغفر الله، والله غفور رحيم.
نعم التوبة الصريحة واجبة، لأن الأمر جلل وفيه دماء وأعراض المسلمين.
هذه الحملات صبغت الأدمغة بالدماء والكراهية العامة، وكل من يجلس الآن في ذات المجالس ويصر على التمادي في هذه الحملات عليه أن يحذر من (آيس من رحمة الله) بين عينيه.
وكل من يستفيد من هذا الشرخ في المجتمع ويريد أن تستمر سلطته على (الحياد المغشوش) بين الشعب السوداني وهؤلاء المحرضين الذين اعتمد الجنجويد على دعايتهم في سفك الدماء وهتك الأعراض وسرقة الأموال، عليه أن يحذر من (آيس من رحمة الله).
وكل من يخشى من توبة الناس من ذنبهم في التحريض ويراها مهددا له في كرسيه ولذلك هو يتجاهل الدعاية الجزافية التي حدثت ضد الاسلاميين ويردد ويبرر أنهم يستحقونها ويكابر في الإقرار أنها كانت خطئا وترتبت عليها كوارث .. وكل من يفعل ذلك لأنه أكل السحت من (دولة أو اثنين تؤيدان الدعاية)، أو كل من يظن أن سلطته تستمد قوتها من وجود هذه الدعاية لأن هنالك في الخارج من يستمزج استمرارها، وهو في السلطة يرغب التزين والتبرج له بأنه نظيف الطرف من الانتماء للاسلاميين .. عليه أن يحذر من (آيس من رحمة الله) بين عينيه.
خذوا هذا الأمر بجد .. فالحديث يقول: (وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم).
الكلمة التي تقال في جلسة اجتماعية .. في اجتماع رسمي .. في تعليق في واتساب أو غيره .. في طاولة مفاوضات .. في همس في جلسة خاصة .. حوار تلفزيوني .. اذا طابقت ما تقدم وساهمت في استمرار الدعاية المشتطة التي تحولت الى مبررات للقتل وهتك عروض المسلمات … احذر يا هذا .. أن تقوم يوم القيامة وبين عينيك (آيس من رحمة الله).
أقسم بالله يدخل في هذا الذنب حتى من يغلف الاستمرار والتمادي فيه بالتلبيس والتدليس على شاكلة .. نريد المعتدلين منهم ولا نريد المجاهدين.. ونريد المجهولين منهم ولا نريد الظاهرين .. ونريد الصف الثالث ولا نريد الأول والثاني .. وغير ذلك من الحيل والألاعيب لتبرير الدعاية.
أي تصرف حاليا سوى التوبة المعلنة من تلك الدعاية التحريضية التجريفية .. وأي تصريح يتجاوز الحديث عن خط الحظر القانوني القضائي الوحيد (ما عدا من أدين إدانة قضائية نهائية أمام القضاء السوداني) … أكرر وأحذر .. أي تصريح يتجاوز الحديث عن خط الحظر القانوني القضائي الوحيد (ما عدا من أدين إدانة قضائية نهائية أمام القضاء السوداني) … إلى خطوط أخرى أو تفاهمات مشبوهة مع الخارج .. حتى من الاسلاميين أنفسهم .. كل من يتجاوز هذا فهو شريك في الدعاية التي قتل بها السودانيين واستبيحت أموالهم وعروضهم.
قال الله عز وجل (ومَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ).
ألا هل بلغت .. اللهم فاشهد.