
من كرامات معركة الكرامة أن إعلان تحرير الخرطوم من المرتزقة يصادف الذكرى السنوية الأولى لإستشهاد البطل محمد صديق بالقرب من مصفاة الجيلى والتى تأتى وبلادنا تتهيأ للجهاد الأكبر ومعركة الإعمار التى نأمل أن يقودها من إبتلاه الله بهذه المسؤولية العظيمة ( رئاسة الحكومة ومجلس الوزراء ) بالحكمة والإقتدار ، وأن يُطهر بلادنا من سؤر الكلاب الضالة المسعورة التى ولغت فى قصعتها ونهشت لحمها بعد تشريد أهلها وبعثرتهم فى كُلِّ وادٍ ..!! فصاروا أضيعَ من الأيتامِ فى مائدة اللئام ..!! وليكن حديثه حسناً وأدائه كاملاً كإسمه .. ولنا معه وقفات فى قادم الأيام إن شاء الله إن كُتِبَ لنا عُمرَاً ومُدَّ فى أيامنا .. وإلى ذلك الحين نقول للشهيد المغدور فى عليائه ولكل شهداء بلادى إن الله قد إقتصَّ لكم فى الدنيا من قَتَلِتكم الذين طغوا فى البلاد فأكثروا فيها الفساد ، وأعيد نشر المقال الذى كُتب فى مثل هذا اليوم من عامٍ مضى تحت عنوان : ( مواقِفْ العِزِّ ميرَاث الكَرَامة ..!! ) يوم أنْ بكى جميع أهل السودان من العجز ومن قهر الأوغاد بعد تلك الإهانة للشهيد قبل إغتياله وباتوا ليلتهم دون أن يغمض لهم جفن من الغيظ .. وجاء فيه :
لا يَزَالُ خَدَّ الوَطَنْ مُتَوَرِّمَاً مِنْ أثَرِ الصَفعةِ واللَطمَة التى تلقاها صبيحة السبت الدَّامى قبل أكثر من عام من المليشيا الإرهابية ، وما أعقَبَ ذلك من نهبٍ وتقتيلٍ وتهجير قسرى بقوة البَطش المُسَلَّح .. وظَلَّت تواصل صفعاتها وإستفزازاتها وخرابها ودمارها للناس والأشياء إلى أن كانت تِلكْ الصفعة واللطمة التى فجَّرَتْ براكين الغضب فى الشعب السودانى يوم السبت الماضى والتى تَلَقَّاها الملايين من أهل بلادى قبل أن يتلَقَّاها الشهيد المغدور ومَنْ معه مِنْ الأبطال ( وكأنِّى بالمليشيا الإرهابية على موعد دائم مع السبت شأن اليهود ) .. ففتحت تلك الصفعة والتى كانت نقطة سوداء فى جبين الحواضِنْ الإجتماعية والقبلية لأولئك الأشقياء ، ونقطة أكثر سواداً فى جبين الشرعة الدولية وأدعياء الديمقراطية ، فتحت وأحدَثَتْ ثقوباً واسعة فى جدار السلم المجتمعى السودانى ..!!
إنَّ شُهداء معركة الكرامة هم شهداء الوطن الذى يَفتَخِر بهم ويَعتَزّ ، فقد ملأوا صفحات التأريخ بمواقِفِ العِزِّ وسقطوا شُهداء بعد أنْ جَسَّدوا حقيقة أهل السودان التى لا يعرِفُها أولئك الأشقياء الذين ظَنُّوا فيهم ضُعفَاً وجُبُنَاً وخَوَرَاً بأنَّ فيهم قُوَّة لو فُعِّلَتْ لَغَيَّرَتْ وجه التأريخ ومجراه ..!!
إنَّ الدولة السودانية فخورة بأبطالها الذين لم يرتضوا لها أن تكون على هامش التاريخ لا يُسَمعُ لها رِكزاً .. !! والذين برهنوا بياناً بالعمل أنهم بِضعٌ مِنْ سودانهم ، وحتى الدماء التى تجرى فى عُروقهم هى وديعةُ الأُمَّة السودانية لديهم متى طَلَبَتها مِنهُم وَجَدتها .. وهم المِجَّنُ الذى تحتمى بهم من قوارع الحرب وتُعَوِّلُ عليهم لبناء السلام .
سيِّدى البرهان إنَّ أولئك الشُجعان على إمتداد أيام الحرب ولياليها لم يبيعوا كرامتهم لعدوهم لأنهم قد أدركوا أن بيعها من أخَسَّ الأعمال وأقبحها ، وهو من أفعال المنافقين وأصحاب النفوس الدنيئة ، ولم يتشبثوا بالدنيا يا سيِّدى لأنهم قد أوقنوا أنّ التشبث بها وهَنَاً فى قَدَرِ الفناءِ المحتوم ، وأنَّ الكرامة فى معركة الكرامة هى الميراث الأصلى لهم ولا خيرَ فى حياةٍ يُضَيِّعُونَ فيها ميراثهم فكان ذلك الشموخ الذى رأيناه ، وذلك الثبات الأسطوري منهم جميعاً .
إنَّ الصفعة التى تلقاها الشهيد البطل ( المُكَّحَلْ بالشَّطَة ) هى لطمة لإنسان السودان فى ماضيه وحاضره وجغرافيته وتأريخه سيِّدى الرئيس ..!! فإذا إنبعث أشقى القوم وكان هو ( الفاعل ) فأنتم يا سيِّدى ( نائباً للفاعل ) بتسببكم فى إستطالة أمد الحرب حتى إمتلأ ( دفتر الجَرورة ) من أمن وأمان أهل السودان ( المفعول بهم ) بالدَينْ بعد أن نفد مخزونهم من الصبر والمال والأمن والأمان وقد دفعوه ثمناً باهظاً لسياسة الحفر بالإبرة فأضحى ( مجروراً ) على بطنه ومصفوعاً على وجهه .
إنَّ أخطر داء يُمكِنْ أنْ تُصابُ به أُمَّةٌ مِنْ الأمم فى كل الأزمان سيِّدى الرئيس هو اليأس والإنكسار الداخلى ..!! ولقد صَبَرَ هذا الشعب الذى تغلى عروقه من أثر الصَفعَة المُذِلَّة على الموت وفقدان الأحبَّة وفقد الأموال من قبل .. وتحَمَّل مآسى التهجير القسري وذُّلَّ النزوح واللجوء ، لكنه لم يستطع إبتلاع تلك الإهانة مِنْ أولئك الأوغاد الذين لا يَعدِلون مجتمعين شِسعِ نَعلِ الشهيد المغدور ورفاقه الميامين .. فأخلع رداء الإنصياع للمجتمع الدولى الإنتهازى المنافق وألبس رداء الإنحياز الكامل لشعبك ومواطنيك الهائمين فى المهاجر سيِّدى الرئيس إلاَّ إذا كُنت تُريدُ أن تُضيف إلى سِجِّل خدمتك الطويلة الممتازة إسترخاصاً لأرواح الشهداء وحياة مواطنيك وأمنهم وأمانهم ومقايضة سيادة البلاد بالكرسى والصولجان ..!! وأُعيذك بالله أن تفعل ..!!
حفظ الله بلادنا وأهلها من كل سوء .
✍🏿 د . إدريس عبدالله ليمان