القارئ الجيِّد لصفحات التأريخ الإنسانى يجد أنَّ الإقتتال والعداوة ( بكل طاقتهما الإنفعالية السالبة التى تلغى العقل ومكانته وموافقته لمنطق الأشياء ) بين أبناء المِلَّة الواحدة والدين الواحد والمصير المشترك ، هو دوماً الورقة الرابحة فى أيدى العابثين بالأمن والسلم المجتمعى .. ولمَّا كان السلوك الإنسانى فى معظمه نتاج ظروف سياسية وإجتماعية وإقتصادية وأمنية وثقافية أنتجته تأريخاً وحاضراً .. ولمَّا كان هذا السلوك قابل للتحكم فيه وأعادة ضبطه وإنتاجه وتغييره للأفضل بالسيطرة على مجمل تلك الظروف وإحتوائها ، قدمت مدينة نيالا من خلال منتداها الأسبوعى الثقافى الإجتماعى الفكرى الخدمى ( نيالا كافيه ) تحت شعار : ( نحو مدينةٍ آمنة متحضرة ) والذى يؤمه خلقٌ كثير من أهل المدينة بكامل زينتهم وحرائرهم ، لما فيه من طَرَبٍ وأَدَبٍ وإبتسامة ، فقد إستطاع هذا المنتدى الثقافى أن يرتقى بالخطاب المجتمعى بعيداً عن الولاءات القبلية والجهوية والإثنية المُنبَتَّة والنتنة ، وأن يحارب كل المفاهيم المشوَّهة التى أضرَّتْ بالمجتمع الدارفوري وأقعدته عن المُضِى قُدُماً فى طريق النماء ، ويعمل على تعزيز مفاهيم المواطنة الحَقَّة والدولة العادلة ، ومحاربة خطاب الكراهية وإنتاج خطاب مجتمعى يبشر بالوحدة المجتمعية ويُعلى من قيمة الأمن وينشر ثقافتهما بالموسيقى والغِناء والمسرح الهادف ، فما أحوجنا للثقافة للإرتقاء بسلوكنا فى الطريق العام وإحترام حقوق الغير فيه ، وما أحوجنا إليها للتوعية بمضار الخدرات وما تسببه من دمار للأخلاق والمجتمعات ، فالشرطة تؤمن بدور الثقافة فى العملية الأمنية بمختلف أنواعها وتعتبرها مصدراً مهماً من مصادر تحقيق الأمن والسلم المجتمعى لأن عناصرها تمثل الجوامع المشتركة بين الناس ، وهى مصدر التلاحم والتماسك داخل المجتمع ، ومتى إزداد التلاحم والتماسك فى المجتمع إزدادت حصانته وتماسكه وقدرته على الصمود أمام التحديِّات والأخطار والأزمات التى يتعرض لها .. ومتى إزدادت الحصانة والمِنعَة تحقق الأمن والسلم المجتمعى .. فما يقوم به منتدى نيالا كافيه والقائمين على أمره من دورٍ راشد فى نشر الثقافة والوعى الأمنى والمجتمعى إيماناً منهم بأنها مسئولية أخلاقية تجاه وطنهم ومجتمعهم لمواجهة أية محاولات لإحداث ندوب ونتوءات فى المنظومة الإجتماعية للمجتمع الدارفوري الذى ظلَّ لعقود طويلة حاضنة للتعايش السلمى ومزرعة للقيم والمبادئ .. وهو ذات التطبيع مع المجتمع الذى كانت تأمله الشرطة وتدعو إليه وتسعى لترسيخه .
بورك لأهل نيالا فى منتداهم وشكر الله للقائمين عليه وحفظ بلادنا وأهلها من كل سوء .
الثلاثاء ٧ يونيو ٢٠٢٢م